وحيدة افترش غرفة ذاتي احاول ترميم اطرافي المتداعي، كمن لا يحتمله النعش أتقلب ذات شمال وذات يمين في مرقدي دون حيلة، اشرد في غياهب الحضور، الأرق يؤرق مضجعي، يسرق ليالي، وأحلامي.
في الخارج زخات غيثا تتساقط من على سطح المنزل دون ان تزعجني، بدأت زخاتها المصحوبة بنقرات الزنك من على أذني كأنها نوتات موسيقية بديعة من عصور مضت.
ثمة صوتا شجي يدندن روحي، سبق وأن اعتدتها ما عدا إنها اليوم بدأت غريبة وغير مألوفة؛ هل هو صوته أم اتراني اتخيله فحسب. توقف المطر خلسة، او لم تتوقف قط، وذهني مشتت من التفكير في اللاشيء، أسئلة الوجود تداحمني من أنا يا ترى ؟ وما بي؟.
"أنت الشعاع وسط غيمة " صوتا بعيدا يحدثني. هجرني هو في غفلة مني، حين اختلج بذاتي أجدني لا شيء، المرآة زائفة ككل شيء، فهي تعكس زينتي و ليست أنا. انهض من مقعد وحدتي لاتجول في حيز ذاكرتي الواسعة بقدر وحدتي. صور لأيام جميلة في بقعة اللاوعي واخرى حزينة. اعود سريعاً واجلس وحيدة مرة اخرى، أراقب ظلام الليل وهي ترسم سدولها من حولي، أيعقل أن يكون الليل وحدها من تؤانسني و تجالس وحدتي الكئيبة.
اخربشني علني اجدنا علها تظهر هوانا للعلن، او علها تنجيني مني. ابحث عميقا فيني إلا انني اجد الخواء قابعا ممسدا رجليها من على ضفة روحي وتنساب ينبوع الابدية من والى شرايين العدم.
أبواق الحياة في دواخلي تئن قبل ان تصفر لحنا بطرب الفراغ
أصرخ الا أن تردادت صراخي تعود الي مرتدة من حائط وحدتي.
ثمة ضجة تحت الباب القي نظرة فاحصة اجد خنفس ينخر الباب بغية الخروج، اتأملها برهة. صدقا الكل يبحث عن ذاته الحرة، عن الخلاص "أريد التحرر مني " اصرخ ملئ صوتي دون طائل.
لا شيء كئيب يفوق كئابة الليل الكامن فيني ولا احد يستطيع أن يروض ثور ماتدور الوحدة.
.
بالكاد أدركني وحدوه الليل ونجمات وحيدات تؤانس صمتي؛ القمر حزين تبكي ضيائي فهي تعرفني كما انا أعرفها. هل كان هو الذي يؤرق ليالي حقاً ام ياتري لم تكن كل هذا سوى حلما او ربما كابوسا لعين.
مذ ذلك الوقت سار يزورني شجي صوته بأنتظام قائلة: هانذا أعود إليك يا حبيبي فدونك لم أكن وغيرك لا شيء انا، لاني منك واليك خرجت وأطلقت سهام هيامي التي لم تخطئ هدفها مطلقاً فحين وطئت قدمي العالم السفلي انتشلتني خارجا ومنتشيا بالولادة الثانية..
فكانت أبدية هي لقاءنا، اسحرني بقبلاتك المنسية، واحضني بلهفة اشتياق، اذرعني شعلة في قلبك، لتتقد حدقات عينيك بوهجنا انا الذي لولاك ما وجدت ولم أكن
انجيني من هلاكي فدونك غدة الاشياء باهتة.
الج ذاكرتي ابحث عن من اكون، عن العتق من اغلالي.
لم يكن هناك سوى سلاسل تكبدني بدأ أن لافكاك منها، استسلم، بل اصرخ مرة اخرى قبل أن يستوقني صوت أحدهم، استرق السمع مجددا بهلع وخشو كمن يستمع الى وحي اللهي.
"من هناك؟"
"هل من أحدا؟"
أجبني بالكاد صرخت الا أن أحدأ لم يجيب، وددت الصارخ مجددا قبل ان أجده امامي قائلا بصوت اشبه بهمسي قورجس هذا انا.
Maguith Deng