عجوز ولكن!
-ما أنت إلا عجوز اكتسحها العقم بشكل قبيح….
هكذا أنهى حواره الأخير بينهما.
-ميرسي على صراحتك!
مع ابتسامةٍ يمتطيها الكثير من الغضب وهي تتأمل تتفاصيل وجهها. وتلك النظرة المشاكسة التي طالما ترجّاها بأن تشيح بها عنه. فليس قلبه حملاً لنارها.
نعم .. ربما لن تشارك في أي مسابقة لاختيار ملكات الجمال.. وليس جدول مواعيدها محجوزاً لعروض مصممي الأزياء.
من لا يطال العنب يقول عنه حامضاً..
في الصباح كانت تركب درّاجتها الهوائية، تاركة أصابع أيلول العابث تلوك خصل شعرها المتمرّدة. والفكرة لا زالت تعاقر ذهنها أطراف السباب.
ففي عرف السنّ هي مخضرمة بما يكفي لتكون جدّة لأحفاد.. أو لم تكن أمّها جدّة وهي تصغرها بأعوام؟ لكنّ أبناءها أكثر رأفةً بها من رأفتها بأمها عندما كانت في عمرهم.
ماذا عن اشتعال شعرها بالشيب؟ فقد أعلنت حبال الفضّة غزو رأسها منذ كانت في أوائل العشرينات من عمرها. هذا ما جنته الجينيات الوراثية ولا فضل للعمر فيه.
متى كانت أوّل مرّة وْصفت فيها بأنها عجوز؟
ربما يوم تخرج ابنها من المدرسة الثانوية؟ لا ..بل قبل ذلك بكثير .
هل بعد الزواج، وتغيير المظهر والأنوثة؟
أو فرط اعتنائها بنفسها.. أو ربما إهمالها… لا .. لا هي بقيت كما كانت دائماً .. طفلة عابثة تملك كلّ حالات الفصام والجنون.
آااه بل هو جارهم العم رؤوف . كان صديق والدها. كم كانت تحترمه . في عامها الخامس عشر عندما عاد في عطلته الصيفية ليتفاجأ بنموها وشكلها الجديد. لا تزال تذكر كيف ابتلع أنفاسه كلها عندما رآها تجري لتعانقه وترحب به.
صافحها بحرارةٍ خجولة؛
-أنت الآن ختيارة، لا مكان لك للعب مع الأولاد. كم كرهته يومها. ماذا يعني ختيارة؟
لكنه لم يكن يقدر على رؤيتها حزينة:
-صحيح صرتي ختيارة بس بتعملي أطيب فنجان قهوة .
-وعندما تنفخين على النرد، يا لطبف مستحيل أن أخسر اللعبة.!!
عجوز !!
ربما مقاييس السن والعجز تختلف باختلاف الأشخاص وقدراتهم الجسدية والعاطفية على العطاء..
بالنسبة له هي امرأة تفقد سحرها . أنثى لم يبق لها من أنوثتها إلا جلدها والقشرة الخارجية . هي ثعلب غبي لا تملك من الثعلب إلا لونه . ناسياً أن سبب شعوره هو عدم قدرته على الاقتراب منها . أدرك بأنه لن يطالها . فقرر بأنها عنب حامض .
لكن ما زالت تصّر أن أسرع من ينعت المرأة بالخرف هو الذي يدرك أن أوراقه باتت مكشوفةً أمامها.. ومستحيلٌ أن يربح البلاك جاك.
لبنى شعبان