القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قصيدة : ﺍﻟﻤﺪﻯ ﻭﺳﻔﺮ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ / قراءة بقلم/ د / علاء نصر "


قصيدة : ﺍﻟﻤﺪﻯ ﻭﺳﻔﺮ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ
لتغريدة نبض القلوب :
بقلم : الشاعرة :
" إكرام عمارة "
و القراءة الرابعة
" بقلم : د / علاء نصر "
أولاً : القصيدة
"المدى وسفر الحروف" 


تطلعت الأيام ببوح العاص ؛
في شتاء بلون المنام،
على سرير من عشب،
شرعته ؛
لاتقر القتام
وحروف للبرد ؛
يجمد أطراف لياليها ؛
سفر للمدى، بوحي للثلج،
وبروق للغرام ؛
يناشده الإيناس ؛
للانزواء محتدما ؛
بحكمة؛
من متناقض المدركات ؛
تارة حرب، وأخرى سلام
ونجوم ؛
على شفا العتب ؛
ترمقها حرباء الحرمان،
بغير اكتراث،
لوصايا الإعلان ؛
إنما يشغلها؛
مقة الإعتام،
والاشتهاء لثمالة الكأس ؛
يأتي بهمس ؛
تفيض فيه دموع المعاني؛
أملاً للذوبان ؛
يتمتم الحب ديني؛
بمحراب الكلام
وأعاصير ؛
أرقت اليانع من الغد،
في الزمن المتطاير،
وقلق الختام،
أيا حب؛
أناشدك استقامة ؛
يهترئ ؛
مع بشائره اللهب،
مجتلبا صفو الغمام.
" بقلم /إكرام عمارة "
------------------------
ثانياً : القراءة الرابعة
عنوان القراءة : { قصيدة الأحاسيس : المدى وسفر الحروف }
أ- قراءة النص : علم يختلف عن علم النقد
-----------------
1- المقصود بالقراءة محاولة واعية لتذوق النص بحس القارئ لا الناقد ؛ فسميتها قراءة عن عمد .
2- إذ القراءة تُسلم بأن النص قطعة من الجمال ، فهى تتناول محاسنه .
3- و القراءة وساطة بلا وصاية بين النص والقراء لتقريب النص ، فقد يكون القارئ العادى ليس عنده متسع من الوقت ، أولا يملك الإلمام بالوسائل الفنية المُعينة على فهم النص .
4- وربما كنا بصدد إنشاء علم جديد هو علم قراءة النص ، وهو يختلف عن علم نقد النص ففى القراءة تسليم بأن النص قطعة من الجمال ؛ وإلا كانت القراءة له عبثاً وضياع للوقت ، وعلى القائم بالقراءة إجلاء محاسن النص وتقريبه للقارئ العادى .
5- والذى قلناه وكون القراءة علماً هو من إلهام الشاعرة لكونها لا يصلح مع إبداعاتها القراءة العابرة العجولة .
6- ويبقى حق القارئ العادى متى كانت عنده الملكة واطلع على الفنيات الكافية : أن تكون له قراءته الخاصة ، فيصير عندنا نص واحد وقراءات كثيرة .
ب - العناصر الثلاثة التى ترشح الشاعرة للتميز الإبداعى
-------------
العنصر الأول :
اتساع الأحاسىس :
وهذه القصيدة أنموذج مثالى يوضح ذلك :
1- فهى تعبر فى الغالب عن أحاسيس عامة ومطلقة بل ومجردة من صور الكائنات الحية التى يمكن أن يكون لها هذه الأحاسيس ، وعلى القارئ إن شاء أن يخصص فليخصص ، وإن شاء أن يُقيد فليقيد ، وإن شاء أن ينفخ الحياة فى الحروف والكلمات فتكون الأحاسيس مصورة فى كائنات حية فله هذا .
2- ولو حاولنا مثلاً أن نوضح هذا الاتساع فى الأحاسيس لدى الشاعرة ، فيجدر بنا أن نستخدم المقارنة مع شاعر آخر شديد الوضوح ، بسيط التراكيب مقيد بصور معينة .
مثلاً : نزار قبانى ، فأشعاره فى الغالب عن المرأة الحبيبة ، وهو تميزَ فى البساطة والتقييد الواضح للإحساس ، وأى قارئ يستطيع التوصل لذلك ، ولكنه تفوقَ فى الابتكار، لكن شاعرتنا اختلفت (والشاعر والشاعرة مبدعان أى نزار وإكرام )- فهى تعبر بالمجرد من الأحاسيس ، ويمكن للقارئ أن يصورها فى ما يشاء من صور.
3- وعلى هذا تؤسس الشاعرة لنظرية نسميها اتساع الأحاسيس ، وهى تتشابه فى ذلك مع الفيلسوف ابن عربى الملقب بالشيخ الأكبر ، والذى يُلحظ هذا فى شعره ، بل وفى فكره فيما يخص الوجود ويسميه الاتساع الإلهى .
4- إذاً فلتُعتمد نظرية اتساع الأحاسيس باسم الشاعرة وتُختم بختمها كعنصر جودة فعال ومختلف ومميز فى طريق الإبداع .
العنصر الثانى :
تفاعل القارئ فهو عنصر هام فيلزم القارئ التوغل العميق فى النص :
1- وله أن يصور النص بالصورة التى يرغبها على أن لا تكون قدحاً للشاعر، وإلا فقد هدم ما سلمناه من أن النص قطعة من الجمال .
والشاعرة عبرت عن رغبتها فى تفاعل القارئ لها فقالت : (( أحب من يقرأ حرفي ؛ أن يحمله ذاك الحرف إلى عالمي ))
( يراجع الحوار بتاريخ 1/3/2017م – المحاور منصور رسلان - مجلة بيت الشعر العربى - مدونة إلكترونية
2- وأشد ما أخشاه هو أن تُظلم الشاعرة فليس شعرها من النوع الذى يتذوق بالقراءة العابرة ، بل لابد من الصبر ، والتأنى ، والانتباه ، والتوغل فى النص ، وإجادة الإنصات له .
العنصر الثالث :
التفرد فى التراكيب اللغوية والفنية التى تستخدمها الشاعرة سواء من الناحية البلاغية أو الفنية والجمالية :
- وقل من رأيناه من يتصف بهذه الصفات الثلاث فى الشعر.
ج - نظرة بسيطة إلى النص من خلال هذه العناصر بعيدأ عن اصطلاحات البلاغيين مع التفاعل مع النص بروئة قارئ :
-----------------
{1} تمهيد :
1- القصيدة مع أنها قصة أحاسيس مجردة إلا أنها تتضمن فلسفة مبطونة بداخلها تحتاج إلى طول النظر لاستنباطها ، وعلى خلفية ذلك نذكر إعجاب الشاعرة بشعر العقاد لما فيه من عمق الفكرة وفلسفة الرأى .
2- الشكل : الذى بنيت منه القصيدة هو الطبيعة فى الشتاء القارص ، وما فيه من أعاصير وثلج وتجمد وكسل وغير ذلك مع التقلب بين الحرب والسلام فى صراع بين الخير والشر .
3- المضمون وموضوع القصيدة :
- الحب العاقل والأخلاق الحميدة ( المستقيم ) وكلمة الحق هو الزاد لانتصار الخير وبلوغه الهدف .
- فالقصيدة عبارة عن قصة والقصة تحكى قصة الرحلة من أولها حتى الوصول إلى المدى ، ونلاحظ فيها الصراع كأحد عناصر القصة .
4- - والقصيدة مع أنها رحلة أحاسيس مجردة إلا أنها تحمل فلسفة الحياة ومكابدتها بلا يأس ، والحب المتدرع بالعقل هو الزاد،
5- - ويعكس ذلك غرام الشاعرة بالقراءات الفلسفية إذ يستهويها العقاد بما له من عمق الفكرة وفلسفة الرأى ، وتعتبره أستاذاً غير مباشر لها .
6 - فالشكل الذى اختارته الشاعرة شديد المناسبة للموضوع فزاد البيان بياناً ، إذ اتضح قدر المخاطر والافتقار إلى العزيمة القوية التى تقاوم ، وترفض الاستجابة لدعاوى اليأس وتصارع حتى النهاية بالحب العاقل .
7- فالشاعرة لا تختار الشكل جزافاً ، إذ تعتبر العمل الشعرى عندها لا ينفصل فيه المضمون عن الشكل .
{2} رؤية القصيدة كقارئ :
1- هذه القصيدة هى قصيدة الأحاسيس ، فهى تحكى قصة لأحاسيس مجردة ، ولا تلحظ فيها كائنات حية تحمل هذه الأحاسيس ( يستثنى : عشب وحرباء الحرمان ) بل فيها الأحاسيس نفسها ، والقارئ يتفضل بتصور ما يشاء من كائنات حية تحمل هذا الأحاسيس .
2- فلو حاولنا مثلاً أن نقرا النص كقصة للأحاسيس المجردة :
أولاً : المكان والزمان ضاربان فى الأصالة معجونان بالفطرة ، ولا تسامح مع الظُلمة :
1 - فالأيام تترقب حدث مشوق وخطير فى جو يصحبه النوم فى الشتاء البارد ، الذى هو ببرودته مؤجج لمشاعرمختلفة ، ومتناقضة مع الرغبة الجامحة للوصول إلى أقصى ما يمكن ( المدى = الغاية والمنتهى ) لتحقيق الهدف المأمول وعدم الاستسلام للظُلمة ( لا تقرالقتام ) .
ثانياً : ظهور خطة السير فى سفر الحروف :
- ثم يظهرسفر الحروف الذى فيه خطة السير فى الرحلة المزعمة .
ثالثاً :
1 - ثم تظهر دعاوى التثبيط تجنباً للمخاطر وإيثاراً للسلامة :
2- وهى دعوة شريرة باطلة مزينة حتى تبدو أنها حق ( يناشده الإيناس للانزواء ) فنلحظ التضاد بين الإيناس والانزواء والإيناس هو الذى ينشد فيظهر التلبيس إذ كأن الانزواء هو الإيناس.
رابعاً :
التحذير من المخاطر شديدة الانفجار ، متأرجحة الصعود والهبوط :
خامساً :
وضوح هدف الأشرار مع خبثهم ومكرهم :
1- ويظهر ما يريده الأشرار واضحاً لمن تعقل قبل أن يحكم (ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ، لوﺻﺎﻳﺎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ) ، و( حرباء الحرمان ....إنما يشغلها مقة الإعتام ) ومقة الإعتام أى حب الإظلام ، وهنا نقف وقفه سريعة مع الإلفاظ المستعملة فى القصيدة ، إذ فيها غرابة تناسب الصراع والتناقض ( صرحت به فى قولها متناقض المدركات ) والقلق المخيم على جو القصيدة ، والإعتام مصدر أعتم مما فيه من التعمد والمبالغة ، وكذلك لفظ العاص فى أول القصيدة ، وهو وجه فى اللغة قالوا غير فصيح ، والفصيح العاصى ، وقالوا بالجواز وعلى كل حال فقد ورد فى اسم عمرو بن العاص ، واختيار الشاعرة له دلالته على التمرد مع اختيارها الوجه المثير للجدل المناسب لما تعنيه من التمرد ، والتمرد المقصود هوالاستعداد للدفاع عن الآصالة والفطرة النقية والشريعة التى لا تقر القتام ( الظلمة) ، كما هناك تناسب بين الشريعة ، وشرعته المذكورة فى القصيدة والتى قد تعنى الطريقة ،أو سقيفة السريروكأنها تقول شريعتنا منذ البدء أن نقول لا للظلمة
2 - هذا فى الالفاظ ،وفى التراكيب الفنية يلاحظ قصرها مع انطباقها على معانيها بإيجاز واف بالمقصود .
3 - واختيار الحرباء التى تغير لونها للدلالة على الخبث والمكر، وهى الكائن الحى الوحيد فى القصيدة بالإضافة إلى العشب، لذى هو العشب الموصوف به السرير الذى شرعته لا تقر العتام ؛ إذ العشب بلونه الأخضرفيه من البساطة والدلالة على النفع ما فيه فهما صورتان متقابلتان ( أى العشب وحرباء الحرمان ) .
سادساً : والصراع واضح حيث يتصارع طبيعة ظلامية ( كحرباء الحرمان التى يشغلها حب الظلمة ( مقة الإعتام ) ( مع طبيعة نورانية لا تسلم لسيادة الظلمة ( لا تقر القتام )
سابعاً : الدعاوى المثبطة
1- وهناك دعاوى مثبطة تنطق بأن الحكمه فى العزلة ( الانزواء ) ؛ لأن فى السفر مخاطر متناقضة مرة فى الحرب ومرة فى السفر ، كما أن حرباء الحرمان هى الأخرى تحب الظلام ولا ترغب فى هذا الرحيل ، والأعاصير تتربص بما قد يتتحقق فى الغد فى زمن لا وزن له ينبئ بسوء الحظ .
سابعاً : خطة السير : الحب وكلمة الحق :
1- ولما كانت الرغبة قوية فى السفر ، لابد إذن من شئين :
- الحب ( يتمتم الحب دينى )
- وكلمة الحق وهى الكلام الدال على عظم المعانى(ﺗﻔﻴﺾ ﻓﻴﻪ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ؛ أملاً ﻟﻠﺬﻭﺑﺎﻥ ) .
ثامناً : لزوم مراجعة الخطة لظهور خطر جديد :
1- ويلحظ أيضاً أنه عند البوح بسر سفر الحروف ، وخطته التى هى الحب ، وصدق معانى الكلام يظهر خطر مضاد فيشتد الصراع ( أعاصير أرقت اليانع من الغد فى الزمن المتطاير )
2 - فلزم النظر فى الخطة ، ومراجعتها ، وهكذا تقودنا الشاعرة ، وكأنها خبيرة بالمعارك والصراعات مع أنها تعبر بالإحاسيس ، والأفكار مبطونة فى العمق تحتاج من يدنو كثيراً ، ويتأمل على أن يكون له الملكة حينئذ تجود القصيدة بفحواها لكن لمن تبصربحكمة ، وحكم ببصيرة .
3 -عندئذ تدلنا الشاعرة التى تقمصت صورة الخبير المحنك من غير ما يبدو على السطح ما يدلنا على ذلك ، فتدلنا فى القصيدة أنه يلزم استقامة الحب أى التعقل والدوام على الصواب والتخلق بالخلق الحسن .
تاسعاً : ختام القصيدة :
1 - وتختتم القصيدة بالقلق ثم بالبشرى وهى نهاية سعيدة ، ودعوة للتفائل .
عاشراً: النار ليست كالنور
1- انظرالشر كان متمثلاً فى الظلمة ( القتام والإعتام ) ، ونهاية القصيدة تبشر باهتراء اللهب أى تمزق اللهب وكأن اللهب ثوب يتمزق ، أو الاهتراء بمعنى الفساد وكأن اللهب فاكهة مثلاً تفسد ، لكن لاحظ أن اللهب يضئ فهو ليس إذا من الأخطارالتى حُذر منها ؛ إذ الخطر فى الظُلمة التى كان الصراع للتخلص منها ؛ إلا أنه شر ظهر فى صورة خير
2- وهكذا تظهر الفكرة : لاتنخدعوا بالتلببس ، والتزيين ، وانظروا الأمور فى حقائقها لا فى مظاهرها الخداعة .
3 - فعبقرية الشاعرة أنها تعبر بالإحساس فإذا بنا نعثر فى العمق على الأفكار فالإحساس المجرد صار له خاصية إمكان التقييد ، وخاصية عمق الأفكار؛ فالإحساس مظهر والباطن الأفكار،
هذا لمن أطال التأمل .
د : لمحة عن بعض التراكيب الفنية والجمالية فى القصيدة :
--------
1 - انظر لهذه الصورة العجيبة
{ وحروف للبرد ؛
يجمد أطراف لياليها ؛
سفر للمدى، بوحي للثلج،
وبروق للغرام ؛
يناشده الإيناس ؛
للانزواء محتدما }
البرد له حروف وللحروف ليالى ولليالى أطراف ، والحروف فيها السر المقدس ( سفر ) ، وهى خطة الرحيل فهى سرالوصول المدى ، وأطراف ليالى الحروف يجمدها وحى يوحى به للثلج ، وبروق للغرام ، والإيناس الذى يناشد الحروف الابتعاد عن إبداء أسراره للرحيل للمدى وأن ينزوى خوفا من المخاطر.
2 - فانظر لهذه التركيبة الفنية العجيبة ، وكيف على القارئ أن يتصورها ثم يحسها إحساساً مطلقاً ،ثم إحساساً مقيداً خاصاً به ، وله أن يضيف ما شاء من الكائنات الحية .
3- فالقصيدة عبارة عن : تركيب فنى عام ينبنى من وحدات صغيرة من التراكيب الفنية المبهرة :
فهى موغلة فى الخيال الإبداعى وموغلة فى التجرد الإحساسى كوحدات صغيرة ، وكبناء متكامل .
إنها إذاً قصيدة الأحاسيس ، ولمن يقرأ ، فله أن يصورها فى ماشاء من صور، ومن كائنات حية فهو إذاً جمال يتوالد منه جمال وما أروع ما إذا كان الجمال فى الأصل وفى الصور .
فالقصيدة كلما زدناها قراءة زادتنا بوحاً بالجمال .
قال الشاعر :
يزيدك وجهه حسناً ... إذا ما زدته نظرا

------------------
توثيق : ما ورد من آراء منسوبة للشاعرة : من حوار معها فى التليفزيون المصرى .
.
تمت القراءة
19/6/2017 م
" بقلم د/ علاء نصر "ربما تحتوي الصورة على: ‏‏2‏ شخصان‏