القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

المحتويات
    لا يوجد عناوين
قراءة نقدية للقصة القصيرة للكاتب يحيى محمد سمونة

صباح الخير ..
- مجد .. مجد .. أين أنت يا مجد ؟
- أختبئ هنا يا أمي
- و لماذا تختبئ يا بني؟ و ممن ؟
- يهددني أولاد الجيران بدفني حيا !
- و من اولاد الجيران هؤلاء ؟ و كيف و متى واجهوك بتهديد ؟
- إنك لا تعرفينهم يا أماه، فهم أغراب قد استوطنوا قريبا من ديارنا، و فيهم و عليهم سمات لؤم و غدر ، و قد تكاثروا علي فيما كنت نائما في الجانب الغربي من البستان و قد صحوت على وقع ضجيجهم، عندما أحاطوا بي من كل جانب و خفت منهم لأنهم كثر و قد فوجئت بوجودهم، غير أني تمكنت من الهرب منهم بحيلة و ذكاء
- أسفي على ولدي مجد يهرب !
- بل أنا عند حسن ظنك يا أماه !
- و كيف لي بتصديق هذا الكلام و ها أنت الآن في حالة ذعر
- يبدوا لي يا أماه انك تجهلين حقيقة ولدك مجد !
- و مالذي ستفعل بعد أن تواريت خوفا من اغراب و أنت في أرضك و بين أهلك و قومك و عشيرتك ؟!
- نعم يا أماه هربت كخطوة جريئة مني أولا كي لا أموت لأنه كما أخبرتك قد أحاطوا بي و انا في حالة نوم أي كنت في لحظة ضعف، و لكنني و أنا الآن في مأمن استطيع أن أخطط و أعد العدة ليس لدحرهم فحسب بل لملاحقتهم حيثما كانوا !
- أي بني ذاك هو ظني بك، فأنت مجد، و أنت للمجد اهلا و موئلا و موطنا.
- يا أماه المجد كلمة عربية فحسب، و ما من لغة على الأرض تستطيع أن تعبر عن حقيقة المجد !! و مجدك لا يموت يا أماه.
___________
بدأت القصة بهذا العنوان " صباح الخير "
هل هو العنوان الاصلي للقصة أم تحية الصباح ألقاها علينا الأستاذ سمونة ؟ أعتقد أنها التحية والعنوان "مجد " لما توحي هذه الكلمة من معان متعددة نعرف بعضا منها والبعض الآخر احتوته قصة مجد كما سردها الكاتب بما عهدناه من عفويته السلسة وكلماته المريحة للمتلقي بعيد عن التشتت الفكري والايحاءات الرمزية التي يتيه معها المثقف والمتابع للأدب فكيف بالقاريء البسيط حين تتشظى أمامه الكلمات ولا يعرف كيف يجمعها.. ..
ورغم دقة الإشارة ومغزاها في هذه الحكاية فلقد نكأ الجرح الأستاذ يحيى محمد سمونة ومن ثم أعاد تضميده من جديد وبدون حاجة إلى أداوات تعقيم ..كانت أدواته إثارة النفس العربية الخائرة والحائرة في أن واحد ، فالمجد هذه المفردة التي انتقاها وارادها باقية ولن تموت لابد لها أن تقف عند معناها بصلابة كي تعيد للأمة هيبتها . .ولكن كيف ومتى ؟ لابد من معاناة وصبر وأمل وانتظار بين الكفاح المرير والشوق للانعتاق .
لقد توجه الكاتب بقراءة نقدية خاصة به يتجلى فيها أمله بالمستقبل ورؤيته للأمة بعين تدعو للاطمئنان وارتشاف الفن والأدب العربي بنكهة حب الأم لطفلها أو لهفة صائم عطشان لماء بارد في يوم شديد الحر ..
قد يعجبك ايضا

قال مجد لأمه وهو يبرر هروبه من أولاد الجيران
الغرباء :
انك لا تعريفنهم يا أماه ، فهم غرباء قد استوطنوا قريبا من ديارنا ، وفيهم وعليهم سمات لؤم وغدر ....خفت منهم لأنهم كثر ...تمكنت من الهرب منهم بحيلة وذكاء .
واضحة جدا كلمات مجد ، وكذلك حين يطالع المتلقي يعرف مغزاها والمقصود ، لكن أم مجد لم تقتنع بهذا التبرير " آسفي على ولدي مجد يهرب " ..هنا لابد من الاعتراف بأن سمونة أوقف قارئه بالقوة ليقول له :
أيها الإنسان أن كنت ابن هذه الأرض وعزيزة هي عليك ، فلماذا تخليت عنها للاغراب وانت القوي الشجاع ومع الاهل والاقربين؟ كان عليك أن تقاوم !
ومجد هو فعلا ذلك الشجاع الذي يمتلك ذكاء به استطاع النجاة قال لأمه بيقين صادق :
وانا الان في مأمن استطيع أن أخطط واعد العدة ....
اطمأنت الأم لأنها أيقنت بصدق الآن انه الملجأ الحقيقي والأمل " اي بني ذاك هو ظني بك فأنت مجد وانت للمجد اهلا وموئلا ".. ومجد لا يموت يا أماه . بهذه الكلمة انتهى الحوار بعد أن وقف على أساس القوة والثقة والدعوة لصف الصفوف بموقف الصمود والبطولة. .ولكن هذه أمنية يتمناها الجميع ومنهم الأستاذ يحيى محمد سمونة ، فمتى تتحقق ؟
يطالب الكاتب من المثقفين الوضوح في كل شيء ، ومعه كل الحق في طلبه فالثقل شديد على المثقف العربي رغم حرمانه من أغلب مقومات حياته..لكن ذنبه في اعتناق الثقافة ، التي لابد لحاملها من دفع ضريبة حمله..
إنها دعوة للرقي بروح الإنسان قبل الثقافة والتضحية تسلل بها القاص بكل هدوء وصراحة وروية وانار الضوء الأخضر للانعتاق والحرية وردع الغرباء الذين أرادوا اغتيال مجد في ارضه وبستانه..
كل التوفيق لكاتبنا ولطرحه العميق من خلال انتمائه والتصاقه بأرض وأهله أينما كانوا وهو يلوح بأمل جديد ....