القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قصة أكتوبر الاخضر "جزء أول " فتحى عبد العزيز محمد دارفور – ودعة

أكتوبر الاخضر(1) ..

تنوية : هذة قصة لوقائع تخيلية تماما وعجلة فى الغالب الاعم تختزل , الارهاصات وكل الاحداث التى حدثت طيلة الشهر وعلى غير الحقيقة فى يوم وأحد أو يومين فقط كما أنها ليست تاريخ والاسماء الواردة لاشخاص أو أماكن مجرد غبط عشواء ولايعتد بها , وانما مجرد أمانى وشطحات خيال بارع صادف بعض من الحقيقة , نقلتها عن جدى الاقرب والذى عايش الندوة الشهيرة ولحظة الأزمة الثورية أو الانفجار الشامل وهو يحاول أثناء أبنة الوحيد والذى كان يجتهد لاقتفاء أثر جدودة الاوائل والذين كانوا يعملون بالسياسة والجيوش الخديوية الخطرية والاورط المصرية القديمة كابر عن كابر , فلفق لة هذة القصة بدرامتيكية وليصدءة أولا وأخيرا وبالسياسة التى نكبت باجدادنا , وليعود هديا رضيا ولمهنة جدودة صرماطى بالدباغة مدنى , حيث ورشة جدنا الاكبر مصطفى ود سلطانة وهو أميرفى المهدية .. وهذا ما لزم التوضيح .
قبل 21 أكتوبر بيوم ..
باب المدرسة الامريكية العالي الضخم ذو الجوانب الخرسانية والاعمدة الفولاذية , كان مصفحا بالكامل وبالحديد الصلب لا يتزحزح أبدا ولا يتعاطف معنا علي الاطلاق , نحن معشر الطلاب المشاغبين ويقف أمامنا كعقبة كؤود أو حائلا ودون الخروج حتى للشارع للالتحام والمشاركة فى التظاهرات الطلابية العنيفة العارمة والتى تجتاح وتعم " أمدرمان " كلها من أولها ولآخرها , لحظتها كان مغلق تماما وبأحكام ولليوم الثالث على التوالى وبالطبلة والجنزير , والمفاتيح كلها بيد مديرة المدرسة المناوبة الان ست " الن " , وتعليماتها الصارمة والمستدامة للصول العتيد وحارس المدرسة العم " قرض " , كانت وأضحة وصريحة ولا لبث فيها ولا غموض :
ـ مافيش حد من الطلاب .. يا حضرة الصول أبراهيم .. يا قرض .. يخرج للشارع .. أو ينضم للمظاهرات أثناء ساعات الدراسة .. مفهوم ؟؟اا " , بالطبع هى نفسها الاجنبية الهوية لم تكن فى دخيلة أو قرارت نفسها , على قناعة تامة وبما يجرى ويحدث الان بجامعة الخرطوم والشوارع , من مواجهات دامية وعنيفة بين المواطنين والطلاب والسلطات الامنية وسقوط العشرات من القتلة والجرحة , وأستمرار الحكومة العسكرية فى سياسة نقض العهود وتعليق الدستوروقمع التظاهرات بالهراوات والغازات والقوة والشدة وألاستخدام المفرط للرصاص الحى , كان هذا القرار الفوقى والذى تسلمتة المديرة شخصيا وقبل عدة أيام ومن مدير التعليم الخاص والغير حكومى , ولجنة أمن مديرية الخرطوم نفسها , هو أمرا تنفيذى عالى وأجب التطبيق الفوري وبلا أدنى مناقشة ومن أى أحدا كان , وتحت دعاوة ومبررات شتى مستساغة ومشروعة جدا , وهى من قبيل سلامة أمن الوطن والطلاب أنفسهم , ومع كل ذلك فأن الطلاب وبالمدارس الحكومية الاخرى والمجاورة لمدرستنا , كطلاب ألاهلية و المسقبل والاميرية وودنوباوى , لم يعودوا ليكترثوا أو ينصاعوا أطلاقا ولمثل هذة التعليمات والتهديدات الشديد اللهجة والخرقاء والممجوجة , بل مضوا وبثبات وفى أعمال الشغب والتظاهر وتحطيم زجاج السيارات , ضاربين بكل المحازير والتهديدات عرض الحائط وهاهم ومنذ صباح اليوم ولليوم الثالث على التوالى , مازالوا يواصلون التظاهرات والاضطرابات والمواجهات الدامية ومع شرطة " الطوارى " مكافحة الشغب والتى وقفت عاجزة تماما هذا الصباح بالذات عن صدهم والسيطرة عليهم , وهم غير مبالين وفاتحين صدورهم للرصاص والموت فى سبيل الوصل لجسر النيل الابيض , ومن ثم العبورمباشرة بأتجاة شارع النيل للعاصمة الخرطوم والمطالبة بسقوط حكم العسكر , بينما كانت الخرطوم نفسها تغلى كالمرجل بالثورة , مما أضطر السلطات للاعلان الفورى للاحكام العرفية ونزول الجيش للشارع لحفظ النظام وأعادة هيبة الدولة , وتعزيز كل ذلك بحزمة أجراءات قاسية , منها الدفع ولاول مرة بأجراءات ما يعرف بقواعد الاشتباك القانونية مع مثيرى الشغب , والمرفقة بلائحة الطوارى العامة وأى قوانين ولوائح عسكرية مصاحبة لها أخرى , ولوقف أى مد ثوري جماهيرى ليصل للخرطوم من الاطراف والتى كانت تغلى هى الاخرى بالثورة .
ومع كل هذة الاخبار المزعجة بدا الان الطلاب , ومن مختلف المدارس والمجاورة لمدرستنا الخاصة يتجمهرون ويحيطون تماما بها , محرضين بهتافاتهم الطلاب المتعطشين بالخروج عنوة وللالتحام والتجاوب ومع تظاهرات الشارع الهادرة , والتضامن كليا مع مطالب الجماهير العريضة والواسعة , ولاسقاط حكومة 17 نوفمبر فورا ومنزرين ومهددين بكسر الباب الرئيسى والدخول بالقوة وعنوة , وحرق المدرسة وتحطيمها بالكامل وعلى رؤوس الطلاب والمدرسين , بالطبع لم يستطيعوا الطلاب بمفردهم طيلة الايام الماضية من تحطيم الباب الحديدى الفولاذى وأقتحام المدرسة , ولكن هذا اليوم بالذات أنضمت للتظاهرات أعداد غفيرة لاحصرلها من الموظفين والعمال , وحتى العاطلين عن العمل والمشردين من الرجرجة الدهماء , وتناهى الى مسامعنا أيضا أخبار خطيرة من قبيل سقوط أبواب عملاقة وضخمة , وللعديد من المدارس الخاصة والمعتبرة والعالية السياج أبتدا من مدرسة الراهبات بالمسالمة , ومدارس الارسالية للبنات وأنتهاءا بمدرسة التجارة الثانوية للاولاد , وأشعال النيران والحرائق هنا وهناك وحرق العديد من طرمبات الخدمة وظهور المولتوف ولاول مرة , وهكذا بدأ للدانى والقاصى بأن الثورة قد بلغت مداها وأن شرارة الغضب الجماهيرى قد أنطلقت فعليلا , وأختلط وعلى ما يبدو الان الحابل بالنابل , وان كلمات الشاعر التونسى الشابى أصبحت وأقعا عمليا وفعليا : " أذا الشعب أراد الحياة يوما ... فلابد للقدر ان يستجيب .. ولا بد لليل أن ينجلى .. ولا بد للقيد أن ينكسر وو ... الخ .
ولان الموضوع قد خرج كليا عن السيطرة وبحكم أن الناظرة أو المديرة نفسها , لا تحسن النطق أو التحدث الطلق بالعربية , والمدير الفعلى للمدرسة والرجل القوى مستر" قلوى " , كان فى أجازة عرضية بولاية تنيسى الامريكية , فانها أحالت سريعا ومباشرة سلطات الامن والطؤارى مؤقتا , للصول العتيد والحارس السودانى العم " أبراهيم قرض " , ليتصرف بحكمة ومسئولية , فهو بالطبع رجل عسكرى كيس وأبن بلد شهم , وسريع التصرف , وما أن أحيلت لة كافة الصلاحيات حتى طلب فورا من الجميع التريس والالتزام بالهدوء والحكمة وضبط النفس وعبر مكبرات الصوت , وطلب من قادة المتظاهرين , الشروع فورا فى أرسال ثلاثة منادين عنهم للتفاوض والتفاهم فورا وبدون شروط , فما هى سواء دقائق معددوة حتى توصل الطرفان وبأرادة وطنية غلابة, الى أتفاق أخوى ناجع وكفيل بأرضاء جميع الاطراف , ويجنب الكل الحريق والتكسير وأراقة الدماء وفى معركة بلا معترك أصلا , وأتفقوا على أجراء عاجل وسريع لايستوجب التاجيل وهو يقضى بفتح طريق أو ممر أمن وسالك ولاكثر من ثلاثمائة وخمسون طالبا , وللخروج بسلام وفى دفعات ومعهم جميع المدرسين والمدرسات وكل العاملين بالمدرسة , وأن لا يصيب أى من الطرفين الاخر بأى أذى بأى حال من الاحوال , ويتركوا خيار أو باب المشاركة من عدمة للطلاب مفتوحا , كلا حسب مزاجة وأرادتة الحرة والتعهد الشديد والقوى بعدم المساس بتاتا بممتلكات المدرسة والداخليات بالكامل , وباعتبارها من صميم أملاك الشعب السودانى , وما هى سواء سويعات معدودة فقط , وحتى أصبحت المدرسة خالية على عروشها وينعق بها البوم .
الضرب فى المليان ..
عدنا لمنازلنا بالموردة جنوب والتى كانت تجاور مدرسة سوميت والموتمر الثانوية , أنا وزميلى " الجالدون " والذى يسكن حى الضباط ـ بانت , بارجلنا وفى معية المتظاهرين , ونحن لا نكاد نشعر أبدا بطول المسافة ومودعين بالطبع باص المدرسة الوحيد , والذى يرقد الان محطما ومغشى علية تماما وبالقرب من ميدان الخليفة والقسم الاوسط , حيث تركة السائق عم "محجوب " لقمة سائغة ولمتظاهرين غاضبيين ومنذ يومين سابقين تقريبا ونفذا بجلدة سالما , كما لم يكن هناك أى أثر لحركة مرورية عابرة , باتجاءة كبري النيل الابيض ومنها للخرطوم عموم , فكل حركة السير والمرورالمتجهة من المدينة وللخرطوم حولت ولاسباب أمنية بحتة ومنذ الساعة العاشرة صباحا للعبور عن طريق جسر شمبات البعيد , باستثناء بعض سيارات الطؤارى والاسعاف وبعض العربات الحكومية الخاصة وسيارات تاكس الخرطوم المصرح لها فقط , والمطليئة الان وحديثا باللون الاصفر والمقدم كهدية خالصة لم يتم رفضها بعد ومن مكتب المعونة بالخرطوم , أما باصات شركة مواصلات العاصمة والمطلية بالازرق الفاتح والخطوط البيضاء فقد حصبها المتظاهرون , الغاضبون هى الاخرة بالحجارة فحطموا زجاج معظمها , وأحدثوا بالبعض الآخر تلفيات متفاوتة لم يتم حصرها , وأحرقوا فى ثورة غضبهم بعضها تماما فى عدة جهات متفرقة بالمدن الثلاث وخصوصا عند المحطة الوسطى بأمدرمان , وكبرى الحرية بالمنطقة الصناعية وشارع السجانة بالنص وديوم بحرى وتقاطع شارع الجامعة مع برى , عم " قاسم عصمت " الفكهانى المعروف والذي يسكن جارنا ويعمل بزنك الخرطوم الكبير , ومنذ عهد المستعمر والذى يفتح محلة بجهة الجنوب والمواجة تقريبا لميدان عباس " الامم المتحدة " سابقا , وسوق الذهب أو " عمارة الاوقاف " حيث كان يعمل جدى " عوض الصائغ " صديقة اللدود وزميلة بتيم عباس القديم ، والمجاور تقريبا الان لصف قهوة " الزئبق " شرقا ومرطبات " حمدتو " شمالا , أغلق على ما يبدوا هو الاخر باكرا وعلى غير عاداتة , ولسانة يلهج بالحمد والشكر للة تعالى والذى أنقذوة وبمعجزة من الرصاص العشوائى المتطائر , والموت المحقق أيضا , كان لحظتها يحكى لجيراننا وهو يكاد يرتجف أمامنا حرفيا ويترحم فى نفس اللحظة , على أولئك النفر الذين حصدهم الرصاص وماتوا أمام ناظرية من التجار والاعيان والعاملين بالسوق اليوم والبارحة , والذين يكاد يعرفهم تماما وأحدا وأحدا , ويقول بملئ فية والكل فى حيرة شديدة ووجوم , بأنة شاهد اليوم وفى الخرطوم يوما أسودا بحق وحقيقة , وأن الثورة والمواجهات الحامية والعنيفة أصبحت تقريبا وفى كل ركن ومكان وزاوية بالسوق العربى , وبصورة دموية غير مسبوقة ولا تطاق ولم يكن أحد يتصورحوثها وفى أى يوما من الايام , بل راء حادثة يغشعر لها البدن ووصفها وصفا دقيقا وكانة يقص علينا فلما لكابوى من الغرب الاميركى , حين روى لنا حادثة أقسم بانة راها وبام عينية وذلك حينما جاء لزنك الخرطوم عدد من أفراد الشرطة مدججين بالعصى والهراوات والبنادق , ليشتروا لوحداتهم كمية من الخبز وأللحمة والخضار وبعض الضروريات , فأعترضتهم تظاهر شبابية عابرة الا انهم هددوهم بقبضة أياديهم والهراوات والطلقات التحزيرية , فمضوا الى شانهم بعيدا عنهم , وما أن وضع العسكر كل ما أشتروة من حاجيات وفى سيارة الكومر, والتى لا تحمل أى أرقام معدنية وكانوا بسبيل التحرك والمغادرة فورا , أعترضتهم فجأة وبالصدفة مظاهرة أخرى ضخمة وعشوائية قادمة للتوة ومن شارع " سليم باشا " , ليقوموا برشقهم بالطوب والحجارة وببعض الكلمات السوقية البذئية والنابية , عندها ما كان من الشاويش المسلح والذى كان يجلس فى مقدمة الكومروبجوار السائق , الا وأن يفتح باب العربة على مصرعية وهى متحركة ويخرج مسدسة ويطلق النار فورا , على من كان بالقرب منة مباشرة من المتظاهرين فأردا أثنين منهم بين قتيلا وجريحا , وليلوز بعدها فارا بجلدة هو ومن معة وبعربة الكومر أو عربة الشرطة التى كانت تنتظرة والا جهة غير معلومة , والناس من وراءة يحصبون العربة بالحجار بلا جدوى وهم فى حيرة والم شديدين , أما " الحاج وديدى " الباشكاتب المالى بسودان لاين , والذى يسكن بشارع الفيل جنوب , فتحدث بطريقة أكثر قتامة وأكثر بشاعة وأسفافا وحيرة , وليقول وكشاهد عيان لكل الذى حدث بالسوق الافرنجى , بأنة رأى اليوم وللمرة الاولى التنفيذ الفعلى والتطبيق العملى والسريع لقواعد الاشتباك مع المتظاهرين والضرب فى المليان , والذى لم يكن أبدا فى الحسبان , وليراى وفى الحادى عشر ظهرا تقريبا صراعا وعراك بالايدى والحجارة وزجاجات الملتوف , بين أعداد غفيرة من ألجماهير والطلاب العزل وبين أفراد الجيش , حيث ترك مرغما عربتة المورس ماينر الجديدة بالقرب من أجزخانة قرنفلى , فارا بجلدة بعد أن أرسلت شرطة الطؤارى على ما يبدوا فى أجازة مفتوحة , وكيف تحولت جنبات شارع الجامعة والجمهورية وحدائق وساحة القصر الجمهورى , وفى مجرد غمضة عين ولساحة كبرى لاستشهاد العشرات من المواطنيين الشرفاء , والذين سقطوا فورا ومضرجين بدماءهم الطاهرة الذكية , والمحاولات المستميتة واليائسة من هنا وهناك والتى تبزلها الجماهيرالمحتشدة بلا جدوى , ولنقلهم سريعا وعلى أكفف الراح ولمستشفى الخرطوم الملكى , غير أبهين بالمرة لدوى الرصاص الهادر والمسوع وفى كل مكان , و شاهد وبجوار فندق " فكتوريا " وكازينو " الجى بى " وعند تقاطع شارع " القصر جنوب " وشارع الجمهورية , وحدة من المظلات تقفل وتقطع الطريق نهائيا للقصر الجمهورى حيث يتواجد الرئيس وفى حالة أجتماع دائم ومستمر ولليوم الخامس على التوالى ومع المجلس الاعلى للقوات المسلحة وبكامل أعضاءة , وهى تطلق فى الهواء زخات مرعبة تحزيرية على ما يبدوا من نيران رشاشاتها الالية , لمنع العشرات الالوف من المتظاهرين والقادمين من مستشفى الخرطوم والمتجهين لساحة القصر , حيث المواجهات الاعنف والتلاحم الطلابى والجماهيرى البطولى على أشدة , أما الخرطوم تلك الزهرة الزاهية الجميلة فبدت فى منقلب من تاريخها تماما , وكانها كانت تحترق وكحريق القاهرة الشهير وبالكامل بل سحابة ضخمة على ما يبدوا وعاتية من الدخان الاسود والغازات المسيلة للدموع كانت تظلها سمأها , فيما كانت تجرى بالاحرى ولايام قليلة سابقة أستعدادات ملحوظة وعلى قدم وساق وبروفات أخيرة وللاحتفالات الكبرى بعيد ثورة 17 نوفمبر , وليقطع فجاءة راديو أمدرمان برامجة العادية وقبيل غروب شمس ذاك اليوم الدامى , وليقول المذيع منوها المواطنين بين اللحظة والاخرى بان هناك بيان هام فترقبوة , كل هذا وفى محاولة أو مناورة أخرى يأئسة ومن العسكريين لقلب الطاولة أو شق عصأ السياسيين المخضرمين , ولكسب المزيد من الوقت لترتيب أوضاعهم المضعضعة الان , ولافشال أجتماع جبهة الميثاق أو الهئيات والذى سيعقد ليلا وسرا وبحضور مناديب لللاحزاب والنقابات ومن مختلف مدن العاصمة المثلثة وضواحيها , ونية القضاء والمحامين المبيتة للتلاحم صباح الغد مباشرة , فى مسيرة هادرة ومهيبة وتقديم مذكرة أخيرة ونهائية للرئيس / الملهم بالقصر الجمهورى , وحيث أن الجميع الان فى نزال أوسباق حقيقى مع الزمن , فان الناس لم يعودوا ليسمعوا شى ء زو بأل من الاذاعة سواء الاناشيد النوفمبرية الحماسية الطاغية , والمارشات العسكرية الصارمة والصاعقة والمربكة وفى أنا وأحد , والبيان التحزيرى اليومى المسائى والمكررولليوم الثالث على التوالى , والذى يقول فية المزيع وبنبرة تحزيرية مرعبة ومخيفة وتكاد ترتجف وترتج لها الاطراف :
سيداتى سادتى جاءنا الان البيان التالى :
" أنا اللواء .... وزير الداخلية بالانابة وعملا بالسلطات المخولة لى تحت المادة .. من قانون الطوارى لعام ...... , والمادة ....و...من القوانين العرفية السارية بجميع أنحاء البلاد , أمركل من سكان أمدرمان والخرطوم والخرطوم بحرى , البقاء فى منازلهم أو مكان عملهم ما بين الساعة السادسة والنصف مساء وحتى الساعة السادسة والنصف صباحا , ومن يخالف هذة الاوامر , سيعرض نفسة للاجراءات القانونية بما فى ذلك الضرب بالرصاص .. صدر تحت توقيعى اليوم ... الموافق ...واللة ولى التوفيق .. " .
حينها علق الصيدلانى " يوسف كافى " جارنا وعضو جبهة الدستور مباشرة قائلا وفى تعجب وتندر :
ـ مثل هذا البيان كان من المفترض قانونيا أن يصدرمن مدير لجنة أمن مديرية الخرطوم شخصيا , .. وليس من أى جهة غيرة وباعتبارة ... , ليقاطعة بحدة معلقا جارنا الجمهوري المعروف " عصام عبد القيوم " قائلا وبهدوء متكلف وهو جالسا على كرسية القماش المريح ووأضعا رجل على رجل :
ـ مساء البارحة شرح الاستاذ والمهندس مجذوب نفسة هذة الجزئية وفى الاجتماع التفاكرى والغير عادى , وترحم على دستور السودان المؤقت والقوانين كلها والتى علقت جميعها , وأن الاجواء الان قاتمة وغامضة تماما , وأن الاحكام العرفية ستسود ولمدة طويلة من الزمان أذا ما استمرت المواجهات وأن البلاد كلها مبحرة فى بحر لجب لسنا وأثقين من أمواجهة أبدا ..أبدا .. الا أذا ما حدثت تنازلات ومفأجاء ت ...
بالطبع لم يصدق الاستاذ زاهر " ود البى حمدان " , والسياسى المعروف والمنحاز لمدرسة الابروفيين , أن تاتية الفرصة المواتية وليعقب وفى تشاؤم طالما عرف بة وحدة , وليقول متفلسفا ومتحزلقا ,وفى مثل هذة المواقف القابلة للتاؤيل :
ـ صباح اليوم فقط وحسب ما بداء لى من مواقف ومستجدات ما شاهتة أنا شخصيا , وتلمستة وفى الاجتماع السرى والغيرعادى وللاحزاب المعارضة , أعترف بكامل قواى العقلية بان الجيش نفسة ولاول مرة بدأ يفقد يوم بعد آخر قبضتة الحديدية الفعلية على العاصمة الخرطوم .." , وليواصل قائلا :
ـ وحسب مصادر خاصة ومطلعة بأن الوصول الا حلول أذا حدثت سيكون بمعجزة ... , أما تنظيم ما يعرف بالضباط الاحرار قد بداء يتبلور كفكرة بطريقة أوما وعلى الطريقة المصرية .. , ويفرض تواجدة وأصابعة الخفية والملموسة ..
جزء أول " يتبع " .. ,,,
فتحى عبد العزيز محمد
دارفور – ودعة
5/1/1975م


الروائي فتحي عبد العزيز