القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

صراع الإخوة الأدباء الأعداء قلم: العقيد بن دحو

 صراع الإخوة الأدباء الأعداء

==================

"في يوم واحد و في مكان واحد يتم فعل واحد لشخص واحد".

صحيح هذا المختصر المفيد درامي تراجيدي تقليدي بالمقام الأول ، غير أنه من مساوئ الصدف يليق على ما يحدث اليوم بين عناصر الحزب الواحد الأدبي الشمولي (البولشوفي) - تشابه مع الفارق- الذين طالما كسروا رؤوسنا تارة بإسم الوطنية و تارة بإسم القومية. اذ سرعان ما انكشف سرهم وطفى على السطح ، عندما بلغت قلوبهم على بعصهم البعض الحناجر....!

كان كل شق منهم يغض الطرف عما يغتنمه او يستنسره أو يسلبه الشق الآخر من أسلاب و غنائم في شكل تحفيزات ، جوائز ، نكريمات ، رحلات ، و أشياء أخرى....!

و لما أدركوا جميعا أن الكعكة الثقافية توقفت عن النمو ، و أن بقرة اليتامى جف ضرعها وعجف ضلعها عقروها و دبحوها ، و لم يبق منها الا صورة أو نقش اللحم و الدم على تلافيف اخاديد متاهات دهاليز جبال الطاسيلي جانت نيجر أقصى الجنوب الشرقي الجزائري . بقرة باكية على الاحوال و المآل الثقافي الأدبي الذي وصلنا اليه.

الآن بدأت الحرب الباردة ، و كل طرف بدأ يلوِّح بما يكتنزه من غيظ خقد أسرار و معلومات مادية و معنوية و اخلاقية على الطرف الآخر !.

نتساءل و نحن لا نملك لا جمل و لا ناقة في هذا الصراع : أين كان الجميع قبل هذا اليوم !؟

لماذا صمتوا دهرا و نطقوا كفرا الآن، من اكل اكثر ، من نهب أكثر، من تخندق اكثر ، من تموّه أكثر ، من كان ميكيافليا أكثر من ميكيافلي نفسه ، من كان ماكلوهانيا أكثر من ماكلوهان ذاته !؟

من كان فيهم الراعي و الخماس أكثر.

" لا خير في بلخير" كما يقول المثل الشعبي الجزائري.

قوم توفرت لهم جميع السبل المادية و المعنوية لو توفرت لغيرهم احصلوا على جائزة نوبل ،  و ليست تلك الفتاة على موائد البخلاء.

لذا  يعجبني الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة حين أعتزل المناصب و المكاسب ، و فضل أن يظل جنديا على الجبهة الأدبية الفنية الثقافية برتبة (جنرال) مع حفظ الألقاب و الرتب.

منذ البداية كان يعرف الشعب الجزائري أنه لم يعد له كبير في الادب و الفن و الثقافة بعد أن رحل الرعيل الأول ؛ منهم من قضى نحبه قهرا ، و منهم من انتحر ، و من أستشهد بالمأساة الوطنية ، و منهم من أُبعد قصرا ، و منهم من أقيل أو استقال !

كنا نعلم منذ مدة لم يعد لنا كبيرا نتكئ اليه بالمحافل المحلية و الوطنية و الدولية ؛ انما مجرد وصوليين نرجسيين ساديين ، يحرقون المراحل و ساعة ما يصلون يرفعون السلالم من حيث لا يصعد بعدهم أحدا.

تراهم جمعا و قلوبهم شتى ، هم واحد في عشرة ، لا أحد يتميز على الآخر ، حديث واحد بألف صوت، هم الحلم ، هم الكلمة ، هم الفعل و هم المشهد ، هم الذين يجب أن يظهروا في الصورة حتى ان كانت صورة شواش Choe و غيرهم مجرد كومبارس يجلسون خلف الشاشة يصفقون و يجمجمون ليس أكثر !.

لا احد منهم يستطيع أن يزايد على الآخر بما يملك من معلومات ، الجميع كان له اعين و ألسن و أذان تسترق و تختطف السمع. البضاعة واحدة ، كونهم شربوا من نفس النبع البدء.

جميعهم بكوا و تباكوا مع الراعي و أكلوا مع الذئب ؛ حتى اذا  ما حاول الراعي اجتثات عنزة من براثن ذئب أعتبرته العنزة بطلا قوميا ، في حين الذئب يعتبره دكتاتورا ، و هكذا بين الدكتاتورية الأدبية و البطولة الكاذبة ضاع و أفلس الكبار و خسر الجمهور الرهان على فرسان المشاؤون بنميم.

كان بودي أن اتكلم  حول صراع اجيال ادبية في الجزائر من اعمار متباينة ، عن أجناس أدبية و مذاهب فنية فكرية مختلفة. انما  طائفة واحدة ،  ليتها كانت تسمو و تسامت كلمة (جيل) بالمعنى العلمي السوسيولوجي الادبي (بن خلدون) أو (دوركايم) أو (روبيرا اسكاربيب).همهم ليس من يبدع أكثر ؛ بل من يجمع المال أكثر و هاهو المال يفسدهم  ،يفرقهم. لقد سبق و ان عالج عميد الأدب العربي د.طه حسين هذه القضية ببعدها اللا أخلاقي في مؤتمر البندقية 1945 تخت عنوان "رجل الأدب و نصير الأدب" في مؤتمر الدفاع عن الثقافة و الفنانين. اذ كان يعتبر (بلوت) العملية فيها نوعا من (التعهر) بيع الجسد ، حبن يقايض المبدع الأديب ابداعه و افكاره مقابل دريهمات معدودات أعطته الجهات الوصية أو أمتنعت.

لماذا بالضبط في هذا الوقت صار كل فريق يشحذ سيوفه ورماحه !؟

أولا / كون طبيعي معدل العمر و تقدم السن لم يعد يسمح لهؤلاء الاخوة الأدباء الاعداء التقدم في سلم هرم معدل أعمار الجرس المقلوب المعمول به عالميا في علم احصاء الادباء و الكتاب.

ثانيا/ وصلت ملكتهم الإبداعية الى النهاية ، و ادركوا عن يقين لم تعد لهم محبة بين الناس ، بعد ان صار همهم المال اولا و الظهور على حساب العرق و البيئة و التاربخ.

ثالثا / الثورة المعلوماتية التي شهدتها المعمورة ، و الضجة التي احدثتها تسريبات اوراق (ويكيليكس). مما سارع كل فريق نشر غسيل اخبار الطرف الآخر على حبل منصات شبكات التواصل الإجتماعي.

صراع الإخوة الأدباء الأعداء ليس و ليد اليوم ، و انما يعود الى عهد انفتاح الجزائر السياسي ، و شتات الحزب الواحد على عدة تجارب أخرى ، و بالتالي كان لا بد أن نشهد اليوم هذا الكم الهائل المتراكم من (الغسيل).

و لعل البلوكاج الحاصل اليوم في بعض المؤسسات الادبية و الثقافية تحصيل حاصل لهذه الارتدادات اطراف الخصوم ميدانها مواقع منصات شبكات التواصل الاجتماعي.

بطبيعة الحال و لأن السياسة يروق لها هذه التقرقة ، تنعكس عن الحكومات المتوالية عن الجزائر منذ الإستقلال الى اليوم وزراء و مدراء تنفيذيين لا شأن لهم بالهم الثقافي.

و وزارة الثقافة غير سيادية و ميزانيتها السنوية لا تتعدى 0.65%.حتى اذا أشتكى أحدهم بأي ذنب تولون علينا هؤلاء الخلائق(.....)!؟

ردوا أهل الحل و الربط ، و أهل التعيين و انهاء المهام : كما تكونوا يولى عليكم !.

يعكس هذا الصراع حجم الأفلاس الأدبي الفني الثقافي الذي وصلنا اليه ، عندما نكتشف بأن لا داعي لنظرية قتل (الأب) لأننا أساسا يتامى دون أب !

لا تبحث عن جيل ادبي في الجزائر ، انما عصابة فنية أدبية ثقافية تجيز بعضها بعضها ، تكرم بعضها بعضا ، تقصي الشباب المبدع من الوصول ، حتى اذا ما فضى الجو لها قاتلت بعضها بعضا ، و ها هي على وشك حرب اخوة الحزب الواحد ، عندما يرمي كل طرف ما لديه من أوراق (اخبارجية) على الآخر !.