القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الإغتياب /عمر لوزري / بوفاريك - الجزائر

القصة التاسعة من مجموعتي " من قصص الحكيم " أرجو أن تنال إعجابكم .
الإغتياب

في زمان العصر الذهبي لحضارة المسلمين، حيث امتدت الخلافة العثمانية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب؛ حتى بلغت أوربا عبر الأندلس، كان في ذلك الوقت رجل تقي و فيلسوف حكيم، يمتاز بذكاء حاد، وفطنة بديهية. كان رحالة بين الأقطار، يلتقي بالناس في طلب العلم والمعرفة.
حل الحكيم بقوم في البداية وهو في طريقه إلى المغرب. وكان من بينهم من يحدث بالحكمة و الموعظة، و آخرون منهم أوتوا العلم الوفير، فسر الرجل وراق له المقام بينهم.
في صباح يوم من الأيام، جاءه رجل فقال له: " إني أعرفك أيها العالم الجليل، وأسمع الكثير عن رحلاتك ومؤلفاتك.. ولقد التقيت الليلة الماضية صديقا لك، فهل تريد معرفة ما قاله عنك ؟ " مهلا يا رجل، يقول الحكيم، قبل أن تقص علي وتخبرني بأي شيء يخص صديقي، عليك أن تختار وتصفي ما يجب قوله لي حفاظا على صداقتي به. ولهذا سوف أسألك ثلاثا؛ و إني أسمي هذا اختبار المصفاة.. فأجبني أولا حتى أطمئن. و يمضي الحكيم فيقول:
الاختبار الأول اسمه مصفاة الحقيقة؛ فهل فحصت ودققت فيما كنت تريد قوله لي، إن كان حقيقة ؟
لا، يقول الرجل.. لقد سمعت أناسا يتكلمون عنه فقط. إذن أنت لست متأكدا من أنه حقيقة.
لنجرب المصفاة الثانية والتي سميتها مصفاة الطيبة، يقول الحكيم. ما تريد أن تعلمني به عن صديقي؛ هل فيه شيء من الطيبة ؟
لا، يقول الرجل.. العكس تماما أيها الحكيم.
إذن، أنت تريد أن تخبرني أشياء قبيحة عنه وأنت لا تعلم حتى إن كانت حقيقة.
إليك الاختبار الثالث والأخير؛ والذي أسميه مصفاة المنفعة، فهل لك أن تقول لي إن كانت هناك منفعة في إخباري بما قاله صديقي ؟
لا أبدا.. يجيب الرجل؛ بل في ذلك مضرة و إيذاءً .
إذن يستخلص الحكيم فيقول : " إذا كان ما أردت أن تقصه علي عن صديقي لم يكن حقيقة، و لا طيبا، ولا نافعا، فلماذا تريد قوله لي ؟ لقد اختصرت عليك طريقك وجنبتك ذنوبا أنت في غِنىً عنها. فإما أن تقول خيرا أو تصمت. "
الاغتياب من الصفات السيئة التي علينا تجنبها حتى لا نظلم بعضنا بعض.لقد قال الله في كتابه الحكيم :" أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا، فكرهتموه. "
صدق الله العظيم.

عمر لوزري
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏‏لقطة قريبة‏ و‏منظر داخلي‏‏‏‏‏