القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قصة قصيرة بعنوانن/الاقتراب من جبل الحلم بقلم القاص / محمد الليثى محمد

قصة قصيرة بعنوان *** الاقتراب من جبل الحلم ( همس الاصوات سابقا )

مع صوت وقع الخطوات .. يتوقف الحديث ..وتتحول العيون إلى الباب الخارجي المغلق

تقترب الخطوات، فتمتد الرقاب..وتتوقف الأنفاس ..وترن من جديد في أرجاء المكان،واضحة طقطقت جذع الشجرة المشتعل ، تتطاير ذراته الحمراء ..فتنير ليل شتاء طوبه .

تتابع الخطوات مبتعدة ..فتعود الأجساد تستكين كتماثيل المعبد ..ويعود عامر يحرك بيده المرتعشة جمرات الجذع ..بينما الجد في الركن المظلم يتكوم وحيدا ..بعيدا عن وهج النار .

في الركن الأخر تجلس هي ، تلملم ما تبعثر من نفسها ..وتتدثر داخل جلبابها الأسود..بجانبها الفرن تشع من فتحاتها الدفء ..تزحف أليها حتى تصطدم بها .تلتصق بذلك الدفء و.تتسمع إلى ذلك الصوت الذي يهمس : فاطمة

فترى أنها ترتفع برأسها عن الأرض ..وتطير في السماء كطيران المذبوح.. الذي لا يجد أحد يناصره ..تبحث عنه ..كبحث الأعمى عن عود كبريت في ليله مظلمة ..وعندما تدرك انه هاتف ..وحيد خيالي ..تنحني على سيقان أيامها تقطفها بمنجل مسنون ..تبتسم برغم المرارة في الحلق ..ثم تتوقف عن تحريك يديها ..وتترك أيامها تسير كسيارة بلا قائد ..تصغي السمع ..على البعد تسمع أصوات متداخلة ..خرير ماء .. صوت ذكر النخل ..تتمايل وترقص رقصة المسجونة حين يداهما الوقت ..ولا تجد من يشغلها .

قالت الأم :

الحب كالماء ليس له رائحة ..اتركي أفعاله.. واندثى في جلبابك .

لم تفهم ..لكنها ابتسمت .. بعد أن وضعت حمل أيامها..على ظهرها ..أغمضت عينيها تاركتا أشعة الشمس ترشق جسدها النحيل بدف الحياة .. تتمايل ومع الاهتزازات الصغيرة في الجسد ..ينغرز سهم الهوى .. ويكاد أن يقسمها إلى نصفين .

أسرع من بعيد أخوها عامر وشدها من ظهر الحلم ..ولعن البنات وخلفه البنات ..ضاربا ظهرها بحائط الزريبة القبلي ..مطرزا جسدها بعصاه السويسي ..لاما شعرها حول ذراعه ، هابطا بها إلى الترعة .

- ياكلبه عايزه تفضحينا .

على البعد يهرول ناحية عامر وفاطمة بعض الرجال :

- ايه ياعامر ؟

- راح تموت أختك .

- ياراجل صلى على النبى .

- هو حصل ايه ؟

يلتفت عامر ناحيتهم بألف عين لا ترى ..وشفاه لا تستطيع أن تنطق بكلمة ..بينما فاطمة تنجح في الخروج من بين كلماتهم ..وهم يتابعون حديثهم على جسر الترعة ..هم خلفها ، تجرى منهم ..حولها البيوت رجال فقدن نصفهم السفلى ..ينظرون بعيون تشتهى ذلك الجسد المحبوس خلف الثوب الأسود ..

لتلك اللحظة ، لأتعرف سر هذا الوجع الذي يعترى الجسد ..وذلك العرق الذي يتمدد ويفتح منحنيات الجسد البكر ..تجرى والبيت يسبقها ..تخاف أن تفقده ..هو حولها يحتويها ..وهى تلقى بجسدها على الباب الكبير ..يفتح نفسه رويدا ..رويدا ..بينما أجزاؤه تصدر أصوات موسيقية عذبة..تغمض عينيها وتستمتع برقة تلك النغمات ..تبتسم ، وتضحك ..صوتها يملأ الدنيا سعادة .. تفتح عينيها فتجد البيت خاليا ..والجد المقعد ينظر لها ..والحلم قد عاد وحيدا دون حمل الأيام ..وحدها وبملابسها السوداء ..وشعرها المنكوش ..تركب ظهر حلمها :

-انت يابت

سمعت صوت عامر الأجش يأتيها من بعيد يزحف أليها من ألف عام وعام ..يقترب ، يقتحم عليها خيالاتها .

- قومي اعملي شاي .

وحدها أخرجت نفسها ..وأحست بالعرق الساخن يحتويها ..تنظر إلى عيني عامر الذي ضرب كف بكف ..بينما الجد قد أمال رأسه ..يتابع فاطمة وهى تخطو ببطء داخل البيت ..رفع عامر كفيه إلى السماء وقال :

- ربنا يأخذها قبل ما تفضحنا .

أبتسم الجد الذي كف عن الكلام والمشي ..واستكان يرقب زمنه يمر .. طوح عامر بصره في أرجاء المكان ورأى نفسه حارس وحيدا ..جالس ما بين الحياة والموت حزين اسود يقول بين الحين والحين كلمات غربية لا تصدر منه ..عن الانتظار والصبر ..ارتعش وأحس بالعجز يطبق على صدره ..فسأل بصوت عالي :

- هي العشاء آذنة ؟

هز الجد رأسه..بينما رائحة الشاي تتسرب وتملأ المكان ..يميل الجد ناحية الباب.. يتسمع صمت ..وفاطمة ظل أسود طويل ..تسند الصينية على فم الزير ..تدب كوز السلمون القديم فى جوفه ..تترك أصابها لبرودته ..رفعت الكوز وطوحت ضفيرتيها إلى الخلف .. صارت مرتفعة القامة ..وعلى الصينية وضعت كوبين متباعدين بينهما كوز ماء قديم ..أسند عامر الشاي بجوار الجوزة ..وعلى وهج النار رأى وجه فاطمة أكثر احمرارا وملامحها تحمل شبه ابتسامة ..أستجمع رأيه وبصق عليها ..ببطء رفعت وجهها ومسحته بكم جلبابها وتركت على وجهها نصف ابتسامة .

بينما فتحات الباب الخارجي ..تسرب صوت الخطوات ..فتتحول العيون بسرعة ..تتوقف الأنفاس .

تقترب الخطوات وأمام الباب تستريح ..يميل الجد برأسه ، ويسند خده إلى التراب ..ترن من جديد في أرجاء المكان واضحة صوت طقطقت جذع الشجرة ..تتطاير هنا وهناك .

تتتابع الخطوات مبتعدة ..فتتكوم هي بجوار الفرن التي تشع حرارة ..تزحف أليها ..حتى تصطدم بها وتغيب خلف هذا الصوت الذي يهمس :

- فاطمة .

-----------------------------------------------

قصة بقلم القاص / محمد الليثى محمد