القائمة الرئيسية

الصفحات

جاري تحميل التدوينات...

إيليا أبو ماضي – السيرة الكاملة للشاعر الفيلسوف ورائد مدرسة المهجر يكتبها: فالح الحجية

الشاعر إيليا أبو ماضي

بقلم: فالح الحجية – من شعراء العصر الحديث

الشاعر إيليا أبو ماضي

الشاعر إيليا أبو ماضي


وُلد إيليا ظاهر أبو ماضي في قرية المحيدثة بلبنان سنة 1890، ورحل إلى مصر عام 1902، حيث نزل في الإسكندرية ثم القاهرة، وعمل في بيع السجائر والدخان. وكان مولعًا بالأدب والشعر، فانكب على قراءة الشعر ومطالعة الأدب من أوسع مصادره العربية، خاصة أن مصر آنذاك كانت مركزًا للمفكرين اللبنانيين الهاربين من قمع العثمانيين ثم الاستعمار الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى.

نشر أبو ماضي قصائده الأولى في مجلات لبنانية صادرة في مصر مثل العلم والأكسبريس، وهناك تعرف على الأديب أمين تقي الدين الذي تبناه ونشر له في مجلة الزهور.

هاجر إلى أمريكا عام 1911 واتخذها موطنًا جديدًا، فصار من شعراء المهجر الذين كتبوا بالعربية في الغرب. وقد احتضنته الطبيعة اللبنانية في طفولته، فألهمته حب الجمال والتأمل، فكانت قرية المحيدثة بجبالها وأنهارها مدرسة في الجمال الطبيعي. هذا الحب للطبيعة انعكس في شعره وصفاء وجدانه، كما يظهر في تجربته الشعرية المبكرة.

نشأ إيليا في أسرة فقيرة، فذاق مرارة الفقر منذ نعومة أظفاره، مما جعله رفيقًا للفقراء وداعيًا إلى المساواة بين الناس، إذ يؤمن أن الجميع من تراب، لا فرق بين غني وفقير، كما عبّر عن ذلك في رائعته الطين.

في المهجر، التقى برواد النهضة العربية كـجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأحمد زكي أبو شادي، فتأثر بهم وشكّل معهم تيارًا فكريًا وأدبيًا جديدًا. كما تعاون مع شعراء المهجر في نشر المقالات في تحليل نصوصهم الأدبية.

رأى في لبنان جوهرة الكون وخريدة الزمان، بلد الجمال والشموخ والحرية، وتغنى به كثيرًا في شعره باعتباره رمزًا للوحدة والانفتاح الإنساني، وهو ما لاحظه في مقالات حول الأدب اللبناني الكلاسيكي.

أحب الحياة وتفاءل بها، فكان شعره نهرًا رقراقًا يفيض بالعطر والفرح والنور، يمزق ظلام التشاؤم ويزرع الأمل في النفوس. وتميز أسلوبه بوحدة الموضوع والانسجام بين أجزائه ووضوح الفكرة واللغة، مما جعله من رواد التجديد في الشعر العربي الحديث، كما نوقش في دراسات فنية حول الشعر الحديث.

أصدر أول دواوينه تذكار الماضي في مصر عام 1911، ثم هاجر مجددًا إلى أمريكا الشمالية واستقر في نيويورك حيث عمل نائبًا لرئيس تحرير مرآة الغرب وتزوج من دورا نجيب دياب التي أنجبت له أربعة أبناء.

من دواوينه: تذكار الماضي، ديوان إيليا أبو ماضي، الجداول، الخمائل، وأعد للطبع ديوانه الخامس تبر وتراب.

لقّبه النقاد بـشاعر الأمل والتفاؤل، إذ دعا في شعره إلى حب الحياة والابتسام والتسامح، ومن أشهر قصائده الطين وفلسفة الحياة.

قال السماء كئيبةً وتجهمَ
قلت ابتسم يكفي التجهم في السما
قال الصبا ولّى فقلت له ابتسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما

كان أبو ماضي شاعرًا رومانسيًا حالمًا، عشق الطبيعة وبساطتها، ووجد فيها السكون والطمأنينة، فألهمته صورًا أخاذة ومعاني سامية. امتزجت في شعره الفلسفة بالجمال، والواقعية بالتأمل، فصار شعره مرآة للوجود والحياة والموت، كما تناولناه في تحليل الفلسفة في الشعر العربي الحديث.

وفي فلسفته الشعرية رأى أن الموت ليس نهاية بل استمرار للوجود، وأن الإنسان خالد بما يتركه من أثر. نبذ التعصب والطائفية، وآمن بديانة الإنسان وإنسانيته.

توفي إيليا أبو ماضي عام 1957 في نيويورك إثر نوبة قلبية، بعد أن ترك إرثًا خالدًا في الشعر العربي الحديث.


من أروع قصائده – قصيدة الطين

نسى الطين ساعةً أنه طينُ  
حقيرٌ فصالَ تيهاً وعربدَ  
وكسا الخزُ جسمَه فتباهى  
وحوى المالَ كيسُه فتمردَ  
يا أخي لا تَمل بوجهك عني  
ما أنا فحمةٌ ولا أنت فرقدُ  
أيها المزدهي إذا مسَّك السقمُ  
ألا تشتكى؟ ألا تتنهدُ؟  
قمرٌ واحدٌ يطلُ علينا وعلى  
الكوخ والبناء الموطدُ  
إن يكن مشرقاً لعينيك إني  
لا أراه من كوة الكوخ أسودُ  
النجوم التي تراها أراها  
حين تخفى وعندما تتوقدُ  
لستَ أدنى على غناك إليها  
وأنا مع خصاصتي لستُ أبعَدُ  
أنت مثلي من الثرى وإليه  
فلماذا يا صاحبي التيهُ والصدُ؟  

قصيدة ابتسم

قال: السماء كئيبة، وتجهما  
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما  
قال: الصبا ولّى فقلت له ابتسم  
لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما  
...  
قلت: ابتسم مادام بينك والردى  
شبرٌ فإنك بعدُ لن تتبسما  

بقلم: فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق – ديالى – بلدروز

حصريا: لمجلة النبراس الأدبية والثقافية

سؤال تفاعلي: ما آخر كتاب كلاسيكي غيَّر طريقة تفكيرك؟

شعار مجلة النبراس

إعداد مجلة النبراس بإشراف الشاعر محمد دويدي

جميع الحقوق محفوظة © 2025 | مجلة النبراس الأدبية والثقافية

تابعنا على مدونة النبراس لمزيد من المقالات الأدبية والثقافية

تعليقات

التنقل السريع