القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

44 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية" يكتبها: يحيى محمد سمونة

44 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
في العام [1973] وما تلاه، بدأت ألحظ هوة كانت تتسع شيئا فشيئا ما بين العلم والسلوك الذي بدا عليه أفراد هذه الأمة [المراد بأفراد الأمة أي المواطن العربي بجميع أطيافه ومراتبه ودرجات مسؤولياته] حيث بدأ هذا الفرد يسطر أفعاله ببلاهة و غباء! وبدا الخط البياني لأفعاله يشير إلى تعرجات كثيرة لا استقامة فيها! فبعض العرب ـ وأخص الزعماء منهم ـ راح يخطط ويبرمج وينفذ وفقا لمقتضيات السياسة الرعناء دون العلم! و بعض العرب ـ و أخص بالذكر منهم رواد الثقافة و الأدب ـ قد كان نتاجهم كله يسير وفقا لما تقتضيه مصالحهم، وتلبية لاحتياجاتهم فحسب! ولم يكن نتاجهم يصب في مصلحة الوطن والأمة بحيث يعمل الواحد منهم ـ أي من الأدباء ـ على التكريس لمجتمع العلم والفكر السوي الصحيح السليم الذي يرقى بالأمة ويضعها على عتبة سلم الحضارة!
وبعض العرب ـ وأخص بالذكر منهم رجال المال والاقتصاد ـ فهؤلاء لم يعد يهمهم من قريب أومن بعيد القيم الأخلاقية الفاضلة بل حسبهم تنمية رأس المال بأي طريقة و أسلوب كان! وذلك دون إقامة اعتبار للعلم و الثقافة [بالمناسبة هنا فإن العلم عندي يعني: المصنع الذي ينتج السلوك الحضاري للفرد ويضعه على عتبة بناء متكامل من القوة و المجد، وهذا يعني أن أيما مصنع يضع من قيمة الإنسان وينال من استقراره النفسي والبدني فهو لايقوم على أساس علمي! بل ربما قام على أساس تحطيم الإنسان والقضاء عليه وعلى قدراته ومكتسباته ومنجزاته.
ذات يوم كنا على مقاعد الدراسة وكان مدرس الفيزياء [أ. أحمد. ز] ـ هو رجل خبير ومتمكن جدا من مادته ـ يشرح لنا الدرس الذي يتطلب منا التركيز الشديد وكان يبذل جهدا مضاعفا في الشرح! لكن إذاعة المدرسة التي كانت تقوم عليها لجنة من الشبيبة، كانت تبث بشكل صارخ الأغاني القومية وذلك ابتهاجا بتجديد البيعة للرئيس، لكن أستاذنا القدير هذا كان يصبر ويكابر في صبره بسبب تداخل صوته مع صوت الإذاعة الذي كان يخترق النوافذ والجدران والآذان ويحول دون فهمنا لشرح الأستاذ الذي ما لبث ان فقد صبره وقذف من يده بقوة قطعة طبشور كان يحملها ثم قال موجها كلامه إلى أحد الطلاب قم ياهذا وقل لهؤلاء ال[...] قد قلنا نعم وانتهينا فعلام هذه الضجيج الآن بعد أن قضي الأمر!
لقد كان هذا الموقف وما يحمله من دلالات بالنسبة لنا معشر الطلاب يعني جرأة في
يحيى محمد سمونة. حلب