القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

فضفضات (27):قصة قصيرة بقلم/ رؤوف بن الجودي

فضفضات (27):

_____
فارقت المدرسة قافلا إلى البيت، ومر على غروب الشمس وقت، فمر من أمامي سواد رجل أعرفه..
- رياض!
- آه رؤوف! كيف الحال؟ وأين اختفيت كل هذه المدة؟...

إنه رياض درسنا سوية في مرحلة الابتدائي. وما دام يقطن بالحي نفسه؛ فإننا كنا نلتقي من حين إلى آخر..


لقد سقط شعر رياض، وهزل جسمه أيضا، وشحبت ملامحه.. أخبرني أنه أتم دراسته الجامعية، ثم عمل في الوظيفة واستقال منها، ليتفرغ للتجارة.. راح يسألني:
-هل من جديد في حياتك.. هل تزوجت؟!
-نعم ولله الحمد، وعندي رزان وإلياس.. وأنت؟!
- ليس بعد.. تعرف رؤوف.. نحن جئنا إلى الدنيا في زمن عصيب، ولدنا بين جيلين مختلفين: جيل منغلق متزمت، أخذنا عقليته، ونشأنا فيها وتعلقنا بها، وجيل أدركنا بعد ذلك هيمن علينا وعلى حياتنا: أطلق القيود، وابتذل الأخلاق و... فوقعنا في صدمة بالغة، بين المبدأ والفعل، وتاهت مواقفنا بين مطرقة هذا وسندان ذاك!

سكت لبرهة، لأن حجة صديقي دامغة لكل حجة، مع ما فيها من تحليل منطقي جامع مانع لما نعاني منه، تتجلى مظاهره في الأسرة والعمل وفي الشارع والمؤسسات التربوية .. إلخ.

رحت أطيب خاطره:
- ومع هذا يجب أن تتزوج، وإذا لم يوجد في الزواج سوى أن تأتيك البنية صباحا وتستفتحك بقبلة وصباح الخير يا بابا.. ناهيك عن الطمأنينة والسكينة والاستقرار النفسي ووضوح الغايات و..

طأطأ صديقي العتيق رأسه، وقال:
-صدقت!

افترقنا على أمل لقاء قريب، وسلك كل واحد طريقه إلى مقصده.

رؤوف بن الجودي
فضفضات  (27):قصة قصيرة بقلم/ رؤوف بن الجوديshort story