القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

البحارة و التجار..من قصص الحكيم... للقاص: عمر لوزري

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏‏لقطة قريبة‏ و‏منظر داخلي‏‏‏‏‏


القصة العاشرة من مجموعتي " من قصص الحكيم "
البحارة و التجار
في قديم الزمان كان التجار يسافرون على متن سفن شراعية كبيرة، فيحملون أمتعهم الكثيرة و الثقيلة على ظهرها. إنهم يبالغون أحيانا في حمل السلع التي يتاجرون بها عبر الأقطار و كذلك العديد من الملابس والمجوهرات. أما البحارة، فهم كعادتهم لا يحملون إلا القليل من الملابس التي يحتاجونها.
يعتمد ربان السفينة على الرياح في إبحارها و اتجاهها. حيث يوجهون الشراع حسبها. في ذلك اليوم كانت الرياح ضعيفة إلى شبه منعدمة؛ ما أثر على سير السفينة التي كانت تشق الأمواج في بطئ شديد، مما أثار حفيظة التجار لأنهم رأوا أنهم سوف
يتخلفون عن موعد سوق تجاري مهم، لطالما أيقنوا على حضوره، فانقلبوا على الربان و البحارة، يلومونهم على ثقل تقدم السفينة، ولم يفلحوا في طمأنتهم. لقد تعدى الأمر إلى إهانتهم لأنهم متكبرون ولا يفقهون شيءً في أمور البحار. فكان ربان
السفينة وبحارته صامتين لأنهم لما لمحوا بعض الغيوم تتلبد، علموا بأن العسير آت؛ واشتدت الرياح فجأة، وتشكلت العاصفة الهوجاء، فتصاعدت الأمواج وصارت السفينة تتأرجح يمينا وشمالا، وتصعد أعلى الموج وتهوى تارة أسفله. أمر ربان السفينة البحارة بتخفيفها، فاضطر البحارة إلى رمي بعض الأمتعة الثقيلة و جعل التجار يعاتبونهم على ذلك وكأن أمتعتهم أغلى من حياتهم. وصاروا يبكون ويندبون حظهم التعس لأنهم فقدوا سلعهم و أموالهم، ثم أخذوا يتوسلون إليهم كي لا يرموا بكل أمتعتهم. لكن البحارة استمروا في رمي كل ما يثقل السفينة، حتى خفت و استقرت وثبتت على الماء، وما
لبث أن هدأت العاصفة تماما ونجوا جميعا. لقد فرح الربان و البحارة، أما التجار، فقد بقوا صامتين في حزن شديد وكأنهم فقدوا العزيز من أبناءهم.
فما هو المهم ؟ حياتنا أم ممتلكاتنا ؟ قد نعرض ربما حياتنا من أجل المادة. و الحكمة هي كيف يمكننا أن نربح حياتنا دون أن نفقدها ؟ ، ونظرا لصورة هؤلاء التجار وتصرفهم؛ فليكن ما نحمله من متاع أقل ثقلا، هكذا لن نواجه العواصف بأعباء خفيفة، فلا نخشى الغرق.

عمر لوزري