القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قطرة من بحر متلاطم الأمواج من حياة: المجاهد الأديب : الحاج بشير خلف..اقتنصها من رواية السيرة المباركة : حياتي في دائرة الضوء ،الكاتب: سعدي صباح


طفل كتب له الفقر واليتم فاحتضنته المصائب والمحن ..فعلمته حب الوطن والجهاد في سبيله..من بيع التبغ إلى أديب شغل الناس وأثرى الساحة الوطنية والعربية ،بعد المسدسات والبندقية ..،والمهمات العسكرية ......

______________________________________________ 

قطرة من بحر متلاطم الأمواج من حياة ،المجاهد الأديب : الحاج بشير خلف ..
____________________________________________

اقتنصها  من رواية السيرة المباركة : حياتي في دائرة الضوء ،الكاتب سعدي صباح 

---------------------------------------------------------------------------
 1_سؤال ماذا ينتظر الوطن من طفل ،كتب له اليتم والخصاصة  والحرمان ،ولد في أوج الحرب العالمية الثانية ،شاء له القدر أن ينزل من عائلة صحراوية فقيرة ،تحالفت عليها قساوة الطبيعة وبشاعة الإستعمار وتآمرت ، ولا مصدر للعيش المتدني ..إلا فلاحة التبغ ، ماذا تنظر جزائر الشهداء من طفل ترعرع في كنف الجوع والإشتياق إلى لعبة بسيطة مثلا ،أو قطعة حلوى ..بفرنك  ،أكيد من يفتح عينيه في النّوائب والصروف ،واجتياح الجراد والاوبئة والبون ،ربّما قد يصنع المعجزة ،ونتابعه من خلال حياته في دائرة الضوء ونستفيد ،وماذا ننتظر كذلك من طفل حرمه والده من التّعلم في المدرسة الفرنسية .. قبل رحيله ، وماذا سيكون بعد ذلك من شروده وجسارته.. بفطرته ،يلتحق بالمدرسة في سن العاشرة ،وقبلها شرب حبر الدواة صاحب الخمس سنوات ،وفي سنته الأولى يتحدى الكبار ويصلي صلاة التّراويح ، وماذا تنتظر جزائر الأمير ؟



 من طفل رضع البطولة من مخالب الفقر ،واشتغل في ورشة البناء بثمن زهيد ،حتّى روّض الأحمرة وجلب على ظهورها الجبس ، أو ربّما كانت له دروسا ابتدائية ،قد لا يتعلّمها في الكتاتيب وفي المدرسة ،ناهيك عن قلع الحشائش وبيعها ،فلا غرابة ،فربّما كانت كلها ارهاصات لتشكيل البطل الذي تحتاجه الجزائر المجروحة يومئذ،والمقهورة ،أو المثقف الحقيقي ،لأنّ المثقف الذي لا يعرف إلا الكتب فهو مقصّر ،أو بالأحرى لا يسمّى المثقف بالمعنى الكامل، في رأي المتكلمين ،أعتقد أن الطّفل بشير كتب له الحرمان ،وهو أستاذه الذي علّمه عادة المغامرات والمجازفات ،كيف لا وكانت له الإردة الفلاذية ليبارح مرابعه ووالدته الثكلى من الصحراء إلى بونة ويشتغل في متجر ،ازاء الجنود السفاحين  ..المدججين بالسلاح ،فكلّ إشارة تجعلك صريعا ،وهذا عادي عند الطّفل بشير ،والأدهى أنّه داخل المحتشد ولا يبالي ،وأعتقد بأنّ الزّبائن في ذلك الوقت المر،قد أضافت له الكثير ،كيف لا ؟ وهم يخاطبونه : أعطيني مائة غرام قهوة..نصف رطل سكر ..كيلو سميد عولة ،كان كلّ يوم يتعلّم فكرة جديدة ،من مجتمع جائع فقير ،ثمّ ماذا تنظر الثورة من طفل صحراوي فقير ،شغوف بصوت عيسى مسعودي يترصّده عبر الأثير وخفية ،لكنّنا الآن نتوسّم فيه طفل التضحية والفداء ،وهنا قد تنتظره الجزائر وتفتخر الجزايرية الحرّة ،كيف لا وقد تفهّم معنى الثورة وناضل وأصبح فدائيا وتعرّض للتعذيب والإستنطاق فيما بعد ،هذا الجزايري المشاغب ..الذي كان يتعامل مع العساكر كزبائن ،ويتربّص بهم وهو الطّفل الذي لا يعرف للخوف معنى ،ثمّ ماذا ننتظر من بشير الطفل إبان الثورة و بعد الإستقلال ،وهو المندفع ..الذي يسكنه الرّجل المتمرّس في صنع العمليات 

وبإشارة جعلته يندمج في صلب الثورة والجهاد في سبيل الله والوطن ،ولا أحد علّمه مباشرة.. أو أراد له ذلك ،ووصلت به
سعدي صباح وبشير خلف

الوطنية الحقيقية ،حتى أصبح يقوم بمهمات خطيرة .ألا وهي تحرير الرسائل وارسالها لهم قبل تنفيذ الحكم بالإعدام ،وذلك من باب التّحذير ، وما هو مصيره  ياترى  لو وجدوا بجيبه رسائل ؟ وطبعا هذا الذي حدث ،إلى أن وصلت به محبة الوطن ..والحلم الدّفين باستقلال الجزائر ..(وهو حلم بعيد ،مقارنة بقرن وثلاثين ) ،إلى الحصول على مسدّسين مقابل السلع بالمجان ،ثم لا نغفل عن الملابس العسكرية والدّواء، فكيف يكون مصيره بعد أن يعبأ الجيش الفرنسي إلى تحرّكاته ، والبطل بداخله يتمنى أن يكون  في قائمة جيش التحرير ،بالبندقية والملابس العسكرية ،كما يحلم بالمراتب لا بالمكاسب بعد الإستقلال ،كي يواصل مسيرته لخدمة الجزائر..التي نحن نتساءل ماذ  تنظر منه وماذا ننتظر نحن كأبناء وطنه،؟ ماذا يخرج من مغامر في سبيل الوطن ،مجازف حفت به المكاره على الصعيدين ،وجلد بأخماس البنادق ،وطوّقت يداه ووضع في بطن لاجيب ..صوب غرفة التّعذيب ،ككلّ مرة يجب أن نتساءل فهل يقرّ بشير ،بعد وضعه فوق السرير خاليا من ملابسه ،وربطوا أسلاكا كهربائية وأنبوب الماء ،تخيل كيف كانت اللكمات تنهال على كل جارحة من جوارحه ،بما في ذلك الأعضاء التناسلية ،وإذا نجا بشير كيف يكون يا ترى بعد الإستقلال الحلم ،علّه يصبح إطارا تفتخر به ڨمار والجزائر قاطبة.


الحقيقة كانت حياته معجزة وكانت نجاته ،كيف لا وهو منفذ للإعدام ،ومشارك بماله وكاتب لرئيس الخلية ،كم كان منصفا حتى لعدوه .. شكرا ،أو ما صرّح قائلا : للأمانة بأن ّ الوجبات داخل الزنزانة صحية جدا ،إنما وفق ما يدعو إليه الصليب الأحمر يومئذ ،وكان الشاب بشير مجرما سفاحا ..قاتلا في نظر المخابرات الفرنسية ،وبطل فدائي في نظر المجاهدين والمسبلين والمواطنين الصالحين ،بعد الله سبحانه ،أزهق الكثير من الأرواح الخبيثة ،وحكم عليه بالسّجن ،بشير الباسل نزعت منه الهوية وصار رقما ،وفي هذا الإطار كتب قصته الشهيرة ( الأبي ) بعدئذ ونشرت في مجلة أمال العام 1972، رغم السجن والسجان والخبز اليابس ،إنضمّ إلى التّعليم داخل الزنزنة الذي يقرّه الصّليب ،وينهل من المكتبة التي بفضل الإضرابات ،وذلك بعد وقف إطلاق النّار ،ثم ّ أنني بكيت بصمت حين تنهّد بشير بمرارة مصرّحا : مذ أن ألقي عليّ القبض ،مازارني أحد من الأقارب أو وصلتني رسالة، أو سأل عنّي ،ومع بشائر 1962 بدأ سي بشير يمني نفسه ككلّ السّجناء..
2_إلى هنا امتلكتني رغبة في البكاء ،حين أطلق سراح المسجونين ،ومعهم بشير ولم يجد أحدا في استقباله ،بينما كلهم وجدوا ،ولم يصل ڨمار إلا بعد ثلاثة أيام ،حبست دموعي حين كان استقبال البطل استقبالا حارا ،من قبل أهله ومنهم قائد البلدة ،لم يمكث طويلا بعد بزوغ شمس الحرية ،والتحق بالجيش الوطني الشعبي ،بوطنية تسكن دمه،وكانت القوات الفرنسية يوميذ لم تزل بعتادها وقواتها ،بمنطقة فليفلة سكيكدة ،وكان يكافح من جديد في الخونة من القومية  الحركى ،وجنود عبد الرحمان فارس ..المتمرّدين المنشقين إلى أن قضي على الفتنة ..وإنهاء القتال بين أبناء الوطن الواحد .بفضل الرجال،وما زلنا ننتظر من طفل في رجل ،عشق الموت من أجل شعبه ووطنه،وكم كان منتشيا وهو يرى جيشه جيشا واحد 

البشير خلف حياتي في دائرة الضوء

تحت اسم وزارة الدفاع الوطني ،ووأد جذوة الفتنة بيننا ،ماذا ننتظر من طفل شهم ،أكل الدوني ولبس الخردة العسكرية المتسخة ،التحق بالمجاهدين ،وتعلم منهم كيف نحب الأرض،تعلم وأيقن بأن الجزائر واحدة ،انتقل الى القل ورضع حب الجزائر من جديد ،بشار ينادي ،حيث كون فرقة مسرحية في الثكنة يوم كانت الفصحى غريبة ،تسلط عليه أحدهم لكنه برهن له ولقنه درسا ،فنجاه القرآن ،فأصبح كاتبا لقائد الفيلق ..ولا يحسن العربية ،من الساورة الى العلمة ، ويشارك في الحرب بين الشقيقين ..حرب الرمال،حتى أعلن وقف اطلاق النار ،مناضل على جميع الأصعدة كيف لا ؟ وقد علّم الأطفال،في الثكنة ،قبل أن يمنحه الله الرسالة ويعلمهم في المداشر والقرى والسباسب ،اشتغل جنوب بشار ،سجل اسمه خفية ،ودبر كيف يخرج متسللا،لأداء الإمتحان وكان الناجاح حليفه ،قابل بلهوشات فرفض طلبه ،رغم حالة عائلته المزرية ، لم يتنازل عن فكرته الى حب العودة الى المدنية ،ليبدأ الجهادة من أجل تكوين جيل كما يحلم ، توسط بالرجال ،تخلى عن الذهاب إلى موسكو ،وعاد والعود أحمد إلى النبع والأصل ،فاختار التعليم مهنة وهدفا ،ليضحي من جديد ،لوى الى عنابة وحضر تفجير الباخرة القادمة من مصر ،الحدث الذي كان من سلسلة الأحداث ،ووجهت التهمة للقاهرة ،وفي مهنة التعليم تحقق حلمه ،مثلما كان في العسكرية ،وتحمل الحالة المزرية التي كانت تعيشها الجزائر بعد نيل الحرية ،من السارة وسبايبها ،كتب له التعليم بالحدود التونسية..مكان المطبات والمغامرات ،بمدرسة نائية ،يأتيها تلاميذ في سنه مشيا على الأقدام ،وكان يأتيهم أحيانا على متن جرار قديم ،تحت إدارة مدير فرنسي زوجته معلمة ..ومستحيل أن يبقى بشير ممرّنا ،من ممرّن بسيط الى مساعد الى معلم الى مفتش ،إرادة وطموح ما  شاء الله للڨمارية وما أنجبت وللجزائر ،وفيه من كان يريد استفزازه وتثبيطه ،ولكن الطائرة لا تطير إلا إذا عاكستها الرّياح ،أحب مهنة التعليم حد العشق وتزوج معلمة أنجبت له الذّهب من بطنها ،(وابن الوز عوام) ،فسعى واعاد الى مرابعه ليعلم أبناء منطقته ،وذلك قبل التفتيش الذي ذكرته آنفا ،بعد البكالوريا حرم من الجامعة بسبب عدم الظفر بالإنتداب ،لذلك أختار التفتيس ،وكانت دائرة تڨرت من نصيبه ،ليس غريبا حين نتوقع طرق أبواب الصحافة والأدب ،بعد الذي حققه بالنار والبرود ،والإرادة القوية والعزيمة والمثابرة والصبر ،تحدث عنه النقاد وعن أدبه الذي كان قد استمده من الواقع المعيش بشيئ من الخيال ،كان يعيش بنصوصه في عالم الورق ،الى أن أصبح عالم النت أكثر انتشارا ،سافر الى الأقطار العربية والسفر كتب تمشي ،ومع تطور العالم الإفتراضي ،تمكن في عالم الحاسوب ،وساهم بقدر كبير ،في نشر العلم والمعرفة من خلال مجلات رقمية لا تحصى
3_عناوين لها ما لها ..شدّته ودخلها بقدرة فهمه واستعابه  : عيون البصائر ،مقدمة ابن خلدون ،حديث الأربعاء لطه حسين ،مؤلفات جبران ،فكتو هجو ،روايات ألبرتو موراقيا ،شيكسبير ..وما أدراك ،نجيب محفوظ ،والقائمة لا تنتهي ،ثم لا ننسى متن القرآن الكريم ، الطفل المناضل أصبح قامة تفتخر بها الجزائر والمغرب وبعض الأقطار ،عايش القامات فكان منهم ،د.دشريط ،ثم لا نغفل عن متابعته للحصص التربوية والأدبية ..عبر الأثير والآثير العربيى ،الشاشة اليتيمة ،كل المجلات ..التي كانت تصدر يومئذ ،والدوريات الثقافية ،من العراق ..ليبيا . الكويت من خلال العربي ،ودخل معمعة الكتابة ..التي كانت هدية من  الله ،وكان كاتبا ماهرا وقارئا نهما،وكان له نصيب بجل المجللات بالقسم الثقافي ،وذلك قبل المجلات الرقمية المحترمة طبعا،،وكانت الذاكرة وراء نسج قصصه المستوحاة بدءا من الطفولة وما بعد الطفولة ،البديات عن الثورة والثوار ،احتضنته الجاحظية ،وطبعت له أول مولود ( الدفء المفقود ) و.ظفرت به وقرأته بمحبة في الزمن الجميل ،ثم تتالت الإصارات ،وفي شتى الفنون ،الحقيقة عمي الطاهر كان قاسيا على الظاهرة بشير ،القساوةالتي جعلتهما صديقين فيما بعد.،تمرس على تقنيات القصة القصيرة ،فشكلته ،خلاف تجاربه في الجهاد والنضال والعسكرية ،أصبح رئيسا لاتحاد الكتاب وحزب التحرير الوطني ،ثم لا نتناسى رحلاته داخل وخارج الوطن ،تعرف على الأمكنة من خلال الجيش والتجارة والملتقيات ،تونس ..السعودية . اليونان ..ماليزيا ،وعظام تزي بزبهم ،أبو القاسم سعدالله مثلا  ..كان الأديب والمربي بشير أول من دخل عالم الحاسوب بعد البندقية والورق والأقلام ،وقرأنا الكثير عنه بمحبة ولا سيما ما كتب عنه من الأقلام الناقدة والمتكلمة ،وربما قد حظي أكثر من المهتمين والمتكلمين ،ممن هم في جيله ومازال يبدع ويقرأ وينقد وكنت محظوظا جدا ،حضرت معه عدة ملتقيات وطنية وقرأ لي ولو قليلا،قرأت له الكثير من أعماله .
الكاتب  الجزائري سعدي صباح