القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

لوحة.. قصة قصيرة. بقلم: محمود عودة/ فلسطين.

لوحة.. قصة قصيرة. بقلم: محمود عودة/ فلسطين.

  كان يوما حافلا رغم قلة المصطافين، رسم العديد من الصور الشخصية درّت عليه دخلا لابأس به، لملم أوراقه وحمل لوحته وأدواته وهمّ بمغادرة الشاطىء بعد أن شطر دجى الليل قرص الشمس، تناثرت دماءها، احمرّت لجة البحر وتناثرت قطرات حمراء على صفحة السماء، سحره المنظر عاد إلى لوحته ووضع عليها بريشته لمسة أخيرة، تمردت عيناه وتعلقت بسحر الغروب، صرخ ياللهول، غريق ألقى بجسده سريعا يصارع الأمواج حتى وصل الغريق سحبه تجاه الشاطىء، فتاة رائعة الجمال، متوسطة القامة بشعرها الأسود المنسدل على وجه ثلجي ورموشها الطويلة ترتاح على أسيل وجنتيها، بمساعدة بعض الشباب رفع رجليها وترك رأسها يتدلى وضرب بيده على ظهرها، انحدر الماء من فيها، شهقت نفسا، حمد الله.

  كان شاطىء البحر شبه خال مع اقتراب نهاية الصيف وبداية الخريف، جلست إلى جانبه تلتقط أنفاسها وجسدها يرتعش من برودة ملابسها المبتلة، بعيون زائغة نظرت إلى اللوحة، انتفض جسدها وفغر فاهها وقالت بصوت متلعثم: أنت رسمت أحلامي، قصر على الشاطىء يجمع عاشقين يستمتعان بلحظات الغروب.

 قال: أنا رسمت آمالي.

 قالت: بل رسمت أحلامي.

 قال: أنت لاتجيدين السباحة، لماذا تعمقت بسيرك وسط الأمواج ..؟

 قالت: أبحث عن الموت.

 قال: خسارة أن يدفن هذا الجمال.

 قالت: وما حيلتي وقد تركني وهاجر إلى بلاد بعيدة، ركبت أمواج البحر لعلي ألحق به.

 قال: هل كان يحبك.

 قالت: بنينا هنا قصور حبنا برمال البحر.

 قال: ولكن الأمواج تهدم قصور الرمال.

 قالت: ولكن الأحلام تبقى في قلوبنا.

 قال: لماذا تركك، هل اختفلتما ..؟

 قالت: لا.. ولكن لم يكن بيده حيلة أمام المهر الذي طلبه والدي، فقال: سأذهب مهاجراً ولن أعود إلا بالمهر.

 قال: وما المشكلة في ذلك كان يجب أن تنتظريه بدلا من الانتحار.

 قالت: وماذا أفعل بالجنين في أحشائي؟.

 صمت ولم يقل كلمة مواساة ، مع سدول ستائر الظلام حمل لوحته واوراقه وادواته وترك عينيه تراقب الفتاة المكلومة وقبل أن تستقل سيارة مبتسمة الى بيتها همس قائلا:

  أنا هنا يوميا قبل الغروب أستلهم بريشتي الأحلام وأبني بها الآمال.

}