القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

43 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية" يكتبها: يحيى محمد سمونة

43 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
في مطلع القرن الحالي كان المشهد الثقافي في الساحة العربية يثير في النفس الشفقة للذي سيؤول إليه وضع هذه الأمة! 
هذا ما انتهى إليه تفكيري بعد أن تبلورت عندي معالم الفكر و استوى عندي الفهم و بدات أنظر إلى الأمور بوعي و جدية و بدأت أغوص مبحرا فيما وراء الكلمات و المفاهيم و تجليات الأحداث و مفرداتها و العوامل المسببة لها و الكامنة وراءها، لقد بات يتملكني الشعور بأن ما يتم طرحه في ساحة الثقافة العربية لا يعدو أن يكون ما بين غثاء و ثغاء و بضعة من سموم لا يفطن لها إلا من كان ثاقب الرؤية و النظر، و كان يعرف أبعاد اللعبة و أوراقها، و كان يحفظ دهاليز السياسة و مكرها و خفاياها.
لقد كان من المفترض لأي طرح ثقافي سوي وسليم أن يثقف الإنسان و يهذبه و يسوي سلوكه و ينمي أحاسيسه و مشاعره و قيم الخير و الجمال و الطهر فيه ـ قلت: أليس ذاك هو مفهوم الثقافة في لغة العرب؟ حيث سويت النبال و ثقفتها بمعنى أنني لم أدع فيها نتوءا و لا اعوجاجا ـ
لكن المشهد الثقافي في الساحة العربية في نهايات القرن العشرين و بدايات القرن الحالي كان يوحي بغير هذا!! حيث لم تعد الثقافة تثقف الفرد العربي و لا تهذبه و لا تقوم [بتشديد الواو] اعوجاجه !! بل بدا الطرح الثقافي آنذاك يبعث في نفس الفرد العربي قيم الرذيلة و الفساد و يذكي فيه عوامل الإنحراف و السقوط ! و يسوقه سوقا كي يكون [أي الفرد العربي] مجرما بحق نفسه و بحق مجتمعه!
لست أدري من أين أبدأ معكم الحديث أيها الأحبة عن المشهد الثقافي المعاصر و انحطاطه ! فهل أبدأ معكم من العلم ؟ أم من المعرفة ؟ أم من الفكر الأخرق ؟
لكنني بداية أقول و أنا كشاهد على ما تم طرحه في ساحتنا الثقافية في الفترة[ 1967 - 2017] عبر جميع وسائل الإعلام و وسائط التواصل الاجتماعي، أن سلوك الفرد العربي و طرق إنشائه لعلاقاته كافة خلال تلك الفترة إنما قامت وفق ثقافة موتورة و فلسفة مريضة و لعل أكبر دليل على ذلك هو ما وصل إليه حال العرب اليوم! ذلك باعتبار أن الأس و الأصل في صحة السلوك من عدم صحته إنما هو جذور الفرد الثقافية، فمن انطلق في إنشاء علاقاته من ثقافة سوية فحتما سيكون السلوك صحيحا سويا بلا خلاف و العكس يكون صحيحا بلا خلاف، لكن ثمة من استلم طلائع الثقافة في هذه الأمة و بدأ يسوقها حيث شاء و كيف شاء و أنى شاء!

ــ يحيى محمد سمونة.حلب ــ