القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

أطياف الغياب: وسيلة مجاهد - الجزائر


أطياف الغياب:

بعض البشر يمرون خفافا جدا على تفاصيل البقاء، على احتمالات اللقاء، لا يحملون شهادة تثبت أنهم مروا من هنا، طيفهم طيفي، كلما تركوا أثرا في صحراء تائهة سارع القدر والزمن وحتى الكثبان والرياح إلى مسح بقايا العبور وتفانت الأسطورة في نفض غبار الوهم عن تماثيلهم، مقلق وجود هؤلاء الذين لا يتلفظون بأسمائهم بل يكتفون بتحريك شفاه الولادة فقط لتسمح لهم بسف تراتيل السلام، وبإلقاء سلام لا سلام بعده على حجارة الكهف وبطرح أسئلة عن كم لبثوا في هذا العدم، ولادة لاتسمح لهم بالهمس في مزايا النفي مما يستفز الموت فيأتيهم على جناح السرعة ليخطف شعلتهم ويترك من بعدهم لاشيء، ولن يختنق الكون لغيابهم كما لن يشعر بنقص فيه، وحدها ثيابهم ستنموا في خزائن المستحيل والأحذية ستشعر بوطأة الرحيل فتفقد المقاس وتوجع المسافة، مسافة تطول في الغياب، لطالما كانوا هنا وكأنهم هناك، والولادة منذ الأزل استفزاز للموت. أتعبتنا أيها الوجود كلما قرأنا فيك تضاعفت معاني الفراغ وشعرنا بانتفاخ في قصائد الرثاء وكلمات العزاء المتثاقلة، متى نشفى من خدشك واحتمالات البكاء؟ دموعنا المالحة والمتحجرة صنعت منا نسخة عن خنساء أدركت جيدا طعم الفقدان، والحياة لا تكف عن إنجاب صخر لتقتله وتدمينا فنركن للفاجعة تحضننا وتتكفل بتبني ابتسامة نبتسمها زيفا لعدسة تترصد ملامحنا لتصنع منها شهادة وفاة.
وسيلة مجاهد ربما تحتوي الصورة على: ‏‏منظر داخلي‏‏