القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

السلطة...وذهبت بدون رجعة قصة قصيرة بقلم المبدع: ذ. عبدالاله ماهل من المغرب

السلطة...وذهبت بدون رجعة قصة قصيرة بقلم المبدع: ذ. عبدالاله ماهل  من المغرب
السلطة...وذهبت بدون رجعة
تفقد وجودها، فلم يعثر لها على أثر. رجع إلى نفسه، هدأ من روعه، وأخذ يفكر مليا، عله  يهتدي إلى أنجع السبل للوصول إليها، دونما مجازفة أو شوشرة، قد تؤدي به إلى ما لا تحمد عقباه؛ ظنا منه أن التأني أولى من التعجل في استصدار الأحكام.
فكان يقتل نفسه ألف مرة في اليوم.
نفد صبره، فلم يجد بدا من إطلاق العنان لعيونه: من حرس المواقف، وسماسرة الدور، وغلمان الحانات؛ عله يستشف خبرها، أو يتوجس موقعا لأثرها، لكنه لم يحصد إلا خيبة الأمل، ليرتمي بين أحضان زبانيته لمن يدينون له بالتبعية والولاء الأعمى.
استنجد بهم، وسخر لهم كل ما أوتي من سلطة وتسلط، فداهموا كل بيت أو ثقب راودهم ولو بصيص شك فيه، فلم يجديهم ذلك نفعا، وكأن الأرض  ابتلعتها وعن آخرها.
ولما أيقن أنه لا فائدة ترجى من هذا وذاك، طارت طائرته وتمنى ساعتها، أي قريب من جهتها  لصب عليه واجم غضبه. لكن هيهات ثم هيهات، مجهولة الأصل والفصل، اعتادت النزول في ضيافة أمن الآداب، كلما ضبطت متلبسة بجرم فساد او تحرش.
تلفضها الشارع فتلقفها صاحبنا خلسة من أهله  وذويه، بسعة صدر رحب، وواراها عن الأنظار، لتكون له وحده دون سواه، فوجد فيها مرتعا خصبا لمزاجه الشاذ وطبعه الحاد، وسرعان ما ذاب في هواها، وغدت له فرشا وغطاءا، فأغدق عليها من المن والعطاء ما لا يعد ولا يحصى، حتى ظن أنه أمات آدميتها، وأرداها مطيعة كالحيوان الأليف.
استسلمت رغم أنفها، مكرهه لا راضية، فتصنعت البراءة وأجادت اللعب حتى وقفت على مكان ضعفه.
ولما قوي ساعدها، وآنست فيه أمنا وأمانا، وبدون أدنى تردد، انعثقت من براتين شذوده، الذي مارسه عليها طيلة سنين بدون هوادة.
لقد ذهبت بدون رجعة، وفي جعبتها أموال طائلة، دأب منذ سنين طويلة، مخافة أن يكشف أمره، على رصدها في حسابها الخاص.
خرج صفر اليدين، بعد أن كان يمني النفس بالمال والجاه، وهو على وشك التقاعد من الوظيف، وفي نيته الدخول الى قبه البرلمان ومن الباب الواسع.
فلم يطل لا العنب الشام ولا بلح اليمن.
تأليف: ذ. عبدالاله ماهل
من المغرب