القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

تلاعب الزّمن/ سامية مجاهد

تلاعب الزّمن:
أفكّر في إصلاح الباب المنخلع من مكانه، لا لن أغيّره سأبقي عليه مع تعديل خفيف لأنّه يحمل من الملامح ما أحتاجه لترميم مواجعي، هاهي قاعة الضّيوف بوجهها الشّاحب تستقبلني، يمكنني رؤية الكراسي المصفوفة على الجدار المقابل، الطّاولة التي كنّا نضع عليها الهاتف الأرضي، غرفة أمّي الدّافئة تحتضنني بعد الغياب، طحالب تمرّدت على قسوة الجداريات فأعلنت لنفسها حياة، بقايا الخزانة التي كنّا نتسلقها ونحن صغار حتّى نسرق من سطحها الحلوى التي تخبئها أمّي، مذياع جدي يناديني من الضّفة الأخرى ، يمكنني أن أسمع الأخبار وصوت جدّي وهو يناديني خفّفي من صوتك نريد أن نسمع الأخبار يا فتاه، تنسحب شفتي السفلى نحو الأرض معلنة حالة البكاء، جدّتي تهمس في أذني تعالي لأحكي لك قصّة راعي الغنم الذي أكله وحش الغابة، أخي يتسلّل للمطبخ محاولا سرقة شيء يؤكل فيخرج منها هاربا يتبعه نعل أمّي، هذا هو الصّحن الذي كانت تهدّدني أنّي سأُكسر إذا هو انكسر، يمكنني تمييزه من خلال الوردة الحمراء على أطرافه، انكسر يا أمّي ولم يبقى منه سوى وردة اختفت ملامحها بفعل الغبار، الرّطوبة حافظت على مراسم معطف أبي المعلّق هنا ربّما سُرق أو تحلّل بفعل الزّمن، أطلّ من النّافذة التي سقط جزؤها على بيت الجار، غرفهم تشبه غرفنا، كأنّها هي، باردة وموحشة ،ليس فيها حياة لولا الأصوات التي تقذفها على مسامعي ذاكرتي المذبوحة . الدّيار برغم برودتها دافئة، عامرة بأهلها الذين يطوفون في أرجاء المكان كلّ مساء، أحلامي الوردية نسجتها هنا وكتبتها على هذا الحائط، كتبت عليه أنّي أريد السّفر لكنّي لم أكن أعي تبعياته المؤلمة، عدت يا جدّي يا أمّي، عدت ولم يستقبلني منكم أحد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سامية مجاهد

L’image contient peut-être : 1 personne, sourit, gros plan