القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

المحتويات
    لا يوجد عناوين
نافذه الأمل
كانت الريّاح تعصف خارجا , حين كنت جالسه في غرفتي منعزلةً عن العالم الخارجيّ, أقف بثبات عند النافذة, دون ان ارتعش او اكترث لما يحدث من حولي , فقد كنت حينها كالمجرم المحاصر في زنزانته يحملق الى فجوةٍ صغيرةٍ تكادُ تحجبها القضبان, فما شئت إلا ان اتأمل قساوة الريح على تلك الاشجار العابسة , وقد هزتها بعنفٍ كما لو انها رجلٌ فقير تائه في قدره , يسعى جاهدا ليحظى بكسرةِ خبزٍ بعد أن نبذه المجتمع واحتقره. فقد بدت الطبيعة حين إذن كالمعركة القاضية وكأنها تصف لنا ردود افعالها من أحداث الدمار والخراب التي حلّت في حياة البشر !! .
وفجأةً إنقشعت الغيوم وأشرقت شمسٌ في عرض السماء , ترسلُ أشعتها الى بقاع الارض . وكأنها تعلن للعالم حلول المستقبل الحديث , مستقبلٍ يحوي التعايش والترابط الاجتماعي السالم , الذي يخلو من مظاهر الحقد والتعسف . وعندها ; صحوت من بحرِ التأملات هذا ورحت اسرح بفكري متسائلةً عما اذا كانت الحياة تدور مثل الطبيعة بفتراتها ؟! ,وعما يخبئ المستقبل من أحداث ومشاهد !!. فبدأت أتخيل نفسي في المستقبل , وانا قد أصبحت إمرأةُ واعية , تملك الثقافة والعلم والجدارة , وقد إلتحقت بالجامعة بمؤهلات عالية وإمتيازات, مما جعلت المسلك للحصول على وظيفةٍ اعتاشُ منها سهلًا .
وبعد تخرجي من الجامعة بتفوق أعمل جاهدةً لأقيم حياتي بنفسي, دون طلب المعونة او الاعتماد على أحد ليتصدّق عليّ لكي اصبح بهذا فريسةً سهلةً له او كبيذق الشطرنج, يضعني اينما شاء, لذا فسأعتمد على قدرتي وخبرتي في مجالات الحياة لتكوين نفسي .
وخطرت خلال افكاري وتخيّلي للمستقبل فكرة الحياة العاطفية ,وقد بدوت كالحمل الوديع رقيق المشاعر , أجوب في ذهني كالثمل أترنح برأسي , فقد ظهرت امامي صورة لحياةٍ ملئها السعادة وأنا قد عثرت على شريكٍ لحياتي ويتفهم وضعي , شخصًا حميما مقربا من قلبي , يعزيني عند كربي ويقاضيني لخطئي , ويضحك لفرحي . شخصٌ مميّز يكون سندًا لعمري .
تأملته حين يعانقني ويغريني بكلامه المعسول والغزل , وأتخيّل ذلك اليوم الذي يقف به الى جانبي ببدلته السوداء المزركشة بالفرح وانا بالثوب الابيض كالثلج الذي يذوب خجلا من الغبطة والسرور. فهو يوم في العمر ,حين أدخل معه الحياة الاسرية الهانئة تحت سقفٍ واحد يدعمه الحب والتسامح والعطاء .
قد يعجبك ايضا

فبعد هذه اللحظة وانا شاردةٌ بآمال المستقبل تهب موجة ريحٍ قوية باتجاهي فيرتعش بدني وتختلط أفكاري لأحصد منها النتائج, فعندها أرى نفسي محطمة القلب يومًا , شاحبة الوجه, وقد تعكر مزاج تلك الاسرة الهانئَ وانهدم سقفها ,وتبعثرت ركامُ تلك السعادة والمحبة.
مما ادى الى تفاقم المشاكل والصراعات , وقد انتهت هذه بالانفصال والعودة لنقطة البداية , التي كانت هي مبدأ مسار التعايش بسلام ودخول بوابة المستقبل.
اقرا ايضا :
وعندها اشتدّت الري( بقوة , مما اغلق باب النافذة بوجهي وكأن الطبيعة عاشت معي تلك اللحظات الخيالية, وافزعتني لتقول لي بأن ابدأ المسار منذ الآن ولا انتظر واتخيل فقط الاوهام الفكرية التي ستخطط مستقبلي , بل ان اعيش الواقع واتعلم من اخطائي وعجزي في وهمي لان لا يصبح تلك الحقيقة التي اندم عليها لاحقا.
وحينها اغلقت نافذتي, وخرجت من غرفتي وكأني قد كنت أشاهد فيلمًا يعرض تأمل المستقبل امامي.
تأليف: مي عادل
L’image contient peut-être : nuit et ciel