القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الاقحوانة أو كوة من الامل ..فتحى عبد العزيز محمد



الاقحوانة أو كوة من الامل ..

" نحن نصارع من أجل شيء لا يمكن بلوغه ولهذا السبب لم يعد الإنسان حيواناً " 
كازنتزاكيس Καζαντζάκης
-1-
هوأنسان فنان وصديق عزيز , كما أنا وأنت الان .. غير أن ما يفرقنا ولا يجمعنا الاثنين دائما , هو تعصبة الغير مفهوم ومبرر أطلاقا , لودمدنى وحى " ودأزرق " دون كل أحياءها ولفنانية المغموريين ذاك الوقت , أما أنا فمن نفس طينتة وعجينتة ولكننى نقيضة تماما , كنت مفتون ولحد الولة والتعصب لامدرمان ولحى الموردة وشارع الفيل بالذات , وانحاز بلا أدنى تحفظ لفنانيها ومبدعيها , الذين كانوا ومازالوا يثرون الساحة الفنية والمسرحية , بل ومع كل ذلك كنا ملمين بكل أشكال وألوان المعاناة التى كنا نتكبدها الاثنين , كمواهب شابة ذاك الزمان الصعب و تتطلعنا لتقديم أعمالنا لجمهورالمتلقين من مشاهدين ومستمعين , ثم ذاك الكم الهائل والخرافى من المعاكسات والعراقيل التى لا يسع المجال لذكرها والاستهزاءت التى نصادفها , مع الاسف من بعض ضعاف النفوس , والذين ما برحوا يتلزذون حقيقة بمعانأة الاخرين , ثم تلك الشلليات التى لا ترحم أبدا , والتى غالبا ما تزرع الياس والقنوط داخل المواهب الشابة دائما , وتحيلها بالتالى الى شيى أخر مختلف , ولكننى وكمسرحى متطلع للنجومية , كنت دائما ما أتفوق على كل هذا ,وما يعانية حقيقة معهدنا الصامد من حل وترحال , وأيلولة لاكثر من مكان وجهة وما يعانية هو نفسة , من أولئك النفر من المدراء أحادى النظرة , وكتوفهم المائلة دائما بالاهتمام وأغداق الميزانيات المحدودة , على نوع فنى بعينة على حساب الوان الطيف الفنية الاخرى متزرعين بالاولويات , بل ومشاريع التخرج الواعدة ,والتى ما تلبث أن تضيع فى أحائيين كثيرة , كهباءا منثورا وقلة الميزانيات وضعضعتها , أما الطامة الكبرى أيامها فكانت مفارقات لجان التعيين بعد ذلك وفوقيتها , فى التفنن بتشتيت المواهب الواعدة وأرسالها لوظائف ومصالح أدارية وخدمية , لاتمن بأى صلة مع تخصوصاتنا الابداعية والفنية البحتة , فخيارنا أما الانصياع صاغرين للواقع والتعامل كمتعاونين , أوالاستقالة أو أن نهيم هكذا على وجوهنا بمطاردة الفرق المسرحية الاهلية , التى ليست لها هم أو هدف سواء تقديم أعمال تحقق لهم الربحية فقط , ولا شيى غير ذلك أما الاستمتاع بتقديم أعمال مسرحية متخصصة , ترضى الطموح فهى لا تعدوا أن تكون , من قبيل أطغاث الاحلام والمستحيلات , لهذا وجدت نفسى أمارس حقيقة نوع أخر , من التسكع ملحوقا بعدة فرق مسرحية , صقلت فيها مع ذلك مواهبى المتعددة , ولكننى لم أنال تلك الشهرة الواسعة التى أصبوا بالطبع اليها , فامامى لم يتبقى الكثير أما هو فقد كان يتلمس طريقا أخر مختلف للشهرة , فبصوتة الواعد كمطرب ناشئى يبحث عن الكلمة المموسقة واللحن الطروب , وأنا بعلمى المتواضع كدارس أشاطرة السكن , واقضى معة الساعات الطوال , ونقيم ما يشبة ورشة عمل لنختار ونبدل سويا , وبحسنا الفنى المطبوع الكلمة واللحن المناسبين , حتى يستطيع أن يقف على قدمية , كفنان واعد على طريق الفن الطويل والشاق , بل وتحقق لة بعض من ذلك باحرازة لنجاحات متوضعة هنا وهناك .
-2-
بالطبع شاءت الظروف بعد ذلك , أن أسافر دونة للعمل وأكمال دراستى بالخارج , وبالفعل وبعد عدة سنوات فى الغربة , عت الى أرض الوطن فى أجازة لزيارة الاهل وبالطبع أكمل نصف دينى بالزواج , وبالصدفة جمعتنى بة الظروف باحد العروض المسرحية بقاعة الصداقة , وبينما كنا نتجازب اطراف الحديث أسررت لة , ومن دونهم كلهم بأننى مقدم الان على الزواج قال لى " مبروك يا أخى مقدما " ولم يكلف نفسة بعدها , حتى ليسالنى عن من تكون تلك , التى فازت من دونهم كلهم بقلبى وعقلى والتى أوستها بعد طول ترحال , كما يقولون راحت الكف والنفس , بل والتى ظلت زاهية رغم سنين الغربة كالشمس , حضور والق وتميز على الرغم من الوشايات , وما يكنه لى أخيها المتنفذ الاول والذى صنفنى بدون تدبر أو جريرة بعيدا من مدرسة الواحد , وأحالنى بالشبهات الى أتجاة الضد وأنا أستعجب , ورغم أعمالنا المشتركة أنا وهى المميزة , وتصنيفنا كنقيضين فلسفيين , الا أن أعمالنا سويا كانت وما زالت تكمل بعضها البعض , ولا مناص من ذلك قالوها زملائنا وجميع النقاد , ولكن رغما عن كل ذلك أزحت عن التدريس بتدبر ما سخيف , واختيرت هى بخباثة بعد ذلك دونى معيدة , لدق أسفين الفرقة بيننا , ورغما عن ذلك لم أحسدها أبدا , بل هى مازالت أسيرت التدريس والتحصيل معا .. وأنا الذى يتعمدون بطريقة اواخرى , أفشال مشاريعى بالداخل كلها , أتفوق بعيدا منهم وأحرز بالخارج , أكثر من جائزة .. وجائزة فى الكثير من مهرجانات المسرح التجريبى العالمية , فها انا اتفوق عليها وهى تتفوق على نفسها , لكل ذلك ساتقدم لها وأنا جدا مطمئين , فأنا موعود بها وهى كذلك وأنا اكملها وهى تكملنى , وأنا احبها وهى تحبنى بل ويحب ناقتها بعيرى , فيا ليالى السعد هبى .. هبى .
-3-
ولكننا عندما جلسنا , سويا ذاك اليوم أنا وهو , لوضع ميزانية لذاك الحفل المتواضع , الذى سيحية هو بالطبع شخصيا , تشجيعا لة وبرفقة جوقة العازفين , طالبنى فوريا ويدى فوق كتفى , بمبلغ خرافى لم اصدقة ابدا , وهو الذى يعرف تماما البئر وغطاها كما يقولون , حتى أننى عندما أخذت أوازن بينة , وبين أساطين الفن المعروفيين , تعجب الجميع من شططة وطمعة وتلك الهوى المادية , التى وضعها ذاك الوغد عنوة لتفصل بينى وبينة بالطبع صرفت النظر عنة فورا , ليخرج مغاضبا مدعيا السفر صباح الغد للجزيرة , قلت لة كما يقول شاعر الكلمة المؤحية الواثق فى موقعة " واللة سويتوا شين يا "ود العازة " يا أخوى اا" .
بالطبع وبعد فشلى الزريع معة , وقع أختيار العروس وصويحباتها , على مطرب وأعد بعينة , وبمبلغ رمزى اقل منة بكثير , وغنى فأشجى وأطرب فابدع , وكما لم يغنى من قبل بل وسرعان ما زاع سيطة , وارتفع بعدها نجمة مصادفة بعد ذلك الحفل الكبير , وأصبح بين عشية وضحاها فنان الموسم وكل موسم بعد ذلك , وهذا ما كنت أتمناة لة هو رفيقى وصديق عمرى , بالطبع وبعد عدة أسابيع جمعتنا الظروف فى مناسبة مختلفة تماما , ولكى اخرج من اللوم , سارعت لاقول لة وليتنى لم اقلها لة وبكل ميمونية وروح دعابة :
ـ " انت فعلا يا " سياب " يا أخوى ..أنسان غير محظوظ وبالمره .. طمعك وجشعك فوت عليك فرصة العمر .. شوف الجابوا مكانك أستغل بذكاء فرصة تجمع الوسط الفنى والنقاد المدعوين .. واصبح بشهادتهم بعد ذلك نجم وظاهرة فنية يشار اليها بالبنان " وكما لم أكن أتوقع فأجئنى قائلا وهو يتحدث بأستهتار :
ـ " فى الحقيقة أنت دائما الغير محظوظ أبدا " ليواصل حديثة متسالا وببرود عجيب أزهلنى :
ـ " أسع سيبنى من دا كلة يا صاحبى .. أسع قول لى من هى كمان بالضبط .. فريدة عصرها القدرت عليك .. وأنتزعتك بضربت معلم من براثن كل الجميلات والمعجبات التى تعرفهم يا " أوسطة حب "..اا , قلت لة :
ـ " أنت تعرفها.. يا أسطة حب أنت اا .. وكمان حق المعرفة .. " , لاضيف قائلا :
ـ " الم تعرفها حتى الان يا راجل .. عيب عليك .. هى " الاقحوانا " دون شقيقتها القمحية التى سميتها أنت يومها وعلى روؤس الاشهاد بـ " الارجوانا ".. أنها " شيرين " ياراجل اا " عاجلنى :
ـ " شيرين .. ما معقول اا" ثم أخذ يضحك بعنف وبمنتهى الاستهزاء ليقول لى :
ـ " الظاهر يا صاحبى حظى من حظك " قلت لة مستدركا , وحتى لا تختلط علية ألامور :
ـ " انت فاكرها شيرين بنت شارع واحد .. ولا شيرين بتاعت سوق لفة ستة " بالفعل ذهلت وأشفقت علية من هول , ما يحملة لى من حقد خرافى , وكراهية وبلا مبرر معقول , بل وعقدت الدهشة لسانى تماما , عندما قال لى وبالحرف الواحد , وبكل بساطة وبرود :
ـ " حتى ولو كانت يا صاحبى .. دكتورة شيرين .. أستاذة الدراما نفسها .. اا" .
تمت ,,,
فتحى عبد العزيز محمد
الطائف - قهوة سوق الليل
أمدرمان ـ بانت 2/3/2010م