القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قصيدة "ريشتي وألوان القادم"(اكرام عمارة) قراءة/ د/ علاء نصر

قصيدة "ريشتي وألوان القادم" بقلم : تغريدة نبض القلوب :
الشاعرة : " إكرام عمارة "
وقراءة لها بقلم :
" د/ علاء نصر "

-----------
أولاً : القصيدة
"ريشتي وألوان القادم"

على المفترق،
وساحل النطق
بالكلمات ؛
ينتظر الثغر،
تشتاقه الكلمات ؛
يحرض النهوض
على أكتاف اليأس ؛
ينثر النسمات
على المفترق،
وعربيد الحزن ؛
ينعق في البعيد
كفوا عن النطق؛
بباسم الحياة
ودعوا العبث ؛
يقيم جنائز الساعات،
رميا بعبوس الصدى،
وموت النجاة
على المفترق؛
يغتالون،
معاني الحروف،
تأييد الفراغ ؛
بواحة الخيال ؛
رغبة الداجي في الفضاء،
وبأس العتاة
على المفترق ؛
يهمشون ريشتي،
يطمسون المشرق،
وألوان القادم؛
ترتعد تحت راياتهم؛
خطوط ؛
مازالت رسم على ورق
على المفترق ؛
أرادوا تقييد اللون،
وكبح انطلاقاته
هيهات، هيهات، ووأد الألق
على المفترق ؛
ظل الأنامل ؛
يحفر البريق عجباً
في العلا
كأبراج ؛تصافح السماء،
بقطرات للسعادة ؛
خمر ونبيذ وحبق.
" بقلم / إكرام عمارة "
-----------------
ثانياً : القراءة
{على هامش قصيدة : "ريشتي وألوان القادم"
لتغريدة نبض القلوب : إكرام عمارة }
-------
1- المنتظرالذى لن يأتى :
- فى مسرحية صمويل بيكيت فى انتظار جودو :
يكشف الكاتب عن العوج النفسى ، والانحراف الاجتماعى الذى يصير به الناس مجتمعاً من البُله الذين لا يكلفون أنفسهم فعل شئ من جاء الأفضل ، و كل ما يفعلونه هو انتظار فارس سيصنع المعجزات لكنه لا يأتى أبداً .
فهذه إذاً ظاهرة نفسية واجتماعية وليست هى موضع كلامنا هنا .
2- نُبُوءة المنتظر القادم الذى حتماً سيأتى :
- تتحدث مسرحية صلاح عبدالصبور{ ليلى والمجنون} عن المنتظرالذي يرجى معه التغييرالسياسى والاجتماعى إلى الأفضل .
وهل سيغير بالكلمة أو السيف ؟ جدل فى المسرحية انتهى إلى ترقب نبى الكلمة لنبى السيف :
{ يأتي من بعدي من يتمنطق بالكلمهْ
ويغني بالسيف }
وتختتم المسرحية بانتظاره
{ أنا ... أنا ...
أنا وقتٌ مفقودٌ بين الوقْتيْن
أنا ...
أنا أنتظرُ القادم ... }
3- نبوءة ( القطب الغوث الفرد ) فى قصيدة "ريشتي وألوان القادم" لإكرام عمارة .
( 1 ) - مفتاح شعر إكرام عمارة ( باختصار ) :
أ - التعبير عن أحاسيسها وانفعالاتها .
ب- توغل القارئ العميق فى ما عبرت به .
قالت الشاعرة إكرام عمارة : (( أحب أن أكتب عما أحسه وأنفعل به
من أحاسيس ؛ تسافر بي،،،، أحب تغاريد الحب،،،،، أحب أن أفند تفاصيل عتابي وتوصيل مشاعري من جمر الحروف ووهج المعاني،،،، أحب من يقرأ حرفي ؛ أن يحمله ذاك الحرف إلى عالمي،،،، أيضاً أحب التعبير عن الواقع وإن كان مريرا،،،، بأوضاعنا السياسية،،، الدولية،،،، خنوع العرب ومأساتنا
جشع الحكام وسلبية الشعوب،،،،، أجسد جيداً أحاسيسي بالوجع سواء بالأمر العام أو الخاص،،،،، أبدع أحياناً بترانيم الحب ؛يخال إلى الجميع أني أتخصص به ؛بينما يرون أشعارا أخرى تحمل أغراضا أخرى ؛ينفعلون بها ويهيمون بها حباً ))
( يراجع الحوار بتاريخ 1/3/2017م – المحاور منصور رسلان - مجلة بيت الشعر العربى - مدونة إلكترونية )
( 2 ) من أنواع القادم فى شعرإكرام عمارة :
أ - القادم بلا نص عليه :
ففى قصيدتها : "وقالت الرسالة"
- استعطاف القادم المنتظر غير المنصوص عليه فى القصيدة ، فالقصيدة تحكى رسالة شديدة الحزن بسبب ما أوقعه شئ ضار أحدث ألماً مستبداً ، ويستنبط من ذلك أنه طالما هناك رسالة فهناك مرسل إليه ، والغرض من اطلاعه على الرسالة التحرك لعمل شئ ينقذ كل شئ وإلا كانت الرسالة عبثاً .
ب - القادم المحتفى به :
فى قصيدتها : " مرايا وسر المعراج "
تقول الشاعرة :
- من يرسم ظلي ورودا ؛
تبهر عيون القادم ألقا
- اعتمدت القصيدة على التوغل العميق للقارئ ، وقد سبق لنا قراءة لها ، إذ يمكن وصفها بقصيدة المليون قصيدة ، لأن على القارئ أن يقترب أكبر مسافة ممكنة ليستخرج قراءة خاصة به قد تختلف عن قارئ آخر .
- والاحتفاء بالقادم يكون بأن تلقاه النفس وهى فى درجة عالية من الرقى الإنسانى .
ج – القادم المنقذ المتنبئ به فى قصيدة "ريشتي وألوان القادم" :
:
- حيث يحتاج إليه عند شدة الاضطراب وشدة الاختلاف حتى أنه قد يحدث الافتراق ،وظهوره يكون فى هذه اللحظات التى تبلغ حد فقدان السيطرة على الأوضاع ، وتسمى الشاعرة هذه اللحظات {على المفترق } ، وهما كلمتان كفتا عن كثير من الكلام ، وعبرتا باختصارعن لحظات الاضطراب .
- نظرة تفصيلية للقصيدة :
[1] - التنبؤ بالقادم وانتظاره والتبشير به :
تقول الشاعرة :
على المفترق،
وساحل النطق
بالكلمات ؛
ينتظر الثغر،
تشتاقه الكلمات ؛
يحرض النهوض
على أكتاف اليأس ؛
ينثر النسمات
فالقادم تشتاقه الكلمات ، والانتظار واضح فى قولها ينتظر الثغر
[2] - احتدام الاضطراب إلى حد العبث :
تقول الشاعرة :
وعربيد الحزن ؛
ينعق في البعيد
كفوا عن النطق؛
بباسم الحياة
ودعوا العبث ؛
يقيم جنائز الساعات،
رميا بعبوس الصدى،
وموت النجاة
العنف وكتم الأصوات
يغتالون،
معاني الحروف،
تأييد الفراغ ؛
بواحة الخيال ؛
رغبة الداجي في الفضاء،
وبأس العتاة
فالأعداء متربصون ويقلبون صورة الحق ويلبسونها بالباطل
تقول الشاعرة : كفوا عن النطق بباسم الحياة ؛
ودعوا العبث
[3] - التشكيك فى القادم وتزييف صورته :
تقول الشاعرة :
على المفترق ؛
يهمشون ريشتي،
يطمسون المشرق،
وألوان القادم؛
ترتعد تحت راياتهم؛
خطوط ؛
مازالت رسم على ورق
اليقين فى تحقق النبوءة
على المفترق ؛
أرادوا تقييد اللون،
وكبح انطلاقاته
والتزييف وتلطيخ صورة القادم بالسوء واضح فى قولها :
يهمشون ريشتي،
يطمسون المشرق،
وألوان القادم؛
[4]- المجئ الحتمى للقادم وتحقق المأمول :
تقول الشاعرة :
هيهات، هيهات، ووأد الألق
على المفترق ؛
ظل الأنامل ؛
يحفر البريق عجباً
في العلا
كأبراج ؛تصافح السماء،
بقطرات للسعادة ؛
خمر ونبيذ وحبق.
والنهاية السعيدة تتضح فى قولها :
بقطرات للسعادة ؛
خمر ونبيذ وحبق.
- نظرة إجمالية للقصيدة :
القادم المبشربه ليس هو القادم العبثى الذى لا وجود له كما فى مسرحية فى انتظار جودو .
وكما فى مسرحية { ليلى والمحنون } لصلاح عبد الصبور حيث يشعرنا النص لشدة انتظار القادم بحتمية إتيانه ، وكذلك فى قصيدة إكرام .
وتختلف القصيدة عن المسرحية فى عدم وصف القادم بسمات محددة أما فى المسرحية فهو صاحب الكلمة وحامل السيف .
وهكذا تفسح إكرام المجال للقارئ ليشارك بريشته فى رسم صورة القادم .
وقد يتشكك البعض فى حتمية صدق النبوءة بالقادم إذ هو مجرد تبرير للعجز والكسل وإحالة الأمر إلى مجهول ،وما الأمر إلا وهم وطول أمل .
وكقارئ أعطته الشاعرة الحق - ككل القراء - فى الإمساك بالريشة ، والمشاركة فى الرسم أتحدث عن قادم أثبت التاريخ وجوده فهو حقيقة متكررة على مر العصور، وخاصة عند أوقات الاضطراب الشديد وبلغة الشاعرة : على المفترق .
والقادم المنتظر الذى أرسمه هو( القطب الغوث الفرد ) :
القطب الغوث الفرد فى علم التصوف : هو الواحد الذى هو موضع نظر الله .
لكنى سأعدل عن هذا التعريف ، وسأعرفه تعريفاً آخر يتناسب مع ما نحن بصدده فلا يختص بمعنى دينى دون المعنى السياسى والاجتماعى والإصلاحى .
فنقول :هو الواحد الذى يكون على الحق فى مسألة شديدة الأهمية والجميع غيره على باطل ، ثم ينصاع له الجميع فيما ذهب إليه فلولاه لضل الجميع ، وقد يكون معه على الحق آخرون ، لكنه الأجدر والأولى بالقيادة
- وكونه له وجود فى التاريخ فنعم .
ونضرب مثلين :
- المثال الأول من التاريخ الإسلامى :
- أبوبكر الصديق : حين خالفه الجميع - وكان أهم المخالفين عمربن الخطاب - فى قتال المرتدين ثم انصاع الجميع لرأيه وثبت صحته .
- المثال الثانى من التاريخ المسيحى :
أثناسيوس الملقب بحامى الإيمان
- حكوا أنه قيل له : العالم كله ضدك ؛ فقال : وأنا ضد العالم ، ولقبوه بحامى الإيمان .
- والأمثلة كثيرة جداً من التاريخ ، ولا يقتصر على الأديان فمثلا جان دارك فى التاريخ الفرنسى .
------
- فمن حقنا إذن أن نبشر مع الشاعرة بمجئ القادم ونرسمه معها ونغنى معها :
على المفترق ؛
ظل الأنامل ؛
يحفر البريق عجباً
في العلا
كأبراج ؛ تصافح السماء،
بقطرات للسعادة ؛
خمر ونبيذ وحبق.

تمت القراءة

بقلم د/ علاء نصر