القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الشهد والمـر .. / الشاعر : فتحي عبد العزيزمحمد - الخرطوم

الشهد والمـر ..
فتحي عبد العزيزمحمد
" لم أهدك شيئا بمناسبة السنة الجديدة.احسبها علي .حسبي ان أهديك هذه المرة قلبي فقط وأشواقي و حنيني الذي لايموت."
وأسيني الأعرج
-1-
بالصدفة وحدها هى الان تجاوره , هجرت عملها كنجمة ومذيعة تلفزيونية لامعة ، لتتفرغ لدراسة النحت والتشكيل الفراغي وفن الجرافيك ، هو مثلها ترك الاشتغال بالتصميم الهندسي المعماري , ليجد نفسة منجذبا للابداع فى مجال الطبيعة الصامتة وتطبيقاتها الامتناهية ولا شىء غيرها ، رغم أنحيازة حد الهوس لفن البورتريه والجداريات والمجسمات الهندسية الضخمة .
جاءت متاخرة وفى أول يوم دراسي بكلية الفنون , ولم تجد مقعد الا بجواره هو .. ، أسمها " شهد " وكان لها من أسمها نصيب يسبئ كل العقول والألباب المتشابية لها , من الوهلة الاولى تماسك داخلة وبشدة ومازال , رغم أنة كان دواما مستمعا جيدا لأرائيها وتنظيراتها الفلسفية الشائكة , والمتعمقة وفى كل شىء يخطر على بال , كما أنها وبجانب كياستها ورقتها وفى أدارة فن الحوار والتحاور , متبحرة بطريقة أو ما فى مسالك الثقافة وتنوعاتها ودروبهما الفنية المتشعبة , وبحكم نشأتها فأبويها وكما هو معروف عنهما قامات أعلامية سامقة فى دنيا الميديا الثقافية , وأمبراطورية الاعلام الرسمي والشعبي , وبالطبع يديرون بسلاسة وحنكة أشهر مراكز التدريب الاعلامي وأعتى الفضائيات بالداخل والخارج , وأكيد أبن ألوز .... .
بذهن متقد كانت هى متفتحة أكثر ومقبلة وبكلياتها على الحياة والمستقبل المبهر الذى أمامها , بينما نجدة هو نقيضها تماما وفى كل شىء , حتى أن زملاءة المقربون كانوا يصفونة جادين بالمؤهوب تارة وبالمنكمش تارة أخرى ، ولكنهم ورغما عن كل ذلك يعترفون وفى دخيلة أنفسهم , بانة كان جاد وعصامي ومنفتح أكثر على نفسة وفنه الجميل والبديع والمدهش , فنجدة يمزج ببراعة وجراءة فائقة وفى آحايين كثيرة بين الهندسة البحتة وبقية الفنون الاخرى وبجراءة غير عادية , تبهر دائما أعين الأجانب الزائرين فيبدون بالسؤال عنة وقبل أن تطأ أقدامهم حتى أرض المعارض .. .
حقيقى كان مغرور ولكن فى حدود ومحسود وهو لا يدرى ومن أقرب وأعز الناس الية ، وفى كل شىء تقريبا حتى على تلك الابتسامة النادرة والخارقة للعادة والتى ترتسم دائما على محياة , وتنم عن رضاء وثقة مفرطة بنفسه وبمن حولة , كما أن الجميع يعترفون بأنة شهم ومقتحم , ولا شىء تقريبا يستحيل على قلبه الشجاع المصادم , لذلك يلقبونة وفى آحايين كثيرة بـ " ألمر " , ولة فى ذلك بالطبع صولات و... .
أما هى وبفوقيتها الغيرعادية والواضحة للعيان , حددت منذ البداية علاقتها بة على أن لا تتعدى بالكاد حدود المجاملة والزمالة العادية العابرة والمعروفة , بالطبع لم تقل لة ذلك ولكنة أستشفها من نبرتها وأحساسة الذى لا يخونة أبد"ا , وأكد لة نفس الشعور وبشكل أيحائى أحد زملائية المعروفين بالتنحي دائما , وعن ركوب الخطوب والمشاق العصية والمهلكة , وفى حينها أجزم لة ناصحاً ومحزراً وحسب معلوماتة المتواضعة , بأن يتركها وشأنها لأنها وعلى ما يبدوا مخطوبة فعليا وعلى وشك الارتباط بابن أحد المتنفذين الحزبيين الكبار , والمتجبرين فى أرض اللة الواسعة أما أبنة اللئيم صاحب السيارة " الفيراري" الحديثة الحمراء , والذي يشار الية عادة بالبنان وسط كل الزملاء , فعلى الرغم من شقفة وحبة الشديد والزائد لها , ملتزم وعصبي المزاج ومتزمت حد العنف , ويغير عليها بشكل جنوني لايصدق , وحتى ولو غازل أو داعب يا صاحبي .. وكما يقول العزال .." نسيم الصبح ضفائرها "" .. .
والشىء المؤكد تماما بأن لمثل هؤلاء الكبار المتعجرفين الواصلين , وفيما بينهم وكم يبدوا مصالح مشتركة كبيرة ومصيرية وشائكة تماما , ولو شعروا بك فى حياتها وفى أى يوما كان فسينفونك بلا جريرة " للواق ألواق " , هذا أذا ما كان وفى قلوبهم ذرة رحمة واحدة , ويومها لن ينفعك وكما تتوهم يا صاحبي .. لا أسمك ولأفنك .. ولا موهبتك .. ولله درك .
-2-
ولان الليل والنهاردائما فى سباق مستمر ، و" المر " نفسة مازال يضعها وبكل جدية وأهتمام وتحدى فى بؤرة شعوره , ولم يلين أو يستكين لمثل هذة الترهات والرجاءات المخزلة والجبانة , لذلك لم يستغرب أبدا وعندما رأى وبأم عينية بان كل ما حزرة منة المتنحي , يحدث لة الان عيانا بيانا وبصورة أو بأخرى..
حتى أن أهلة وزملاءة المقربين , كانوا يدعون دائما بان ما حدث ومايحدث لة من منقصات عويصة وفى حياتة اليومية العادية , أنما يحدث بالصدفة المحضة وحدها وليس هناك لاحدا كائنا من كان يد أو تدخلا فية بتاتا , بل وأن الا دهي من ذلك كلة بأن يوم زفافها المعلن يتزامن وبلا رتوش أو مقدمات وبالصدفة مع يوم سفرة الوشيك للخارج , بل حقيقي ما أدهشة وشلة تفكيرة كيف تسللت فجاءة هى بالذات وصديقتها خلسة , ومن بين أعين فريق الحماية الناعمة حولها ولوداعك وعنوة بالمطار .
يومها تأسفت لك والدموع تكاد تتفطر من عينيها ببالغ الاسئ والأسف , لعدم دعوتك صراحة لحفل زواجها الماثل والميمون , ولتخطيك رقاع الدعوة عن قصد ودون سائر زملاءك الأخريين .. , وشكرتك بالطبع على البورترية الجميل الخاص بها شخصيا والمرسل منك كهدية لزفافها , وأعتزازها الخالص والحقيقي بة ومن دون كل الهدايا العديدة المرسلة لها .. , لحظتها فقط باحت لك بلواعج شوقها وحنينها الجارف والخالص اليك .. , ولو تجراءت وباحت لك بكل ذلك من قبل , لجازفت يا " المر " وغامرت بعدم السفر بعيدا عنها .. , ثم بدأت بعد ذلك ولاول مرة تفضفض لك عن لواعج شعورها وشوقها الحقيقي , ولتصارحك قائلة وبؤجل :
ـ " حقيقى أحسست بك ومنذ اللحظة الاولى لدخولي الكلية .. وشعرت بك أكثر ..وأكثر وعندما أقتربت منك .. أيام رسم الجدارية والبورترية بمنزلنا الاول بشارع " أوماك والمشتل .. " .. ثم قالت لك وبالحرف الواحد :
ـ " أبى تتبع عروضك بكل صالات العرض .. بالخارج والداخل , خصوصا عروضك الرائعة المنتظمة بغاليرى " راشد" و " شبرين " .. ,ورغم أعجابة الغير محدود بموهبتك وعبقريتك الفذة ..
ـ الا أن أنحيازة الصارم وكما تدعى أمى .. كان دائما ومازال للشكلانيين المغاربة لا غير.. بحكم ثقافتة وفلسفتة الديكارتية الصارمة .. , ولتواصل وبعفوية :
ـ حقيقى كان يتمنى رؤيتك .. وعندما التقى بك ولاول مرة لم يرتاح لك على المستوى الشخصى .. بل تراجع سريعا وكليا عن أشادتة الكبري بك .. وبدا وبكل أسف من يومها ينتقد بحدة أعمالك جميعها .. لتواصل :
ــ ويصفك ويا للمفارقة بالشطط تارة وأحيانا بالمروق .. ولا تستوعب إيحائيا القوالب المحلية .. وأنك بالطبع ظاهرة عابرة ولا مستقبل لك أطلاقا .., أما أمى فقد كانت فى صفى وصفك .. " وقالت :
ـ " .. بالعكس أنة أستثنأئى وفنان وفى كل شىء ، .. وحازق جدا ومستقبلة مبهر .. , ولتضيف بأصرار :
ـ نعم أنة مغمور بالداخل .. بينما أعمالة الملهمة تغزوا العالم , وتعرض جنبا الى جنب مع أساطين الفن , وفى أرقى صالات العالم المتمدين , لتواصل قائلة :
ـ " بل لا أدرى صراحة الان .. هل كانت أمى صادقة حقا عندما قالت يومها وبكامل وعيها :
ـ " .. كنت أتمنى يا " شهد " أن يكون من نصيبك .. وبالطبع فأن حظك سيكون .. مختلف تماماً من حظ أمك العاثر... " , عندها أمتعظ أبى لانحيازنا لصفك وبتشفي أمى الذى أزهلة تماما .." , ومن يومها بدأ هو الآخر على ما يبدوا ، يكيد لك معهم كيداً يا " المر " , عندها فقط .. قلت لها أنت .. مازحاً ومعزياً وهى تغادرك مودعة :
ـ " .. أبدا لا عليك " وحيدتي " .. نحن دائما كبشر ومنذ أن خلقنا لا ندرى حقيقة أين يكون النصيب ؟ا" .. بل التفت ولتقول لها مواصلا ومتحسرًا :
ـ " ثم ثانيا ... هى الاقدار بالطبع " الشهد" و" المر " يبدوا أنهما يا " صغيرتي" خطان متوازيان لن يلتقيان أبداً " .. , مع توجدك وتحسرها .. تحينتها هى الآخري فرصة مؤاتية ولتهمس لك مودعة :
ـ " .. أحبك بصمتك ..أحبك بغموضك ...أحبك كما أنت .. " , كنت تؤد لو تفلسف الامور وتقول داخلك :
ـ " .. أخير وهى تبوح بكل هذا .. أنها حتماً كاذبة ".. ولانك تعرف بأنهاً لا تكذب ولا تمارى .. , أمسكت وأنت تؤدعها ساكتا .. , ولكن ساكت فوق رأى .. لم يتبين لك بعد .. .

بالتأكيد كان هذا هو الفراق الاخير بينكم , وفى النفس حسرة فهى التى تفرط فى التشبث بك ولدرجة الهوس والوله , كما أحس والداها .. , يذهب بها سريعاً الى بيت زوجيتها نكاية بها ، أما أنت الضعيف والمقدور على أمرك .., والذى تجراءت وأحببتها ذات يوم بتجرد وأخلاص وأحببت " أسبانيا " فى شخصها.. , وتطلعك للارتباط بها والسفر سوياً للنهل من ثقافتها وفنها الاندلسى البديع , هاهم المتجبرين يجعلون من فكرة سفرك " لاسبانيا " نفسها معها أو بدونها , حقيقة ضربا من الخيال وسابع المستحيلات , بل ويلغون بجرة قلم المنحة المجانية المرسلة لك تحديدا وبالاسم , وليسطوا عليها بغيظ وبطريقة أو ما .. , أحد عديمة الموهبة من المتنطعين أمثالهم , ثم بالترهيب تارة والترغيب يفتحون الان لك عن طوعية , وأنت لا تدرى باب الهجرة الى كندا متغربا وعلى مصرعية , وبالأحرى منفياً بعيدا عنها تماما ولتصدق وتكتمل نبؤه صديقك المتنحى.. كلها , وها هو أخوك الإمام المربى الكبير أيضا يلتقط الطعم , ومدفوعاً بالضغوط ..التى بدأت تهوى علية وتتخطفه , ومن كل حدب وصوب ومنذ أن عرفتها , وهو يوافقهم حتى الرأى ويقول لك مرغباً ..ومحببا لك فكرة السفر نفسها :
ـ " بالطبع أنها فرصة سانحة لاتعوض .., أذهب يا " أخى " ولاكمال دراساتك الهندسية العليا بالخارج ..., ثم أوصيك يا أخى دائما وأبدا .. بالالتزام ..
ـ وأياك ..وأياك والرسوم والمشبهات جميعها .. " .. ثم فى أخرى يقول لك :
ـ " .. وكما تعلم فان فى السفر يا أخى فوائد جمة .. " , ثم يعددها لك وأعظا ومذكرا .. واحدة بعد أخرى.. .
ثم فجاة وبلا مقدمات يجد نفسة يودعهم جميعا وأحدا تلوا الآخر فى تلك الأمسية الباكرة وعلى عجل , ودعواتهم الصادقة بالتوفيق والسداد فى تلك المهاجر البعيدة , بل وليجد نفسة بين عشية وضحاها.. بالطبع ببلاد وكما يسمع الان ويرى تموت حقيقة حيتانها من البرد الذى لايرحم .., ولكنة بجراءة وجسارة غير عادية وموهبة .., بدأ ومنذ اللحظة الاولى يقاوم ظروفة الغير مواتيه ويتفوق على نفسة , وليصبح فى سنوات معدودة أستاذ زائر , فى الانشاءات الهندسية الديكورية العملاقة .., وبالعديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية الرصينة بالأمريكيتين وأوربا نفسها , بل خمسة أعوام لايدرى كيف مرت , وها هى سادسة أخرى مقبلة ومجللة برياح ثلجية وأمطار .. , ويا لعجبى ربما تقربه الان بشدة من ذكرى.. تلك النفوس الجميلة والتى حال الزمان بينة وبينها .
ذاك اليوم بالذات كان بياض الثلوج يكسؤ ليل " تورنتو " , الحالم الطويل الولوف .., والغارق عن آخره فى لجج من الغمام والألوان القزحية البراقة المدهشة , والألعاب النارية الجميلة الذاهية فى كل مكان والتى تهبط تماما ولتضئ المجسمات الهيكلية الديكورية الضخمة البراقة , بينما تتوزع أقواس النصرالخرافية الحجم ذات المسحة الافريكانية والفرانكفونية , هنا وهناك لتزين الساحات وهامات كل الأبنية والأبراج الشاهقة , والتى أمضي بالفعل الأسابيع الطوال , هو و" صوفي " .. وفريق العمل الضخم المصاحب , فى زرعها فى مختلف المداخل والمنحنيات , ومزج مختلف الثقافات الانسانية بالمدينة فى بوتقة وأحدة , فى أحتفالية رأس السنة الميلادية العالمية الطابع الأمريكية المظهر والثقافة ,.. بينما كان هو ليلتها يوصد الباب تماما عليه وحيداً , وهو يقضم مستأنسا بالنارجيلة , معشوقتة المفضلة وبنكهاتها الفواحة والمؤغلة فى الأصالة الشرقية الرصينة ، والتى يركن اليها دائما..وفى مثل هذة الظروف والأجواء الغير مؤاتية والصاخبة بالذات .., الإضاءة الرومانسية الخافتة موزعة من حولة .. , وهو يتابع عبر القنوات الفضائية العالمية كل المشاهد الاحتفالية الضاجة حول القرية الأرضية , ليحتفل منزوياً بعيدا لوحدة وبطريقتة الخاصة , وكما يحدث دائماً وبعفوية وفى مثل هذة الأجواء الضاجة بالفرح واللهو الهستيرئ والغير مسئول .., أما " صوفي " زوجته فهى الاخرى بالخارج تحتفل بكل مظاهر ومشاعر الفرحة مع أفراد جاليتها من المهاجرين ، وفى هرج ومرج كبيرين .. .
لا يدرى لماذا يتلبسه الان الحنين الى الوطن دفعة واحدة , ولماذا يتذكرها هى بالذات .. ؟ وكيف أن حياتها بعد أن كانت فى جذب ومد مع زوجها , أنتهت الان بانفصال داؤى , أطاح أيضا وللأبد بعنجهية وطموح أبيها ولمدير معاش بامتياز, وكما تنبأت أمها ، لحظتها فقط كأن يوازن بين ما وصل الية الان من مكانة ورفعة , وما كان علية فى الماضي من بساطة وتواضع .. , ثم أخذ يضحك بخبث وهستيرية موجعة وهو يقول لنفسة :
- " .. الان لا ينقصني شئء .. فقد أصبحت يا عم " عبد الجبار" .. شكلاني للنخاع .. , بل وبأكثر مما يتصوره أصحابك الشكلانيين المغاربة والروس مجتمعين " , ليواصل حديثة لنفسة :
ـ ".. المشكلة الان .. ليس أبيها ..؟ اا.. "
ـ " .. أنما .. هى نفسها .. هل ستقبل أن تكون زوجة ثانية ؟ ".. ثم " صوفي " نفسها ومع تضحياتها معى , هل ستقبل كل ذالك أم ستنهار ؟ " .. ثم بوجع قال داخلة "
ـ " هى تعلم بأننى فعلاً " المر " .. ولكننى بالطبع غير مجبول على الغدر والخيانة " , وبالفعل كان فى حوسة وشظى حقيقى .
أما من المفارقات والتى مازالت تؤرقه بعد ذلك , أن " صوفي " نفسها وربما بإحساسها العالي والمتيقظ دائما , .. شعرت ربما بكل ذلك , لهذا وعلى غير العادة وجدها فجأة تقف أمامة ومتعصبة بعض الشىء , وعادت على ما يبدوا مبكرة وقبل أنتهاء مراسم الاحتفالية كلها , ولتجلس بقربة وبهدوء متصنع ولتسالة ، معاتبة ومستفهمة ..
- لما لم تأتى !؟ الكل حقيقى يفتقدك .. ويحرجوني بالسؤال الدائم عنك ؟ ولا أدرى حقيقة بما أجيب عليهم ؟ اا ...
- وأنت هنا .. ولا يهمك !؟ ، كانت تعلم بان أجابتك دائما .. وفى مثل هذة المواقف بالذات , تفضي الى صمت مطبق .. ولا أجابة .., لتعود أنت مرغم ومن جديد لتهدئي من ثائرتها بعض الشىء وتحضنها ، وأنت تبتسم لها هذة المرة بابتسامتك الخارقة .. , والتى تثق بأنها كفيلة ربما لاذابة ثلوج كل تلك الليلة مجتمعة , وتنم كذلك عن معاني رضاءك الدائم وأعتزازك بها , لتبادرك فجأة مستدركة بعض الشىء وبامتعاض وأضح ورغم ثقافتها العالية قائلة وبروح شرقية فجة تعجبك فيها :
- أنت لا تغير على كما ينبغي ؟ أذن أنت لا تحبني !؟؟اا ..
ثم أردفت بغيظ قائلة وربما مداعبة:
ـ " النساء عادة .. هناك عندنا فى " الأنضول " , يقلنا عن الرجل الذى لايغير على زوجته .. أنة بالتأكيد..لايحبها " ؟ااا.
هى تعلم بأنها بذلك ستثير حفيظتك للرد عليها , وأن ردك لن يتعدى كم عوتها .. سواء النفي لكل ذلك جملة وتفصيلاً ، وأنك بالتأكيد ستقول لها وفى هذة الجزئية بالذات ...وكما عوتها :
ـ " .. كذب نساء كل العالم .. ولو صدقوا .. , فأن ما بيننا دائماً .. يا " صوفي ".. , الحب والثقة وهذا وحدة عندى يكفى .. " .
لحظتها كانت مستكينة تماماً , تستند على كوعها لتزيد من وتيرة أشعال نار المدفئة , لتعتدل بجدية هذة المرة فى جلستها ، وكأنها تريد أن تقول أشيئاء .. وأشياء كثيرة عالقة تختلج داخلها .. وهى تنظر بعيداً قالت :
- " ذاك اليوم البعيد .. كان على أن أختار الهجرة الى " كوبيك " أو " تورينتو " .. , لاأدرى لما أخترت " تورينتو " و "والبلوتكنيك أسكول" بالذات ثم أخترتك أنت .. عن حب وقناعة زوجاً لى من بين كل رجال جاليتنا الكردية الكبيرة .., والذين يفتخرون بكوني أستاذة جامعية حصيفة وملتزمة .. , ولا يحتفون عادة باى غريب وسطهم أو بينهم .. الا أنت وبالاسم .., ودون كل المهاجرين العرب والأجانب الأخريين .. " .. قلت لها بصدق وترؤى:
- " بالطبع هذا قدرنا ....يا " صغيرتي " .. " ..
ثم فجأة أخذتها بغتة من يدها .. , فالساعة تقارب الان حوالي منتصف الليل , وأخذا الاثنان يرقصان سوياً بشدة .. ,ويضحكان بصوت عالي وصخب وجنون هستيري .. , رقص أشبة " بالفالمنجوا " أو .. " الكان كان " .. لأيهم , ولكنة كان أكثر أحتشاما .. ويغنون لوحدهم وبصوت واحد أغنية غجرية زائعة الصيت , تعلماها أثناء دراستهم بالبلوتكنك ..., تقول كلماتها :
" أنها الاقدار .. أنها الاقدار.. يا حبيبي
تجمعنا كملاكين .. جميلين ..
أنها الاقدار ... ولو ذهبت فى طريق آخر ..
لما التقينا.. يا حبيبي .. ولما تحابينا هكذا ..
لهذا فأننا .. كم مدينون لك.. دائما ..
يا أيتها الاقدار .. وهكذا .. "
ثم يواصلا الرقص والضحك متزامنين , مع أطفاء كل الشموع والأضواء لثواني معدودة , ليعودا لاشعالها سوياً من جديد أيذاناً بوداع عام , وأستقبال عام آخر جديد , بل وعندما أستكانوا تماما قالت بعمق , وكأنها تستعرض أمام عينيها شريط الأعوام الطوال من الاحداث والمواقف والتحديات الجسام , والتى أجتازاها سوياً قائلة:
- تبدوا لى كم أنت ماهل .. وصبور .. ولانك شقي ومثابر وتعرف كل الدروب .. فثقتك فى مقدراتك وبمن حولك ..لأتحدها حدود , .. لهذا تجدني دائما أشبهك لهم بالليث الهزبر .. لاتلتفت للخلف أبداً .., لأنك ببساطة وصراحة لا تخاف من شىء .. الا اللة , وهذا ما يجعلني .. فخورة ومتمسكة بك أكثر .. وأكثر .. , ثم همست لك بعدها , ولاول مرة وبصوت خافت قائلة :
- " أحبك بصمتك ...أحبك بغموضك...أحبك كما أنت .." ..
بالفعل أندهشت , بل وأندهشت أكثر وعندما قالت لك وهى التى أشترطت أن تكون عصمتها بيدها :
- أعلم بطريقة أو ما .. بأننى زوجتك الاولي .. ولكننى لست الاخيرة بألتاكيد ؟اا, فهذا هو الشرع الذى كم أرتضيتة أنا ... , فهل هى الاخرى سترضى بة ..؟؟ اا .. بالطبع لم تستطع أن تقول لنفسك أنها كاذبة... هى الاخرى ، ولكنك بالتأكيد ، قلت مؤاسياً نفسك :
- " أنها بالتأكيد مصيبة كبري .. , أن يختلف بشأني كل نقاد العالم .. وتتفق حولي أمرآتان " .
تمت ,,,
فتحي عبد العزيزمحمد
الخرطوم – مقرن النيلين

شاعر : فتحي عبد العزيزمحمد