القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الشحمة والنار .. / فتحى عبد العزيز محمد - الخرطوم

الشحمة والنار ..
" يخلو الصباح منك: يخلو مني، يبدو غريباً عن نزق الفجر ووسوسة اللإنتشاء."
" بركة ساكن "
تشككت يومها فى مقدرتى على أخفاء تباريح المى بعيداً عن عينيها هى بالذات , بل تشككت أكثر بمقدرتى بالعبور بجرحى الخاص ولو خلسة وبعيداً عن نظراتها , والتى كانت تتأرجح الان حقيقةً بين الأشفاق والريبة , صحيح أنها الام الرؤوم و التى ربت وكابدت وعانت , وفى كل ذلك وبالسنين الطوال وبالطبع ليس بمقدورها هى أو أى أم أخرى على شاكلتها , أن تقبل بعد كل هذة السنين والنجاح الباهر والمحلق والذى تحقق لها حقيقة وفى شخصى الضعيف , أن تقبل ولو عرضاً أى لحظة ضعف أو يأس واحدة فى عينى أنا وحيدها وفلذة كبدها , الطبيب اليافع الفذ والذى حاز بلا منازع على جائزة كلية الطب فى جراحة القلب , والذى لم تكف حتى اللحظة من الاحتفاء بريادتة وعبقريتة ونجاحاتة المزهلة كل الاوساط العملية , وعلى النقيض من ذلك كلة كانت بالاحرى تمنى نفسها لو تقطف ثمرات أوكلها وغرسها اليافع النضر .. .
يومها كانت جل مشاعرها تتأرجح حقيقة بين مزيج غريب ومزهل من الفرحة والحزن .. , الفرحة لكونى ساكمل تخصصى الدقيق والنادر مبتعثاً من هيئة التدريس بالخارج .. , وحزنها بالطبع الماثل الان لفراق طويل .. , لاول مرة فى غربة تتخطفنى ولما وراء البحار كما يقولون .. ربما أختصرها فى حدود الدراسة نفسها , أو أن أمددها من تلقاء نفسى وتطلعى لغربة أوهجرة بالسنين الطوال .
ذاك الصباح الباكر المختلف .. تماما , والذى مازلت أذكرة كانت باحات المطار رحبة .. , خضراء نضرة مزدانة زاهية وكما لم تكن من قبل , تطرد بحميمية حشود الوحشة الجاثمة , ثم ذاك النوع الغريب من الحزن الذى يهترى بالفطرة النفوس والقلوب الملتاعة , ولحظات الوداع والفراق الوشيكة .. , بل بدأت لى صالة المغادرة هى الاخرى تنوء بالصمت الصاخب .. والزحام , وهى تحتضننى بحنؤ ملحوظ ولهفة تغالب " ست الحبايب " وهى تودعنى , ودمعها السخين وانا فى صمتى البليغ , هائم والى ماهو أبعد من أهوال الغربة والبعاد , والتى لم تكن داخلى بأى حال من الاحوال وليدة اليوم او اللحظة الماثلة .
بل وهى التى تحس بى داخلها .., ترفض كل هذا الذى اوجدت نفسى فيه من هم وحزن .. , كانت تقول لى مواسية حانية متحسرة بالطبع لحالى :
ـ ..أسع .. كيفن تسافر ..؟ا
ـ ولاحنة ياولدى ولا ضريرة ؟ا.
تلك اللحظة بالذات كنت حقيقة , أحاول أن اتفوق على الالم والظروف الغير موأتية تماما , والتى أخذتنى بتلابيبها فجاة والتى لم أتصور , أو أصدق حتى الان بحدوثها أصلا , ثم ياتى غرورها والذى أزهلنى , بل وسوء الطالع نفسة , الذى لازمنى كظلى بعد ذلك كلة , لأرد عليها وبكل ثقة وأنا أطمائنها أكثر قائلا :
ـ .. حتى ولو .. ثم ثانيا كل شىء يا أمى . قسمة ونصيب " .
كانت تود لحظتها أن تفضفض مابداخلها , وتسترسل معى الحديث ..ودموعها المتساقطة , وهى توصينى بالابتعاد تماما عن طريقها الصعب , والالتفات صراحة الى مستقبلى الواعد والمبشر .., لتفاجئنى شلة من زملائى المبتعثين والمودعين .. , ليأخذونى منها راضية مغتبطة فى معية فرحهم الغض النضر , وأنا انطلق حقيقة واياهم الان فى حديث ذكرى وشجن, ووداع لاينقطع الا ليبدأ .. من جديد , مبدداًً أولا شعورها بالوحشة وأطمائنها أكثر على قدرتى على تجاوز , كل ماحدث لى من الم وحزن .. وانا بالطبع أستشف كل ذلك , فى عينيها وهى تمتعظ بحرقة تتمتم داخلها :
ـ " بت " فاطمة " مقصوفة الرقبة .. الشالا من قسمتك يشيلا من قلبك .. يا " سالم " ياولدى .. الشافتك بطنى قبل عينى " ثم تصمت لبرهة لتواصل أمتعاضها المسموع الان وأنا أترقبها بصبر لتقول :
ـ " تتجازا الشافعة .. الدايرة تعمل ليك صدمة .. "
تماسكت لحظتها وأنا أودعها , وأعدها باننى حتماً ساسقطها من حساباتى , وتطلعاتى فى يوم ما قادم قريب والى الابد .
-2-
بالطبع كنت ولاعوام عدة خلت بعد ذلك , عملياً جداً بل أخذت اغيب نفسى فعليا , فى ردهات العلم والتحصيل والعمل المضنى بالجامعات وغرف العمليات , ليبزغ نجمى وتفوقى ولاحقق فى نفس الوقت ذاتى , من خلال تخصصى الدقيق والنادر .. وأنا فى كل ذلك , أحاول أن أتناساها.. بقوة ولكن هيهات , فهى على النقيض من ذلك كلة .. يا سادة يا أفاضل , كانت حضور دائم .. ولم تغب بغرورها المزهل عن تفكيرى لحظة واحدة .. , وأنا بأمتياز اعلن فشلى الزريع فى أحتواها وأقتلاعها عنوة.. , بل وبمنتهى الياس أمنى نفسى .. لو أطرد خيالها الأثر فى يوم ما قريب , ولكن هيهات لى كل ذلك وانا مابرحت أفشل حتى الان , صراحة فى أستيعاب تعاليها الأجوف ونرجسيتها المزهلة .. , لاتندر داخلى قائلا :
ـ " لدرجة أنها تتركنى هكذا غير مبالية ..نهباً للظنون والأوهام ولم تعطينى حتى أجابة واحدة محددة .. لاواصل :
ـ " ولتنتهك هكذا .. وهى غير مبالية .. وفى غفلة زمن لحظات فرحى الخاص ً.. والتى تعلم يقيناً بانة لن يتم اصلا بدونها .. " , لكل ذلك تجدنى دائماً ما أحزن حقيقة , للظروف أولاً ثم ذلك السيل الجارف من الوشايات , التى سرت يوم أن فشلى حقيقة فى أن نكون سوياً مجرد راى , لخطبة حتى ربما تكون أو لاتكون .. , بل وانتزعها الان عنوة لفرحة أمى وأمنيتها الغالية بسعدى .. , والتى لم تكتمل بعد والتى أصبحت الان وبدونها هى .. مجرد وهم وخيال ليس الا.. .
ومع كل ذلك تجدنى يومها , وبجدية أحسد عليها أكابد , فى تحصيل العلم لانجز بتفوق تخصصى , كجراح مناظير وقلب مفتوح أعالج ثقب القلوب وقلبى أنا المثقوب أصلاً , وحتى عندما أرسلت لى ملتاعة وفى ذاك اليوم وبعد كل هذه السنين , رسالتها الوحيدة وتترجانى لاعود سريعاً وعلى جناح السرعة لانقاذ امها .., والتى كانت تنتظر على شفة هوى من الموت .. وكما يقولون , لم أتردد يومها أو أن أفكر .. بل أدرت ظهرى عنوة وبتحدى , لكل العروض والمناصب البراقة المعروضة على من مختلف المستشفيات والجامعات الاوربية والامريكية .
ولاعود فجاة وسريعاً هكذا ولارض الوطن وعلى أول طائر ميمون .., وكاننى يومها كنت أستجيب الى نداء ما داخلى لايقاوم .. , بالطبع أستبطن والدتى الان وأذا ما فاجئتها وعدت هكذا , أو بعودتى الغير متوقعة أصلا أو حتى على البال .. ثم مقدار الدهشة , وذاك الكم الهائل من الاستغراب والاستعجاب الذى سينتاب بالطبع الجميع , أما فرحتها هى بالذات فلا تضاهيها أى فرحة أخرى , ولكنها الان وبقلب الوالد لم تستوعب بتاتا حقيقة عودتى المفاجئة , والغير متوقعة أصلا .. بل أن سؤالها الملحاح والمغلف كياسة ولباغة , أحس بة ينهشنى.. الان فقط وصراحة :
ـ "سالم " لما عدت فجاءة وبكل هذه السرعة يا ولدى ؟! .. ولما أدرت صراحة ظهرك لكل أبحاثك ومشاريعك الطموحة .. ومستقبلك الباهر كاكبر جراح قلب يشار الية بالبنان .. وفى أعرق المستشفيات " اللندنية " والامريكية ..؟؟اا " .
فاجبتها وهى على مضض تعلوها الدهشة :
ـ " حتى ولو .. وجودى الطبيعى يا أمى .. هنا بالطبع وسط ناسى واهلى " .. لاواصل .. :
ـ " والناس والبلد هنا .. حقيقة فى حاجه ماسة لامثالى .." , ردت على بامتعاض وأستهجان :
ـ " ياحضرة البروف .. جيت للبلد والناس صحى .. صحى ولابتتصنع ".. ولتضيف بعد برهة مغتاضة :
ـ " ولاجيت تتبع خطى مقصوفة الرقبة " صفاء " بنت " فاطمة ".
لتواصل أمتعاضها المسموع وفى حرقة مفحمة :..
ـ " ثم ثانياً نسيت ولادايرنى أذكرك بتعاليها .. وسلاطة لسانها وتطاولها .. ذاك اليوم عندما قلت لها وبمنتهى الدعابه وطيبة الخاطر :
ـ .. " أبوك الليلة يا " صفاء " فى موقف الباصات .. سألنى كترت أسئلة .. بس تقول شنو تحقيق ..
ـ " أنت زميلها فى الجامعة ..
ـ " أنت ود منو فى " ودعيسى " غرب .. تقول بس داير يناسبنى عديل كدا.. " , ثم هى وبجلالة قدرها.. ألم ترد عليك وسط كل الزملاء متهكمة وبتبجح :
ـ " أبوى عمدة البلد كلها .. " ظهر وبحر " .. دايره كمان يخت يده فى يديك ويناسبك أنت اا ".
بالطبع ورغماً عن كل ذلك .. ,أقسم بأن شئ ما يجزبنى اليها بشدة هى بالذات دونهم كلهم , لا أستطيع مقارعتة أو حتى مقاومتة , صحيح أنها ليست فى جمال " عبير " بنت عمتى .. أو حتى فى روعة , ورقة دكتورة " مروة " بنت عميد الكلية والتى كانت تزاملنى البعثة .., والتى كم بذلت لوالدتى وقتها وحر مالها .. وأعجبتها أبأن زيارتها العجلة لى , بعاصمة الضباب فى الصيفية الماضية يوم أن أختارتها لى , بملئ رضاءها وعقلها , ولكن قلت لها يومها صراحة :
ـ " قلبى ليس معها .. يا " أمى " , فردت على يومها ناصحة وممتعظة :
ـ " خذها لعلمها وجمالها المنقطع النظير .. بل أظفر بها تربت يداك , يا ولدى .. فهى بالفعل ذات نسب ودين ,بل أجبتها يومها متماهيا كليا :
ـ " ثم ثانياً ياوالدة .. لولا أختلاف الامزجة لبارت السلع .. , يومها زعقت بشدة فى وجهى ضجرة من تاويلاتى المبهمة , والغير مؤسسة بتاتاً .. عن أشياء ضبابية كالحنية والدهشة , وانسيابية الافكار والامزجة يومها احتسبتنى صراحة من زمرة المهوسين , وأخذت تندب حظى العاثر قائلة بحسرة وتوجد.. :
ـ " فعلا " مروة " نعمة وأنت مرمى الله .. ومرمى الله مابترفع؟! .
مازلت أذكرها كانت هى بالتربية علوم , وأنا مسكون بمجمع الطب ومفتون ومازلت بوحدة الابحاث , ومشاوير مركزالخرطوم ـ للقلب
وعندما تجمعنا أسبوعياً ولساعات معدودة , ظروف العودة " لشندى " بالباص أو الحافلة .. , نكون دائماً فى عكننة وشقاوة محببة للجميع تناوشنى بغلظة دونهم كلهم .. , أستعجب :
ـ " البت دى .. خاتا نقرها من نقرى لى ؟ا " , يقولون لى كلهم أنت وهى دئماً هكذا كالشحمة والنار .. , فجاءة تلهبنى بأستخفاف وحيلها المحبوبة دائما , وأنا وسطهم تنادينى يزل لسانها :
ـ " ياود الباش تمرجية .. " , وهل فى هذا سبه من أى نوع ..أرد عليها الكيد صححى المعلومة:
ـ " معاونة صحية .. يا الحمرة الاباها المهدى .. " , تستشيط بعدهاغضباً عارماً يضحك الجميع يستغربون فعلاً " حمرتها " , وهى تقول لهم :
ـ " أنا بنت بلد ماصلة ومفصلة .. ولكن العرق دساس .."
أتساقط لحظتها أسفاً وهيهات ثم هيهات .. , وهى تستشيط غضباً عارماً لايوصف ودمعاً عصياً يغالبها .. , وأنا بالطبع فى حوسة محرج أعتزر لها علناً وأمام الجميع .. , لارضائها وأستمالتها لاقول لها :
ـ " ما أنتوا البنات .. شلتوا الصفار .. وأديتونا الخضار ..
.. ولو أزعجك مزاحى .. لاوقفتة فوراً , ولحبست لسانى ونفسى عنك أبد الابدين , يضحك الجميع جزلين وليقولوا لنا :
ـ " أنت .. وهى ..هكذا ومنذ أن عرفناكم كالشحمة .. والنار.. " , ثم يسرؤن لى هامسين :
" .. بانها حقيقة تحبك .. وبسببك ربما رفضت متمنعة الكثيرين الذين يطلبون عنوة خطب ودها .." , حتى أمها لم أسلم من تندرها وتعاليها بشخصى الضعيف , حتى أننى وعندما فاجئتها ذاك اليوم وتقدمت بطلب يدها عنوة , وبدون أدنى تروى أو حتى مقدمات .. حسبتها أنزعجت لجراتى الغير عادية .. , وتسرعى وعدم كياستى .. بل ضربت كف على كف .. , وادارت لى ظهرها كالدنيا وقوة عين .. بل أحسست باننى فعلاً تسرعت , وفاجئتها مقتحماً على حين غرة .. فتركونى يومها الاثنين فى الصالون جانباً .. , هى بالطبع فى صفى تزكينى لها وتلك ضدى قلباً وغالباً , وظلوا هكذا ولفترة حسبتها دهراً .. يتبادلن الحديث بحنق فى الداخل , وصوت أمها المسموع ياتينى :
ـ " طبعاً أنا عندى شورة يا بنت .. ولن أزوجك له بهذه السرعة .. حتى ولو كان مش مسافر امريكا .. ولو كان مسافر الواق الواق .. ولو أنتِ مامنتظرة شورتى .. وشورة أعمامك .. أتفضلى ياستى عرسية و بالمحكمة .." , ثم التفتت ضجرة متنرفزة لشخصى من علياها لتهوى على بمطرقتها , وأنا أسال نفسى حقيقة عن جدوى أن أنتظرها أو حتى مجرد التحدث اليها بعد ذلك , لتفتح عنوة وفجاءه الباب على مصرعية وهى تنادى على أخيها ليستفهم منى اكثر .. واكثر وتقول له أمرة وبعنجهيتها وفنجريتها التى لا تبارى .. :
ـ " .. بالله اسالوا يا ود " المك " .. أنا بنت العمدة ناظر الخط الخامس لزم .. وهو بقول من " ود عيسى " غرب .. سمح قول ليهو انت ود منوا فى حوش جدنا الكبير " عثمان ود العقيل " .
بهدوه قلت لها مستغرباً ومستهجناً حديثها كلة:
ـ .. " شى غريب وعجيب .. أذا لم تعرفينى حتي الان .. أنت بالذات يا " حاجة " .. لا واصل قائلا :
ـ " وببساطة شديدة .. فانا لو تناسيتي أو حتى غضيتى الطرف فانا الذى أقف .. أمامك الان وبكل تواضع بروفيسر " سالم " كبير أستشاري جراحة القلب المفتوح .. والذى تم أستدعائى يومها وعلى جناح السرعة .. وخصيصاً من لندن مسترخصاً الغالى والنفيس .. وعندما أستنجدت بى فى لفتة بارعة بنتك المصونة .. ومركز الخرطوم للقلب وبالاسم .. لاجرى لك بنفسى أنت بالذات وقائمة المنتظرين من أهلى الغبش السمحين .. وبالمجان وعلى نفقاتى الخاصة بالاحرى أعقد عمليات قلب مفتوح .. حتى أبوكم الراحل المقيم العمدة الكبير .. ناظر كل الخطوط عندما فوجئ باريحيتى الزائدة .. وفيض كرمى الغير عادى مع الكل .. وزيوع صيتى كنصير أصيل للغبش والمستضعفين .. , وباننى من صميم أبناء , " شندى "و " الحوش " الاوفياء والسيد المطاع فى كل هذا الصرح الخرطومى الكبير .., نعتنى " بولدنا الارباب " , أمامك أنت بالذات وامام الجميع وعلى روؤس الاشهاد , بل حتى هى الواعية للاسف بكل شي .. , لم تكلف نفسها حتى رغم زحمة عملى وأرتباطاتى الكثيرة والتى تعرفها جيداً .., عناء تعريفى بك أكثر .. وأكثر .. , فانا والحمد لله .. علم زائع السيط وعلى يداى كتب الله شفائك العاجل .. , فجئتى الان فقط .. لتتغابى حتى العرفة .. وتقولى لى بتبجح وأزدراء ما معناه :
ـ " أنت ود منو .. مع أبوى العمدة .. وأنت ود منو فى حوش جدنا علان .. وفرتكان ولا فاكرانى مستعير من أهلى أومكثوف لاقول لك وبصراحة :
ـ " باننى ود عم " رابح " .. غفير السوق البسيط .. والكادح الاجير بجروف ريفى " ود عيسى " و " الحجير " .. وأمى " أمنة بنت مند امت " .. باش تمرجية " ود عيسى غرب " حتى تعرفينى .. " , بل وهى تتوارى خجلا من تواضعى الشديد , معها وبساطتى .. , لتقول لى فجاة وبلطف تحسد علية تلبسها :
ـ " سمح .. " أمونة " أمك .. لماذا لم تاتى معك ؟ لحظتها وببديهة حاضرة قلت لها باسف وحسرة :
ـ " هى مثلك تماماً .. تقف حجر عثرة فى أتمام مثل هذه الزيجة .. وبصراحة قالت لى :
ـ " بانها لن تذهب معى ابداً .. لطلب يد المحروسة بنتك أنت بالذات لانها تعرفكم كويس .. لن تعطوها لى أنا المغلوب على أمرى بأخوى وأخوك .. ونهتنى عن ذلك قائلة :
ـ " مافى داعى تجرجرنى معاك .. , بل لامتنى قائلة :
ـ " ثم لماذا لا تريد أن تفهم المسائل على كدا يا ولدي .. وأنت حالتك قالوا الدكتور المتعلم .. والله فعلاً القلم ما بزيل بلم اا " , بعدها التفت اليها بكل ثقة وأعزاز ولاقول لها فى أصرار وتصميم , وجراءة غير عادية :
ـ " ما دام أنا أحبها حقيقة .. وهى تبادلنى نفس الشعور فتزكيتى محسومة .. فانا بروف " سالم رابح " وبس ؟اا" , ولاوأصل قائلا :
ـ " .. ولا أريد أن أكرر عليك ما سمعتية أو ما شاهتية بعينيك البارحة.. باننى علم معروف وعلى راسة نار .. , وزائع الصيت فى مستشفيات أنجلترا وأيرلندا والسودان .. كما وصفتنى أمس وبكل أعزاز وفخر أحدى الفضائيات العربية المرموقة .. ولاضيف موأصلا :
ـ " .. والان أنا هاهنا .. أولج البيوت من أبوابها .. وبكل تواضع أبن البلد الشهم .. أتقدم الان ورسمياً لطلب يد المصونة بنتك " صفاء " .. واعتقد جازماً باننى وبكامل حضورى .. لست بحاجة صراحةً بوصايا من أحد كان .. فموافقتك أنت يا " ملكة " بالذات .. بالنسبة لى تكفى .. " ,
عندها فقط زغردت وباعلى صوتها وقالت لى :
ـ " والله فعلاً .. حقيت الاسم يا " سالم " الارباب ...
البارحة مساء سرى كالنار فى الهشيم , وبالحلال " بحر وضهر " :
ـ " .. الليلة ياناس عرس .. الشحمة والنار .
تمت ,,,
فتحى عبد العزيز محمد
ـ سوداني
الطائف ـ قهوة سوق الليل
5 /مايو/2001م

 فتحى عبد العزيز محمد - الخرطوم