القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

سلسلة جذور ثقافية "سيرة ذاتية" ليحيى محمد سمونة/ مجلة النبراس

31 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
في مرحلة الدراسة الثانوية، و من بعد درس التلاوة الذي حدثتكم عنه في جامع عمر بن عبد العزيز بحلب، بدأ يتغلغل في أعماق أعماقي حب القرآن الكريم، و بدأت أقبل عليه بشغف شديد و إجلال، فكانت جلسات الحفظ و التلاوة و التجويد و التفسير. و كنت لا أفقه من قواعد اللغة العربية شيئا فجاء من يقول لي إن إقبالك على كتاب الله تعالى يقوي و يضمن لك سلامة اللغة بقواعدها و نحوها و صرفها و معاني مفرداتها، فكان أن اجتمع لدي هذا القول بالاضافة إلى شغفي بكتاب الله تعالى فبدأت بذلك إنطلاقتي في محاولة مني لإستيعاب لغة العرب، و قد تشكلت لدي فكرة مفادها أنه لن يكون على صعيد الأدب العربي ـ بكل مافيه من أشعار و قصص و روايات و خواطر و مقالات ـ لن يكون ثمة إبداع أو تحليق في فضاءات الوعي و الإدراك و الثقافة عموما ما لم تكن البوابة إلى ذلك حصافة في فهم و استيعاب لمفردات لغة العرب و ذلك لما تضمنته من عبقرية فذة و لما احتوته من ألق تهيم به نفس سامعها.
و كم كانت فرحتي عارمة حين بدأت أتحرر من عقدة الخوف من قواعد اللغة العربية حيث تشكلت عندي تلك العقدة يوم كنت في الصف السابع [الأول إعدادي] و كان يومها مدرس المادة يفتقد إلى أبسط مؤهلات و مقومات التدريس ليس من حيث الشهادة بل من حيث المرونة و القدرة على تطويع المادة لتكون سهلة على الأفهام بما يجعل طلاب تلك المرحلة يقبلون على هذه المادة بأريحية و حب و شغف و تعلق بها.
و طبعا لم أكن الوحيد بين الطلاب الذي سئم هذه المادة و بات يمقتها، بل يكاد معظم الطلاب في هذه المرحلة قد تولد لديه النفور من هذه المادة! و سر ذلك ليس في المدرس فحسب بل في نمط وضع مناهج العربية! هذا النمط الذي يفتقد بإطلاق إلى مرونة و ليونة و حيوية و قدرة على تقديم اللغة بطرق متطورة و محببة إلى النفس و أدعى إلى القبول.
أما أنا فقدت جهدت كثيرا في محاولة مني أن أكسر و أتخطى حاجز الخوف من لغة العرب باعتبارها صعبة المنال
ـ و يقال في المثل: المرء عدو لما يجهل ـ
لكنني إذ تجاوزت حاجز الخوف هذا رأيتني و قد غدوت أهييم في ملكوت الكلمة و الحرف و المعنى و أصبحت أرثي لحال العرب أنهم لا يدركون عظمة و رقي وعنفوان وعطاءات هذه اللغة الخالدة
وها أنا ذا أقول: من لا يحسن الإبحار في لغة العرب فلن يكون مثقفا و لن يكون مبدعا أو أديبا فحلا
ـ يحيى محمد سمونة.حلب ـ