القائمة الرئيسية

الصفحات

عندما يزداد العواء حولك فاعلم أنك أوجعت الكلاب | قراءة نفسية واجتماعية عميقة

ليست هذه العبارة شتيمة عابرة، ولا حكمة شعبية وُلدت من فراغ، بل خلاصة تجربة إنسانية متكرّرة عبر التاريخ. كلما ارتفع صوتك، أو تقدّمت خطوة إلى الأمام، أو خرجت عن الصف، بدأ العواء. ليس لأنك أخطأت بالضرورة، بل لأنك أصبت. أصبت موضعًا حساسًا في نفوسٍ اعتادت السكون، واعتاشت على التكرار، وتغذّت على الركود.

إقرأ في النبراس: قصة قصيرة بعنوان/الاقتراب من جبل الحلم بقلم القاص / محمد الليثى محمد

في هذا المقال، لا نقرأ العبارة بوصفها قسوة لفظية، بل نفككها بوصفها مرآة نفسية واجتماعية وأدبية، نطلّ منها على معنى النجاح، وعلى ضريبة التفرّد، وعلى ذلك الضجيج الذي لا يصاحب إلا من يحرّك الماء الراكد.

صورة رمزية لرجل يسير بثبات بينما أصوات العواء تحيط به
العواء لا يُسمع في الطرقات الخالية… بل حيث يمر المختلف.

العواء: صوت الضعف حين يعجز عن المواجهة

عندما يزداد العواء حولك فاعلم أنك أوجعت الكلاب ليست جملة هجومية، بل توصيف دقيق للحظة يبدأ فيها النجاح بإثارة الألم عند الآخرين. فالعواء هنا هو التعبير الأخير عن العجز، حين لا تبقى حجة ولا قدرة على المنافسة.

في علم النفس الاجتماعي، يُعدّ الهجوم الجماعي أحد أشكال الدفاع. حين يعجز الفرد أو الجماعة عن اللحاق بك، لا تحاول تجاوزك، بل تحاول إعادتك إلى الخلف. والعواء هنا ليس نقاشًا، ولا نقدًا، بل ضجيجًا بلا حُجّة، لأن الحُجّة تحتاج عقلًا هادئًا، بينما العواء ابن الارتباك.

العواء سلوك بدائي؛ يُستخدم للتخويف، للتشويش، لإشعارك بأنك محاصر. لكنه في جوهره اعتراف غير مباشر بأنك أصبحت مؤثرًا. فلا أحد يعوي في وجه من لا يُرى.

يمكنك قراءة: مجموعة نصوص ومضية ... للشاعر: حسن الفياض

لماذا لا يعوي الناجحون؟

لأن الناجح مشغول ببناء صوته، لا بتقليد أصوات الآخرين. أما من لم يجد لنفسه مسارًا، فيتخذ من العواء مهنة، ومن الاعتراض هوية.

الكلاب في الخطاب الرمزي: من الحراسة إلى الهجوم

في الأدب، الكلب رمز مزدوج: قد يكون رمز الوفاء، وقد يكون رمز العدوان. لكن في هذه العبارة تحديدًا، نحن أمام الكلب الذي لم يُربَّ على الحراسة، بل على النباح عند الخوف. كلب لا يهاجم إلا إذا شعر بالتهديد، ولا يرفع صوته إلا إذا أدرك أن القادم أقوى منه.

العبارة لا تهاجم أشخاصًا بأسمائهم، بل تصف حالة ذهنية: حالة من يعيش على هامش الفعل، ويشعر بالألم حين يرى غيره في مركزه.

لوحة فنية ترمز إلى القافلة التي تسير والعواء خلفها
القافلة لا تتوقف لتشرح نفسها للنباح.

اجتماعيًا: لماذا يهاجمك المحيط عندما تتقدّم؟

المجتمع لا يخاف الفشل، بل يخاف من ينجح خارجه. لأن نجاحك يفضح أعذار الآخرين. وجودك المتقدّم يُحوّل كسلهم إلى سؤال، وتخاذلهم إلى إدانة صامتة. فيبدأ الهجوم، لا لأنك أسأت، بل لأنك أحرجت.

كل تجربة نجاح حقيقية تمرّ بثلاث مراحل:

  • التجاهل
  • السخرية والعواء
  • الاعتراف المتأخر

ومن يتوقف عند المرحلة الثانية، لم يكن هدفه الوصول، بل التصفيق.

فلسفيًا: الألم دليل التأثير

في الفلسفة، لا يُقاس الفعل بصوته، بل بأثره. والعواء، مهما بدا مزعجًا، هو أثر. إنه الدليل على أن خطواتك لم تكن وهمًا، وأن حضورك لم يكن زينة.

قال نيتشه: «كل فكرة عظيمة تمرّ بثلاث مراحل: تُسخر، تُحارب، ثم تُعتبر بديهية». والعواء هو المرحلة الوسطى، حيث تبدأ الفكرة بإيذاء البنية القديمة.

كيف تتعامل مع العواء؟

1. لا تشرح نفسك

العواء لا يبحث عن فهم، بل عن استنزاف. وكل شرح تقدّمه، هو طاقة تمنحها لمن لا يستحق.

2. راقب الاتجاه

إذا كان العواء من الخلف، فاطمئن… أنت تتقدّم.

3. واصل السير

القافلة التي تتوقف لتجادل الكلاب، لن تصل.

خاتمة: العواء شهادة غير مكتوبة

لماذا تجذب هذه العبارة ملايين القرّاء؟

لأنها تختصر تجربة إنسانية عالمية: كل من حاول أن ينجح، أن يختلف، أو أن يخرج من القطيع، واجه العواء. ولهذا تتحول العبارة إلى مرآة يرى القارئ فيها نفسه.

متى يجب أن تقلق؟

ليس عندما يكثر العواء، بل عندما يختفي. فالصمت التام قد يعني أنك لم تعد تُقلق أحدًا.

حين يعلو العواء من حولك، لا تسأل: لماذا يكرهونني؟ بل اسأل: ماذا حرّكت فيهم؟.

فإن ازداد العواء، فاعلم — لا شكّ — أنك أوجعت الكلاب، وأن الطريق الذي تسير فيه ليس طريقهم.

أسئلة شائعة يبحث عنها القرّاء

ما معنى عبارة عندما يزداد العواء حولك فاعلم أنك أوجعت الكلاب؟

تعني أن الضجيج والانتقاد المتزايد غالبًا ما يكونان ردّ فعل على نجاحك أو تأثيرك.

هل العواء دليل نجاح دائمًا؟

ليس دائمًا، لكنه يصبح مؤشرًا قويًا عندما يتزامن مع التقدّم والاختلاف.

لماذا يهاجمك الناس عندما تتفوّق؟

لأن تفوقك يحوّل أعذارهم إلى إدانة صامتة.

كيف أتعامل نفسيًا مع العواء؟

بالثبات، تقليل التبرير، والتركيز على المسار.

دعوة للتفاعل

هل مررت بتجربة ازداد فيها العواء من حولك كلما تقدّمت؟ شاركنا تجربتك.

إعداد مجلة النبراس الأدبية والثقافية — بإشراف محمد دويدي.

تعليقات

التنقل السريع