القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ذكرى رحيل محمود درويش: / وسيلة مجاهد -الجزائر


ذكرى رحيل محمود درويش:

منذ 2008 وكلما عانقت التسعة شهر أوت/ أغسطس تخدشنا الذاكرة لتعبر بنا ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني"محمود درويش" من شعراء القصيدة العربية في حلتها الحديثة، لم يغادرنا سليم كما أتانا ذات 13 من مارس عام 1941 بل خلف من بعده مجموعة دواوين نذكر منها: مديح الظل العالي، حالة حصار، عصافير بلا أجنحة، عاشق من فلسطين وغيرها، حصد على إثرها عدة جوائز كجائزة البحر المتوسط 1980 وجائزة دروع الثورة الفلسطينية 1981 والعويس الثقافية 2004. إلى جانب الشعر شغل محمود منصب رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية ورئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، كما أسس مجلة "الكرمل" الثقافية في بيروت عام 1981 وترأس مركز الأبحاث الفلسطيني، وكل هذا لم يشغله عن نشاطه السياسي والدفاع عن قضيته بل ساعده في ذلك. 
أما عن تجربته الشعرية فهي تجربة عميقة وفنية، مثقلة بالمعاني والرموز التي أعطلت للنص بعدا جماليا وفتحت أمام المتلقي آفاق التأويل، والملفت فيها إخراجه للمرأة من إطار الجسد وإعطائها بعدا رمزيا وقدسيا حينما ربطها بالوطن. كما يعترف درويش في قصائده بهويته العربية حينما يقول: "سجل أنا عربي" ويكررها أكثر من مرة، وسمح لنا بمقاسمته لحظة التعرف على الذات أو كما يسميها جاك لاكان بمرحلة المرآة وذلك في قصيدته " هو هادئ.. وأنا كذلك" 
هو هادئ.. وأنا كذلك
يسأل الجرسون شيئا 
أسأل الجرسون شيئا 
قطة سوداء تعبر بيننا 
فأجس فروة ليلها
ويجس فروة ليلها 
إلى أن يقول: 
أفكر هل هو المرآة أبصر نفسي فيه؟
قد يعجبك ايضا

ثم يختم قصيدته بقوله: "هو خائف.. وأنا كذلك" والخوف هذا ناجم عن عدم رؤيته له حيث يقول: " أنظر نحو عينيه ولكن لا أراه" كأنه قلق ذاتي من فقدان الآخر الذي هو هو وشكّ في أنه مجرد عابر، فيجعلنا محمود سليم نشك في مرآته اللاكانية، لكن أبدا لن نشك في عروبته حيث منحنا رقم بطاقته " ورقم بطاقتي تسعون" وذكر نسب الأب " أبي من أسرة المحراث" ثم يشتتنا عندما يقول " جدي كان فلاحا .. بلا حسب ولانسب" لم يرث عنه درويش لقبا بل ورث عنه معاني الشموخ، ثم يعدد لنا صفاته و ملامحه العربية:
لون الشعر فحمي
ولون العين بني 
وميزاتي 
على رأسي عقال وكوفية
ذكره للعقال والكوفية إحالة لفلسطينيته، ليحاول بعدها استرجاع حق ملكيته في أرضه وفي البحر والهواء الرطب واسمه وجسده الموقت الحاضر والغائب، وأمسه والغد البعيد وماكان وماسيكون حتى حقه في الجرح لم يغفله عندما يقول:
هذا البحر لي
هذا الهواء الرطب لي
واسمي وإن أخطأت لفظ اسمي على التابوت لي 
ليفقد بعدها حق ملكيته في أناه بعدما امتلأ بكل أسباب الغياب، إذ يريدونه ميتا، درويش رغم الموت لا يزال حيا في مكان ما، فلطالما كان على هذه الأرض ما يستحق الحياة. يا درويش ها أنا ذا أكلمك فاخرج من إطار الصورة وتنصل من الأبيض والأسود، تخلى عن سكونك/ سكوتك قليلا وقل شيئا لعلك تكسر سبعين حاجزا وتخون الرحيل فنخون النسيان ونحتسي كوب قهوة على مهل.

وسيلة مجاهد -الجزائر ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏