القائمة الرئيسية

الصفحات

جاري تحميل التدوينات...

فصول العمر/ حارص عمار النقيب

فصول العمر
:::::::::::::::
الشتاء:
********
كنت في أيام الصبا والشباب أذهب للعمل مقابل "خمسة مليمات" من الفجر إلى المغرب، وكان غذاؤنا لبن حامض وبصل وخبز من الذرة والحلبة يسمي "بتاو"، لم نذهب إلى طبيب ابدًا.

أرسلت أمي لخطبة بنت الجيران التي لم أرها مطلقاً، ولكن في كثير من الأحيان كنت المح طرفها ببابهم فأغض الطرف كما علمنا أباءنا.
الربيع:
**********
تم جمع محصول القطن قبل الفيضان؛ حيث كان يغمر الأراضي الزراعية، وتم بيع المحصول وبجزءٍ من ثمنه تم بناء بيت من الطين والجير وفرشة بالحصر وإعداد كل احتياجات الفرح وتم الفرح في جو عائلي على أنغام الطبل البلدي.
لم يكن يوجد عقد زواج في هذه الأيام ولكن كانت كلمة أقوى من العقد وإشهار.
أحلام بسيطة ورضا بالقليل وتشابك عائلي في السراء والضراء.
مذياع يصدح بالقرآن ليل نهار.
الصيف:
**********
عمل وكدا وشقاء وبناء وأحلام وأطفال يذهبون لحفظ القرآن في كتّاب القرية، ومنهم الآن الطبيب والمهندس والضابط والمعلم، يعملون ليل نهار؛ من أجل شقة ومصاريف زواج ولا تكفي بل يظل يسدد في أقساطهما باقي العمر، أزمات لا تنتهي؛ ازمة سكن، ازمة طعام، ازمة مياه نقيه، أزمة علاج، أزمة غش، ازمة ضمير، أزمة ......
أمراض جسدية وأمراض إجتماعية لم تخطر لنا ببال.
لم اعد أرى سوى أبني الأصغر الذي أخاف عليه؛ حيث خطب عدة مرات بدون علمي.
الخريف:
*********
بالأمس ذهبت لزيارة قبر والدي والاطمئنان على الانتهاء من بناء قبري؛ حيث لا يوجد وقت لدى أبنائي لعمل ما كنت أقوم به لوالدي.
ما إن وصلت حتى وجدت أشياء كثيرة سبقتني إلى القبر، وأخرى تسير خلفي من عادات وتقاليد وقيم جميلة، جلست إلى جانب القبر أحدث نفسي:
"كان الله في عون هذا الجيل يريد الحصول على كل شيء ولا يحصل على شيء؛ شاب قلبه قبل رأسه، حتى أيام عمره لا يشعر بها ما بين أجهزة لا اعرف أسمها ولكن تسرق منهم العمر كما يسرق الذباب الأشياء؛ ﴿ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ (الحج/73) "
**********

د. حارص عمّار النقيب - مصر

تعليقات

التنقل السريع