التخصص ....و المراجع المشبوهة
----------------------------أحيانا ، تكون لي فرصة مواتية ، بقراءة ، بعض المقالات ، الصحفية ، في مسائل تخصصية ، يقوم فيها الصحفي ، بالتصدي، للحديث عن قضايا ، هي أبعد ما تكون عن الميادين الأدبية التقليدية ، كأن يكتب مقالة ، في التاريخ ، بحيثية ، ربما ، تحتاج من الدارس أن يسبر غور عشرات المجلدات ، ليتجاسر ، على الخوض فيها.
و إن كانت هناك إستثناءات ، تستحق الوقوف عندها ، فهي حالة الكاتب المفلق ، الإستاذ عباس محمود العقاد ، فقد كان ، في الثقافة ، مصداقا لمقولة القائل ، "كان بحرا لا تكدره الدلاء " ، فقد كان موسوعي الدراسة ، الذاتية ، بمنهجية و تفرد ، عجيبين ، جعلت منه ، كاتبا عبقريا ، لا يستطيع كثير من المتخصصين ، مجاراته في حقولهم التي تخصصوا فيها ، من مثل التاريخ ، و علوم النفس الإجتماعية ، والفلسفة ، و الشعر ، وغيرها الكثير و الكثير جدا من حقول المعرفة الإنسانية اللامتناهية.
اليوم ، قرأت مقالة ، لأحد الكتاب ، ممن عمل وزيرا سابقا ، تصدى فيها للحديث عن ، أحداث تاريخية ، شائكة ، تحتاج للمتخصص أن يتأنى كثيرا قبل أن يخوض فيها ، بله، أن يبني عليها ،بزعمه الكاذب ، تقييما للأمة الإسلامية ، بأنها أمة جاهلة ، تتبع كل ناعق ، و يركب جوادها كل آفاق عليم اللسان.
،أولئك المثقفون-زعموا – لهم منهجية ، غريبة عجيبة ، فإن كان أحدهم ، متخصصا في علوم النفس ، فهو ، لا يتناول مسألة ، إلا بعد أن يدرسها من أمهات كتب علوم النفس ، لكن حاله ، تتغير و تنحط أشد الإنحطاط ، حين ، يكتب في مجالات لا تخصه ، كأن يكتب في التاريخ ، أو في العلوم البحتة ، لذلك ، فلا عجب ، أن تجد كثيرا من مسلسلات التاريخ المقدمة في التلفاز، أو السينما ، تعتمد كتبا لا علاقة لها بالتاريخ لا من قريب و لا من بعيد ، مثل أن يعتمد كثير من مؤلفي تلك الأعمال ، على كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ، لإعداد مسلسل عن بعض الأعلام الكبار ، كالإمام أبو حنيفة أو الشافعي ، أو غيرهم من الأئمة ، مع أن مؤلف كتاب الأغاني ، لم يكن أمينا ، في نقولاته عن أولئك العلماء ، لأنه رجل ، يكره الإسلام و يكره أهله و كل من يدافع عنه ، فأبو الفرج الأصفهاني كثير الطعن و الهمز بالصحابة الكرام ، ولكن بأسلوب ملتوي ، لا يكشف إلا بعد طول المران و المتابعة ، وهو أي الأصفهاني ، محب للعنصر الرومي و المجوسي ، بل و حتى اليهودي ، وهو كذلك لا يعيب الزنى و لا الشذوذ الجنسي ، و لا يجد غضاضة في ، حشو كتابه السالف ذكره بنقل أحاديث الشواذ و المدمنين ، و الزناة ، كما هو معلوم لمن يقرأ كتابه.
و للمفارقة ، فأنا عاكف ومنذ فترة على دراسة كتاب ، لأحد الفلاسفة المعاصرين ،أعطى كتابه إسم : "الطاغية" قامت بنشره إحدى دور النشر العربية .
قد يعجبك ايضا
لكن فيلسوفنا الصخاب هذا ، كانت عنده أمانة ، علمية ، دفعته أن يسرد أسماء مراجعه ، فأظهر ، أسلوبه الحاقد الموتور في الطعن بتاريخنا و برموزنا الحضارية العظيمة.
ترى ، أليس من الطبيعي ، حين يتصدى ، الكاتب ، أو الصحافي ، للحديث عن تاريخ أمتنا ، أن يعود لمظنات هذا التاريخ ، مثل تاريخ الطبري ، و طبقات إبن سعد ، و سير أعلام النبلاء ، للذهبي ، و تاريخ دمشق لإبن عساكر ، و سيرة إبن هشام ، و تاريخ الجبرتي ، و دواوين السنة التسعة المشهورة ، و الكامل في التاريخ لإبن الأثير ، و البداية و النهاية لإبن كثير !!! وغيرها الكثير الكثير من المظان التي لا ينتطح فيها كبشان !!!!
لكن ما معنى أن يتصدى صحافي ، لتوصيف تاريخنا ، و وصفه بأشد أنواع الأوصاف ، معتمدا ، على كتب ، لم و لن يوجد من يعتبرها من مظنات هذا التاريخ !!!
تريد أن تسيء للأمة ، و لرموزها ، أرجوك إحترم عقولنا ، إحترم ، ثقافتنا ، و كفاك ، إعتمادا على كتب مرجيليوث أو جولد تسيهر ، أو جورجي زيدان ، أو كتاب الأغاني ، فهؤلاء لم يدرس كتبهم أحد إلا و قد عرف كذبهم و خداعهم ، و طعنهم ، و تدليساتهم .فإن أصررت على منهجيتك في الكتابة تلك ، فإسمح لي بأن أصفك بأنك كذاب ، و بأن عندك حقدا تجاه تاريخ إمتنا ، بنيته على أكاذيب من علموك ...
--------------------------
ناصر احمد الشريف
