القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الرايات والطاقية... فتحى عبد العزيز محمد

 الرايات والطاقية أم قرينات وشجر يثمر حلوي ..

فِي قَلْبِي
يَنْتَظِرُ الْحَنِينُ عَامَهُ الثَّانِي
يُحَاوِرُنِي بِثِمَارِ لَهْفَتهِ، يُرْبِكُ قِمْصَانَ شَرَافَتِي
يَرْسُمُ تَشَهِيهِ علَى جَمْرَةِ الْجُنُونِ
يُلَوِّنُ ضَحْكَةً بِعُمْقِ الطَّمْأَنِينَةِ
وَبِإيحَاءٍ قَاتِلٍ يَفُكُّ شَفْرَةَ الْعِشْقِ
وَيَنْتَظِرُ.. .
الشاعرة " رحمة السيد عبد القادر "
" قد أحيلت أعضاء جسمي كلها إلى الصمت، إلى شكلٍ من أشكال السكون الذي لم يكن تماماً هو الراحة، ولا الموت."
" الطاهربن جلون "
-1-
لم يعد حتى ليصدقها كائن من كان من بقية أخوتى الصغار والذين شبو ألان على الطوق , أو ليستمعوا لحديثها والذى كانما ياتى من مصنع كبير لانتاج القصص والحكاوى والأحاجى الخرافية , البعيدة كل البعد عن التصديق المؤثوق ويصفونها فى آحايين كثيرة بالخزعبلات الخرافية العدمية الغير مجدية , أو المرتبطة حتى بميتافيزقيا الحكى الافريقى الاسطورى القديم وخصوصا عندما تدعي وربما مداعبة بأن لديهم نوع من الاشجار بالجزيرة يثمر حتى بسكوت وشكلاتة وحلوة , باستثناء أنا حفيدها الذى كنت كثيرا ما الازمها وأقوم بتقضية كافة مراسيلها وكل أغراضها وحوايجها البعيدة والقريبة , على وعد صادق منها أن تكمل لى مابداءتة فى سالف الليالي والايام من حكاوى وسوالف وأقاصيص وبطولات قديمة غرائيبية عجيبة , ولاسلافى الاوائل الذين تسيدوا حكاوى التاريخ القديم والمشكوك فى حدوثها وأعتبرها كروايات مسموعة جديرة بالاستماع الشيق , وليس بالتصديق التام والموغلة كالعادة فى الدهشة والانبهار والتى قد لا أجدها لها سند مكتوب فى كتب التاريخ الحديث , أو المدونات القديمة التى طالما أحتفظت بها داخل خزانة ملابسها " السحارة " والتى كانت تعج بالكثير من الوثائق الصفراء التألفة , والتى تشير أحداهما بالصراح بتجويه جدها القاضى "ود ضبعة " وجميع طلابة ومريدية من العرب والتكرور بألف جدعة بجهات طرف البحر , وقوز أبودليق والنافعاب والانغرياب شرق وعندما كان لجدها يد ومكانة لدى الشيخ " عجيب الكبير " نفسة فى ماضى السنين والشىء المدهشة حقا أنها تصوغها بحبكة محترفة تنهمر على وفى أحآيين كثيرة كعبر ونصائح ودروس دهرية مدسوسة , ومستفادة لاتقدر بثمن أو مال الدنيا كلها , ولاجدها فى يوم آخر قريب ما .. تنم وتشاشى وبكلمات لشاعر قبيلتها " ود النعيسان "ولتقول وفى حرقة وتأسف :
ـ شمر ساعدك يا ود المك وقدرالله .. بطيح عليك .. ولوبقيت فى حق , والدموع تكاد تتقاطر من عيناها الدفينتين التى فارقهما النعاس والا غير رجعة , ولتقول متحسرة وهذا كلة كان بالضبط لا أدرى كما تقول جدتى " حليتي " بزمن أقرب أو أبعد من قتال الشيخ السميح لشندي والجموعية أو زمن خطوبة المك سعد لـ خالتك ستنا بنت عجيب الثالث الادركولا " رأس تيرة " العلوم لابن أخية لزم الفحل والد عبد السلام والد المك نمر الكبير والله اعلم , أما هى فتنسب نفسها بنسب لا يتصل بهواوير بادية كردفان فحسب وأنما يمتد لهواوير بن قريش مباشرة , ولتقول رحمها اللة وكانها تحكي مصائب ومصائر الدهر الفائت واللآتى القادم .. , وتقول كلها ستكون فتن كبرى هنا .. وهناك كقطع الليل تاتينا من الخارج كما قال الشيخ أدريس ود الارباب , وعندما سأل عن ذلك منة ما تحقق ومنة ما ينتظر التحقق بأذنة تعالي , وهدفها كلة الاخير والغير معلن وأحد رغم الانزياحات والتباينات والتكتيكات والوسائل والممثلين والكمبارس , كما أنها نفسها .. أصبحت وأحقاقا للحق قبل رحيلها الذى شق علينا جميعا وبسنوات , لا تبالي أو تخشى حتى لومة لايم وتطلق هكذا الكلام على عواهنة , فقالت وهى ترنو بعيدا .. بعيدا وهى ممسكة بسبحتها أم الفية أما فى تلك الظهيرة القائظة بالذات كانت القرية كلها تبدو خالية على عروشها , كأى قرية فى منتصف نهار وضحوية قري وحلال بحور أبيض العديدة والمنتشرة على طول الضفة الغربية للنيل الابيض , فلا تكاد حتى تسمع بها حسا ولا تحس لها ركزا , الا هزيم الريح وحسيس أرتال الرمال المرتحلة والتى تزحف ومازالت عبر شوارعها المتعرجة الخالية من السائمة أوحتى السابلة , الا من بعض القوارض كالنمل والجرزان الصحراوية السوداء التى تنشط هكذا ودواليك بين الحين والآخر , معلنة عن حضورها المتلصص العلني ولتفتك بنشاط وهمة على المتبقي من بعض مطامير الحبوب والعيوش الخاوية , والتى تشيئي بان ثمة حياة ما كانت هنا وأنها علامة أو خط رجعة ما لعودة قريبة , وبعد أن هجرها ساكنيها الاعراب البدو بقضهم وقضيضهم وما شيتهم وما خف وزنة وغلى ثمنة للضفة الشرقية للنيل الابيض , ينشدون الفرار بأروحهم من حملة أنتقامية دفتردارية أخرى على الابواب نكبت فى الماضى البعيد بابناء عمومتهم من الحسانية , ولم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل أما الان وبعد أن تواترات ألاخبار الخطيرة بهزيمة جيوش الخليفة اللجبة فى وأضحة النهار , في كررى وسقوط القبة وأستباحة أمدرمان البقعة المقدسة نفسها بلد الامن والامان فهذا شىء خطير ومزلزل ومرير , ولا يكاد يصدقة العقل وفوق كل تصور أما أصوات مدفع المكسيم الجبارة والصواريخ وقنابل البواخر النيلية الحربية البعيدة المدى , والتى كانت ننشط بين الحين والاخر مرسلة زئيرها وزعيقها المروع فقد كانت تسمع حتى فى الدويم ومبروكة , ويعلنها الكل " الليلة ما قلبوها من دنيا مهدية .. لتركية " , قالت كانت حبوباتى الكبار مازالت عالقة فى ازهانهم حملات الدفتردار الانتقامية من قتل وترويع فأسرو الهروب لتخوم بحرى كردفان المجاورة لهم , وبعضهم للبطانة حتى قوز رجب وجبل بيلا البعيدة وبعضهم حتي لمكادة وسنافي الحبشية شرقا .
-2-
ثم أستندت على شعبة عصاتها التى تهش بها على غنمها وسعانينها الحلوبات قائلة ذاك اليوم , وفى نقطة ما على ضواحى قرية " أم سنيطة "ومفترق الطرق الرهيب بين المسلمية وعبود ومدنى توقف ركب الخليفة التعايشى لمجرد سويعات لأخذ الراحة , لاستئنأف المسيرة الطويلة والهجرة جنوبا لنواحى الجزيرة المقدسة " أبا " , عبورا عند نقطة الدويم ومنها لجبل قدير وتقلى الشماء .., للاستعداد وجمع الرجال والمؤن للمواجات الاخيرة الفاصلة مع جيش المستعمر الغازى , ليترجل بعدها وعلى مبعدة كبير الملازمية "أبسام " وساعدة الايمن ود جاموس الابن لان أبية ودجاموس الكبير نفسة , كان قد أستشهد بالامس القريبة فى كررى وذلك عندما دفع الخليفة بحرسة الخاص لتقديم العون والمساعدة الاخيرة والممكنة لاخية " يعقوب " جراب الراى , وأبنة الكبير شيخ الدين والذين سقطوا كلهم شهداء عن بكرة أبيهم فى ساحات الوغى دفاعا عن عزة وأستغلال البلاد , ولايبالون حتى بالموت الزؤوام وما أن تناهئ للخليفة فى أمدرمان بأخبار أنتصار الجيش الغازى حتى أمر بالاستعداد للهجرة جنوبا تجاة الجزيرة ابا ليستلهم منها معانى الصمود والكفاح والتضحية , ويجمع المريدين والرجال أستعدادا لحروب أستنزاف طويلة ثم تجراء مراسم عسكرية مبسطة لامير ودمدنى والمدنيين , " مصطفى ودسلطانة "آخر أمراء الجزيرة الاحياء بعد كررى ويتم الوداع المكتوب والعناق الاخير , وهم لايعلمون بانهم يطون صفحة ناصعة مشرقة لامير ود مدنى " السنى " زرية قاضي العدالة دشين والمدنيين عموم ولربما لفراق أبدى طويل , ليودعة الوداع الاخير وهو جريح ويشد من أزره ويقول له " .. خليفة المهدى التعايشى يقرؤك السلام فى الدنيا والاخرة ويعفو عنك .. فأنت ألان مجروح ومقبوض بالوردة والحمة الشديدة .., بل كان حرفيا يهذئ تماما ..ويهلوث بالكثير والكثير الموجع فكان يصرخ ويقول :
ـ يا الفى الجحر .. السلطية جاتك ..
ـ ويا حورية .. يا حورية .. أقبلى ..
ـ ويا رياح الجنة هبى هبى .. وهكذا دواليك , وأنت وهم فى كل ذلك تطلبون وتنشدون النصر أوالشهادة , وأما بحديثك هذا فقد كنت على شفى حفرة من النار فانقذك اللة منها , كما أن حديث الخليفة أمس وبعد صلاة العشاء عنك أنت بالذات كان وافى وشامل , وأثني عليك ثناءا عظيما وهو قل أن يثنئ على أحدا كان وأنت تقودهم وترشد رغم الجراح الغائرة , الركب الكريم للطرق السالكه والامنة وعبر كل طرق الجزيرة الوعرة القاحلة وقال بالواضح الصراح , بانك لاتقل فراسة عن أخية يعقوب وابنة شيخ الدين والحراس الجهادية والذين أستشهدوا البارحة فى كررى , وحصدتهم الآلة العسكرية الكتشنرية الغاشمة وهم عزل بالسيوف وبلا رحمة وهم يواجهونها متدافعين لصدها وبالصفوف المرتصه , وفى موجات بشرية لايهابون الآلة الحرب الكتشنرية أوالموت الزؤوام أبدا .. أبدا مما حدا بونجت باشا بعدذلك , أن يفكر ألف مره .. ومره فى أن يضع سياسات خاصة فى حكم السودان بالذات , تجعل هناك مسافة من الاحترام اللائق بين الحاكم والمحكوم والا حدث ما لايحمد عقباءه , من أستنزاف طاقات جهد من عدم طمأنينة وأستقرار للمستعمر نفسة وان حكم السودانين شىء آخر مختلف تماما عن كل شعوب الدنيا الوسيعة , ولهذا فأنة قرر أن يحكم راسا من وزارة الخارجية خاصة وليس من وزارة المستعمرات العتيقة الآفلة الجدوى , كما وصفها هكذا بعد ذلك دزرائيلي وزير وزارة المستعمرات بنفسة ثم الم تسمع البارحة خليفة المهدى يشيد بمجاهداتك , خصوصا فى أدارة النيران على العدوالغاشم الهالك وفى قلب المربع الانجليزى الشهير , والكمين الانتحارى الذي كان فى شكل موجات بشرية متتالية مما أصاب بعض ضباط لواء ماكدولند وسلاح الفرسان الاسكتلنديين فى مقتل , وليهرع كتشنر بنفسة لنجدتهم وتقديم المساعدة الممكنة والمستحيلة بل كنت ممسك بكلتا يديك بالراية عالية خفاقة , والى أن جرحت بجرحك الغوار وبقذيفة طائشة بيدك المبتورة ثم يعدد مناقبك للمرة الثانية ويقول بملى فية وهو المقل الحديث دائما :
ـ ما فى زول خدم المهدية بأخلاص غيرك " , ولكن المثل بيقول يا ناس ولما تهلك شنو .. أخيرلك أهلك .. فدحين يا أخوى كنا ماملين أن تكمل معنا المشوار .. , ولكن هذا هو المكتوب ولا أحد كائن من كان يشك بعد اليوم فى صدق وبسالة أخلاصك للمهدية ,ومجاهاتك الكبري التى فاقت الحد .. والتى لاينكرها الا جاحد .
📷 ..........
حبوبتى " أم بخوت " بنت عريبي ود عجيب , قالت " حماد " أخوى حكي قائلا :
ـ .. جاءنا شيخ أبوى فى العلوم مارا بالحلفايا نازل سنار , مر بالجلابة والمراقيب على خلوة " ود برى " المعروفة قال له معاتبا :
ـ يا " ود برى " مالك على عثمان ودعجيب .. ما كان بيقضى لينا حوايجنا , وجاء لحلفاية الملوك من العيلفون أو الجديد .. وقال لعثمان ود حمد ود عجيب :
ـ اها أكان ماساى .. الوداك شنو يا ولدى عشان تقع فى دعوة الشخ "ودبرى "بذات نفسة ..
ـ .. أها اسع شال طاقية حكمك ورماها وراء جبل كاف قال له :
ـ أنت مالك ما تكافية ورجعها منه تاني .. قال له :
ـ حاشا وكلا .. لا أنا ولا غيرى زولا كدا .. فى الدنيا دي يقدر برجعها مافى ..
ـ .. وأسال غيرى ؟؟ اا , قال خالتى " الطاهرة " بنت جاد المولى قالت وهكذا نزع الملك من زرية عمك عثمان ود حمد البرنس وحتى قيام الساعة " كحال خليفة المهدي الان وهكذا هى أرادت الله الغلابة دائما .. ينزع الملك من مايشاء ويهب الملك لمن يشاء , ويعز من يشاء ويزل من يشاء , أما ذاك اليوم المشهود الفريد فتقول كان الوقت نهارا يغلى الحبة لاعندنا عيش لاغنم , والمعيز الدقاق شالوهم الجهادية والمطامير فاضية مافيها الحبة , حتى القواويد والعسكر من الجوع والبرد الشديد اللافح شربو العجين المر , من برم المحراكات وكسروا حطب اللدايات للتدفئة كان نهار أسود ويوم أسود , مثل ذاك اليوم الاسود الذى أخذ أخى الفقية عبد الشافي ود حتيك , فى مجاعة أم شانق أو أم حنيضيل سنة الف وعشرة هجرية بعد المائة الاولي , يومها دخل فيها جدنا العجيل محموم الى الحلفايا وتوفى بعدها ,بعد دعوة الشيخ حمد ود أم ماريوم علية عندما خرت جندة حلتة العامرة فى أمدرمان , بالضبط كواقعة الشيخ خليل الصاردي و
وزير السلطنة عبد الصمد وطلبه المرفوض ولشراء الخيل الواقفة من كجوك للبحر وقوله بصلف ندفع باليمين ونأخذ مما أثار سخط ودعوت الشيخ عليهم .. , عندها قال الشيخ السميح لوزيرة عبد الصمد أخو عبد الاحد تمرقنى من دار أبوى .. لدعوة الشيخ خليل الصاردي .. دا طرفى منك تموت أنشاء الله .. وحدك وبراك بدعوتة وبسمه الفاير " , بعدها قالوا ذاك العصير تحديدا فى ذاك المساء الباكر وبعد صلاة العصر , بمسجد ودكنان فى سوق " أم سويقا " أنطلقت الاشاعة والبشارة الكبري أمير ودمدنى والمدنيين , وصل من معركة كررى مجروح جرحا بليغا قالت حبوبتي " عجوبة " رسلنا للفقيرة " بقارة بنت حلاتوا عجين " الله يرحمها , بترت اليد من حدها وكوتها بالنار والزيت المغلى والقرض , ووضعتها فى الجبيرة لمدة عشرين يوما وهو مسجي بعنقريب الدبار وما أن تماثل بعض الشىء للشفاء , أول ماتذكر الرايات والككر وطاقية تاج الدين أم قرينات الوارثة من جدة ودعبد الصادق ورايات المهدى والعباس والطاهر ودبدر, قام يكورك ذى المجنون .. " .. وين رايات تاج الدين والمهدي .. وين رايات جدودى عجيب .. وأولاد بدر .. ما بهملن .. حاشاه وكلا .. " وقال :
ـ والله وكان ما ناسي ساكت ...ماتركتهم عند أولاد وبنات عمى " العقيل " الكبير فى حلفاية الملوك ..
ـ أها منو اليله البجيبا .. وأكان عندى ولدا كبير فارسا علية الرك والقيمة .. كان الليلة سافر وقطع البحر .. وجابا لى ؟؟
قالت " التاية " أختى الكبيرة الكلام وقع فى أضان أخوى " الخضر " الصغير لاأدرى كيف سمع ذلك , ومن لحظتها ظل مهموم بالكلام ويجمع فى القرش مع المليم والفرطاقة والريال الجيد والمجيدى , حتى هداءه تفكيره .. ليبيع لية من زريبتنا تيس كبير وضان دقاق لخالتي " النعمة بنت دغيم " وبعد شهر وثلاثة يوم سافر للحلفاية الملوك سرا , ركب المركب الشراعية لا أدرى بالضبط هل فى زمن زيارة اللورد " كرومر" السير " أفلن برنج " , المندوب السامى البريطانى بمصر الاولى ولا التانية المزعومة ولتفقد أحوال السودان والسودانين , ونقلهم الى حياة المدنية كما يقولون والرفاهية , وأيضا لتفقد سير العمل فى مشاريع السودان الجديد , ومضت ستة أيام على غيابة وامه كانت تظن بانة مشغول فى الحواشات مع اولاد عمة الفكي " علوب " , ولكن قلبها أكلها فسالت أمى الهل الخلوة والكتاب فقال ليها الفكى " بشيرود أزرق " ليه تلاتة أيام من الخلوة ولما سالو صاحبة " ود عاشميق " قال ليهم :
ـ تراه باع ليهو .. من زريبتهم تيس وغنم وبهائم دقاق .. وقال مسافر لغرض مهم خالص يقضية فى حلفايا الملوك عند بنات عمو .. بقوي ودعجيب ويرجع , قالت وما ان سمعت أمي " الشول " بالخبر حتى عزمت على السفر لاحضارة والمركب قالت غرقت بيهم , وهى حامل فى بلدة جد جدها الجنيد ود على النيل , ود جدها الكبير لزم الشيخ الهميم ود عبد الصادق ود عايد الزيلعي ومسكت لها فى شوال بامية ناشفة .. , وفى دلوت وأب حراز سالوها النواتة والحواتة عندما أنقذوها :
ـ أنت يا الفقيرة .. أنسية .. ولا جنية ؟؟ اا ,قالت ليهم :
ـ انا أنس وخير الانس .. بنت عمة حبوبتكم بنت عبد الصادق أم الفقية مدنى ود دشين لزم ", وساقوها للشرفة للشيخ أحمد ود جنا يونس قال ـ حباب بالفقيرة بنت أمي الجاز .. ديل أمات الفقية محمد بن مدنى السنى ود دشين قاضى العدالة باربجي , أعملوا ليها عصيدة دخن حارة باللبن والسمن " , صباح اليوم التالي قالت ليه:
ـ أنا مسافرة يا سيدنا .. بدورك تشوف لي الخيرة " قال ليها :
ـ أكان سافرتى يا الفقيرة .. خطوتك سوداء .. وليصمت طويلا ليقول .. ولو قبلتى يا الفقيرة .. خطوتك سوداء.. ؟اا " .
-4-
علي هذا النحو قالت حبوبتى بعد ذلك بزمن بأنها سافرت وهى متوجسة تماما , وعندما وصلت للحلفاية قالو لها أولاد وبنات عمها بـ قوي ودعجيب , أتعاقبتي مع وليدك الخضر الصغير شيلناهو بالحيل بالرايات جميعها والككر والطاقية أم قرينات وأكثر من ذلك .., وسفرناه من يومين موصين علية الريس " ود باقير " ليسلموا بيدة لى عائلة أولاد سلطانة بالمدنيين , فمكثت هناك ماشاء لها الله أن تمكث وتواجب فى الجميع , ولما رجعت تلقوها الناس فى المشرع الكبير وآجمين صامتين وكأن على رؤوسهم الطير , وهى تقول ليهم متساءله :
ـ فى شنو أناس متمحنين كدا .. مالكم ..؟؟اا , .. والخبر الشين الداسنو علي شنو .. ؟؟اا, قولو لى .. حبوبتكم " ستيته "ماتت ؟؟ اا, ود عمكم المرضان المحموم دائما " دفع السيد " مات خلاص ؟؟ اا , ولتقول لهم متحيره :
ـ .. سمح ولدي" الخضر الصغير " المسافر مات وما رجع تاني .. ولاشنو .. ؟؟ اا " , فلم يرد عليها من بينهم الا حوار ود كنان " بخيت الغرقان " , قائلا :
ـ لا هذا .. ولا ذاك يا الفقيرة .. علا أبوكم الكبير الامير مصطفى ودسلطانة مات .. من أسبوعين ؟؟اا , فطقت الكواريك من المشرع ووقعت فى الارض تترمد وجددت المواجع , وأقاموا فراش العزاء من أول وجديد " ,وصدقت نبوءة الشيخ العركي " ود جنا يونس " ـ " ..لوسافرتى يا الفقيرة .. سفرتك سوداء .. ولو قبلتى راجعة .. رجعتك كمان سوداء " , وبعدها ولدت ولدها الحاملة بيه وسموا بـ "العوض " , وهو فعلا كان أسم على مسمي وأصبح .. , شجرة عائلة كبري .. مازالت تثمر حلوي .. .
تمت ,,,
فتحى عبد العزيز محمد
الدار البيضاء ـ مقهي لاكومييدي
2/8/2002م
# تناص وآحالات : بتصرف ومن وحي كلاسيكيات منقولة عن ود ضيف الله وكاتب الشونة , ناهزت الخمسمائة عام وأصبحت فى حكم المشاع وكتراث سوداني شعبي عالمي أصيل .
الرايات والطاقية...  فتحى عبد العزيز محمد