القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قصة قصيرة: ملائكة الرحمان :بقلم المبدع /ذ. عبدالاله ماهل المغرب

ملائكة الرحمان
 وهو يرى المنايا، خبط عشواء، فمن تصبه ترديه قتيلا، ومن تخطئه،  تعديه وتمهله إلى حين.
مكرها لا راضيا، انخرط في معركة حامية، في مواجهة وباء قاتل لايرحم، بدأ متخغيا في أقاصي الأرض، الا انه سرعان ما تفشى هنا وهناك، وحصد من الأرواح ما لا يطاق، فوضع البشرية أمام المحك، ولاول مرة ،جعلهم وعلى قلب رجل واحد يتآزرون، ينؤون عن الخلافات ويتحدون ضد هذا العدو المشترك...
الا ان معركته هاته، لم تلهيه عن اسرته.
خاف على نفسه أن تمتد إليه يد المنون، دون ان يتملى بدفء اسرته، التي غاب عنها مدة طويلة، افتقد من خلالها زوجته  وبناته.
وهنا، وجد نفسه أمام اختيار صعب:اسرته ام مرضاه، هما أمران أحلامنا مر.
وذات يوم، لم يدر الا وهو خارج مبنى المشفى، يشق طريقه نحو أسرته.
وما ان صار على مقربة من البيت، حتى انفتح له الباب، وكأن  الأسرة وعن بعد استشعرت بحسه.
انتصبت  الزوجة واقفة، والدمع ملأ عينيها، حاشت عنه البنات وحالت دون تخطيهم عتبة الباب.
طنطنت على مسامعه كلمة بابا، الا انه لم يتجرأ على الاقتراب منهم، وظل يرقبهم من بعيد.
 تسمر مكانه ولم ينبس ببنت شفة، ونابت النظرات عن ما تكنه المشاعر، من شوق وحنين.
لم يشأ أن يفسد عنهم خلوتهم الصحية، ومخافة ان  يسقط في المحظور، عاد إدراجه من حيت اتى.
انغمس في العمل وعن آخره، شانه في ذلك شأن باقي الطواقم الصحية، الذين تنكروا لذواتهم، وفي خندق واحد، واضعين نصب اعينهم  المصاب أولا، ولا شيء غير المصاب، من دون خوف أو تراجع.
 وكلهم عزم واصرار، على مواصلة النضال، ضد هذا الفيروس الغاشم القاتل، الذي لم ينفع معه لا تعقيم ولا حالة طواريء.
يسعدون أيما سعادة، اذا شفي مصاب، وينعون بكل أسى وحزن، كل من اتى عليه الوباء وأرداه قتيلا.
مما جعلهم يستحقون وعن جدارة أعلى وسام، فنعم البطل... وطوبا للشهيد.
ولا عزاء لهم سوى الانتظار والانتظار، فالمضاد الحيوي مازال  قيد البحث والدراسة، والأمل كل الأمل معقود على فصل الصيف وحرارة الصيف، لعلها تحد من حدة الفيروس،
ولو لحين...
 وكأننا أمام استراحة محارب...   
 
                                     تأليف: ذ. عبدالاله ماهل
                                                 من المغرب