لم تكن «هيلا يا رمانة» وليدة المدرجات، ولا هتافًا طارئًا صنعته لحظة حماس عابرة، بل أغنية كويتية عريقة أعادت الجماهير العربية اكتشافها، ومنحتها حياة جديدة في مدرجات كأس العرب 2025. فكيف تحوّلت أغنية عاطفية قديمة إلى نشيد جماهيري حديث؟ وكيف انتقلت من فضاء الغناء إلى قلب الملاعب، لتصبح واحدة من أكثر الأهازيج تداولًا خلال البطولة؟
«هيلا يا رمانة»… من أغنية كويتية خالدة إلى ظاهرة جماهيرية في كأس العرب 2025
في مدرجات كأس العرب 2025، تردّد لحن مألوف لدى كثيرين، لكنه بدا جديدًا في سياق كرة القدم. كلمات بسيطة، نغمة خفيفة، وإيقاع قابل للترديد الجماعي:
هيلا يا رمانة… الحلوة زعلانة… منهو يراضيها… أنا أراضيها…
بهذا التفاعل العفوي، خرجت الأغنية من إطارها الغنائي الأصلي، لتتحوّل إلى هتاف جماهيري موحِّد، تتناقله المدرجات من مباراة إلى أخرى، ومن جمهور إلى آخر، حتى أصبحت إحدى العلامات الصوتية الأبرز للبطولة.
🎤 الأصل الحقيقي للأغنية: عمل كويتي من زمن مختلف
«هيلا يا رمانة» ليست نتاجًا مباشرًا لثقافة الملاعب، بل هي أغنية كويتية قديمة تنتمي إلى فترة ازدهار الأغنية الكويتية في ستينات وسبعينات القرن الماضي، حين كانت هذه الأغنية تشق طريقها بثبات نحو الوجدان العربي.
الأغنية من ألحان وغناء الراحل عبدالحميد السيد، أحد الأسماء البارزة في المشهد الغنائي الكويتي والعربي، وكلمات الشاعر علي الربعي، المعروف بكتاباته العاطفية والوطنية.
في تلك المرحلة، لم تعد الأغنية الكويتية حبيسة حدودها، بل انتقلت ألحانها وكلماتها إلى أصوات عربية كبيرة، وأسهمت في تشكيل ذائقة موسيقية عربية مشتركة، ما جعل كثيرًا من الأعمال الكويتية مألوفة حتى خارج سياقها الأصلي.
🏟️ البداية الحقيقية في المدرجات: الجمهور الجزائري أولًا
وفق متابعة المباريات ومقاطع الجماهير، فإن أول استعمال جماهيري واضح لأغنية «هيلا يا رمانة» في مدرجات كأس العرب 2025 كان من طرف الجمهور الجزائري، عقب الفوز العريض للمنتخب الجزائري على البحرين بخماسية.
في تلك المباراة، أطلقت الجماهير الجزائرية الأغنية بصيغة ساخرة ومشاغبة، قائلين:
هيلا يا رمانة… البحرين زعلانة…
مع مرور الوقت، انتقلت العدوى بين الجماهير العربية، فصار كل جمهور منتخب فائز يعيد ترديد الأغنية مع تعديل اسم المنتخب المهزوم، لتصبح أداة للاحتفال المزاحي والنصر المرح، دون إساءة.
وهكذا فقدت الأغنية ارتباطها بمدرج واحد أو جمهور بعينه، لتتحول إلى هتاف جماعي متنقّل بين الفرق والبطولات.
✍️ الكلمات واللحن: لماذا تصلح الأغنية للهتاف؟
🧠 الكلمات
كتب الشاعر علي الربعي كلمات الأغنية بلغة قريبة من الناس، تعتمد على الصورة البسيطة والدلع العاطفي، وهو ما جعلها قابلة للانتقال السلس من الأغنية إلى الهتاف.
هيلا يا رمانة
الحلوة زعلانة
منهو يراضيها
أنا أراضيها
وبعيني أفديها
بس لا ألاقيها
🎶 اللحن
لحن عبدالحميد السيد قائم على إيقاع خفيف متكرر، يسمح بالغناء الجماعي دون تنسيق مسبق، وهو ما يفسّر سرعة التقاط الجماهير له وتحويله إلى نشيد تشجيعي.
🎉 لماذا لاقت هذا الانتشار الواسع؟
- أغنية معروفة سلفًا لدى شريحة واسعة من الجمهور
- إيقاع بسيط قابل للترديد الجماعي
- نبرة مرحة تخفف التوتر التنافسي
- دور حاسم لمواقع التواصل الاجتماعي
🎥 بين الفن والملعب
ما حدث مع «هيلا يا رمانة» يذكّر بأن الأغنية الشعبية لا تموت، بل تنتظر سياقًا جديدًا يعيد تقديمها. فبين المسرح والملعب، تبقى الكلمة القريبة من الناس قادرة على التحول والتجدد.
✨ خلاصة
«هيلا يا رمانة» ليست اختراع مدرجات، بل إرث فني كويتي أعادت الجماهير العربية توظيفه بطريقتها الخاصة. وفي هذا التداخل بين الذاكرة الغنائية والحماس الرياضي، تتجلى قدرة الثقافة الشعبية على عبور الأزمنة والسياقات.
إعداد مجلة النبراس الأدبية والثقافية — بإشراف محمد دويدي.
تعليقات
إرسال تعليق