القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

كيف نخسر الأحبة / ناصر أحمد الشريف -عمان


كيف نخسر الأحبة 

-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
أحسب أن علاقات كل إنسان في هذه الدنيا ، مبنية على مبدأ "شبيه الشيء منجذب إليه " ، فتجد الإنسان الرقيق يتجه بغير قصد منه ، لرفقة القرناء الرقيقين مثله، وتراه ،لا يقاوم ، الإنجذاب ، بله الإفتتان ، بالمرأة ، الرقيقة مثله ،وهو كذا ، يجد في روحه تناغما ، قويا ، مع المواد و القضايا و الأفكار التي ، تتناغم مع مفهوم الرقة و النعومة.
و لكم توقفت كثيرا ، عند ، قصة تتعلق بأحد فلاسفة اليونان القدماء ، حين إستشاط غضبا، ساعة علمه ،بأن أحد الأرذال ، معجب و محب لفيلسوفنا هذا ، و بكّت نفسه ، بذريعة ، أن ذاك البطال قد وجد خصلة مشتركة بينهما ، دعته لمحبة و مودة ذاك الفيلسوف.
و هذه الفكرة ، قد أطال و أسهب فيها العالم المتبحر إبن قيم الجوزية في كتابه روضة المحبين ، فذكر أمثلة مشاهدة في حياتنا ، مثل أن غالبية البدناء ، تجدهم مغرمين بالطعام الدسم المليئ بالدهون، والتي تتشابه بالدهون التي حوتها أجسادهم ، وتجد ، النحيل ينجذب للطعام الخالي من الدهن و ما يشابهه من الأطعمة في المقابل، و كذا العالم إبن حزم ، رحمه الله ، قد جزم بهذه القضية في كتابه طوق الحمامة.
و القصة هنا ، تحتاج لتأمل مقابل ، و تفكير معاكس ، فإن كانت خصال الصدق ، وخصال النبالة ، هي القاسم المشترك بيننا و بين أحبتنا و بين أصدقائنا ، فكيف يكون مصير تلك المودة و ، كيف يكون مصير تلك الصداقات ، إن خسر الصديق أو المحب ، خصاله و صفاته ، وتزيا بعكسها و نقيضها !!!
هنا ، أجدني ، أندفع لأزعم مؤكدا ، و لأعلن متيقنا ، من أن تلك المودة و تلك المحبة ، مصيرها هو الإضمحلال و الزوال ، ولعل في ذلك تفسير ، علمي فطري ، لنفرة ، نجدها أحيانا تجاه بعض أصدقائنا و معارفنا . ذلك أن أسباب المودة قد تلاشت ، و أسباب المحبة قد ضاعت لتبدل سجاياهم،وتقلب خصالهم، و ساعتها ، تتلاشى شخوص أولئك الأحباب من فكرنا و تفكيرنا ، فيكون وجودهم بالنسبة لنا ، كعدمه ، ويكون حضورهم معنا ، لا معنى و لا قيمة له،
و ربما يكون من نافلة الكلام ، التنبيه إلى أننا نحن أنفسنا ، قد نكون ، قلبنا الشراع ، و غيرنا وجهة إبحارنا ، لنجد بعضا من معارفنا و أصدقائنا ، قد شرع و بدأ في الأفول و الغياب عن ناظرينا.
كثيرون من معارفنا ، و أحبابنا ، قد تغيرهم ظروف الحياة ، وتقلباتها ، فيصاحب ذلك تغيرا جذريا في مثلهم و قيمهم ، مع ما يترتب على ذلك من تغيرات مرافقة للسلوكيات و التعاملات ، سواءأ أكان ذلك تغيرا سلبيا أو إيجابيا ، لكن ذلك التغير ، كفيل ، لاشك ، بتغيير قائمة الأصدقاء و المعارف ، تبعا لذلك ، لكن و بلا شك و بدون أدنى تردد ، فكل تلك الفكرة ، لا ترتبط أبدا بعلاقات المصالح المتبادلة ، والفوائد المرجوة من علاقاتنا مع الآخرين
-.-.-.-.-
ناصر أحمد الشريفربما تحتوي الصورة على: ‏‏طائر‏‏