القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

مفدي زكريا شاعر في حجم وطن بقلم : الروائي الكبير والصحفي الاستاذ عبد العزيز غرمول

منشورات العرين للإبداع والثقافة المشاركة القيمة في الأمسية الشعرية تخليدا للذكرى: 43لوفاة شاعر الثورة  مدير زكريا 

في إطار برنامج  شعراء في  الذاكرة 


 مفدي زكريا شاعر في حجم وطن

من الصعب أن تكون شاعرًا في حجم الجزائر...
وأن تولد وتتوهج وتُتوّج في ثورة مثل الثورة الجزائرية فلا بد أن تكون لك موهبة وشجاعة مفدي زكريا، وخاصة علُو فصاحته التي لم يستطع لا الاستعمار، ولا خيبات الاستقلال، الحد من توهجها.
مفدي زكريا - سيعترف التاريخ رغمًا عنه - أنه متنبي عصره، نسيج فريد من نوعه بين شعراء زمانه، شعلة ثورية امتد لهيبها في أرجاء الجزائر منذ ثلاثينيات القرن الماضي فأضاءت شمال إفريقيا كله. تعلم في السجن بلاغة المقاومة، ودرّب لسانه في منابر السياسة على إطلاق النار، ونقل بأمانة أوجاع الجماهير المحتلة، وكان في كل مرة يساق للسجن تزداد حريته اتساعًا، ويزداد وطنه وضوحا.
لم تكن السجون والمنافي ومآوي الهجرة والاغتراب سوى أماكن عابرة يمرُّ بها مرغما وهو في طريقه إلى وطنه. كانت حقائبه ملآى بحب الناس، وتذاكره كلها تحمله إلى بلده الجزائر ... لم تكن جيوبه محشوة بصور نساء، ولا قصاصات جرائد تمجده، ولا رسائل من أصدقاء تعلن الشوق إليه، بل كانت محشوة بقصائد جديدة لم تحفظها بعد ذاكرة القلب، وحب رافل بأسماء المدن والحقول والثوار، ورغبة جامحة لحرية يتقاسمها مع كل أبناء وطنه... كان قطار الثورة المليء بالعويل والقتلى ودوي المدافع والطائرات، هو القطار الذي استقله للذهاب إلى حيث يخفق قلبه.. لم يكن حزينا كالغرباء، ولا متعبا كالمسافرين، ولا مستسلما للمناظر الجميلة كالسواح،،، كان يكتب ويكتب، نشيدا إثر نشيد، ولهيبا يشتعل من لهيب، وحين يتعب من المسافات والأزمنة يرتمي في حضن قصيدة جديدة ليستريح...
ككل الشعراء الكبار، لم يكن محظوظا كي يستمتع بالاستقلال كما شاء، كان فهمه للاستقلال مختلف تماما عما حدث... فحين اكتفى الجميع بالاستقلال، ووقف القتال، والركون للفرح بعد سكوت القنابل وصرخات المسجونين،،، كان هو لا يزال يطالب بالحرية، بالمزيد من الحرية، ذلك أنه كشاعر يعرف أن الجسد المحتل يرث أوجاع وآثار القيود، وكان بطبعه يرفض الخرافات، والوعود الكاذبة، والخطب الرديئة، والانقلابات السخيفة المحشوة بمزايا الاستعمار... لذلك اتخذ قرارا في منتهى الشاعرية: مواصلة الكتابة من أجل تحرير الذاكرة!.. فكتب إلياذته الخالدة في ألف أمل وأمل...
هكذا مفدي زكريا، مثل كل الشعراء الكبار، أقول العشاق الكبار، يلبس حبه درعا للمقاومة، ويستعمل فصاحته سلاحًا للتحرر، وينسج زمنه من أغصان الشجاعة والحماس... كان شاعرا بما فيه الكفاية كي يصبح رمزًا لواحدة من أعتى وأغنى الثورات بالبطولات في العصر الحديث، وكان أحد أبطالها الكبار دون منازع.
بقلم الاديب والاعلامي السياسي عبد العزيز غرمول
مفدي  زكريا  شاعر في حجم وطن  بقلم : الروائي الكبير والصحفي الاستاذ  عبد العزيز  غرمول
 عبد العزيز  غرمول