42 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
بحكم تقوقعي و صمتي المريب يوم كنت في خدمة العلم [1978 - 1981] كان النقيب[م.ع] يتوجس مني خيفة، و كذا كنت منه! و كان يراقب من بعيد كل حركاتي و سكناتي! حتى إذا طلبت منه إجازة أو مغادرة فإنه سرعان ما يكتب على ورقة الطلب [للتريث] و طبعا بذلك يكون قد رفض طلبي بطريقة شبه لبقة!
و لقد رأيتني جراء ذلك أكظم غيظي و ليس باليد حيلة سوى أن أجود على سيادته بما هو معلوم ! و كنت بحكم العلم الذي تلقيته في حياتي المدنية أرفض الجود في تلك المواضع و ليس علي إزاء ذلك سوى الصبر و انتظار الفرج من الله، حتى إذا كنا ذات يوم بصدد اختبارات اللياقة البدنية التى تجرى مرة في كل عام و كان من بينها ما يسمى [ اختراق ضاحية] و فيها تقلنا الشاحنة لتضعنا على بعد ثلاثة كيلو مترات من الفوج كي نعود إليه سباقا و عدوا، و كان ثمة مكافآت للفائزين الأوائل و هي عبارة عن عشرة أيام إجازة تقضيها بين أهلك و أحبابك
و بالفعل كانت الشاحنات قد أقلت ثلاثمئة عنصر لتضعهم على بعد مسافة السباق بحيث يبدأ الركض عدوا جهة الفوج ، و حين أعطانا قائد الفوج أشارة البدء كان العناصر في عظمهم قد انطلق يعدو بشكل عنيف طلبا للفوز ! حتى إذا قطعنا مسافة مئة متر أو تزيد قليلا إذا بجميع العناصر تقريبا قد سبقوني و غدوت أنا في آخر الركب! و لم أكترث كثيرا لهذا غير أني واصلت العدو برتابة و توازن و تقدير، حتى إذا قطعنا أقل من نصف المسافة المقررة، بدأ قسم من المتسابقين يتساقط و يتلوه قسم آخر ، فيما كنت لا أزال محتفظا بقوتي و لياقتي و سرعتي المنضبطة، و هكذا حتى إذا شارفنا على نهاية السباق عندها انطلقت أعدو بقوة عجيبة متجاوزا العدد القليل جدا ممن سبقني لأكون الثاني في الترتيب! و كانت المفاجأة بالنسبة لي ليست في فوزي و ترتيبي بين المتسابقين بل في مسارعة النقيب قائد الكتيبة إلى احتضاني قبل أن تتلقاني الأرض جراء إنهاكي الشديد جدا ... ياإلهي! متى كان النقيب يكن لي هذه المودة ؟! تراه هل كان ظني به في غير محله ؟! أم أن فوزي هذا يشكل له فخرا بين بقية قادة الكتائب، و أمام السيد قائد الفوج ؟!
لقد كانت هذه الحادثة ذات أهمية بالنسبة إلى حياتي الثقافية! فمن خلالها عرفت كيف أبرمج و أرسم و أخطط لأمري بما يضمن خلوه من هنات و ثغرات و عيوب، و بحيث لا أتسرع في اصدار أحكامي و ما أقرره
و لقد رأيتني جراء ذلك أكظم غيظي و ليس باليد حيلة سوى أن أجود على سيادته بما هو معلوم ! و كنت بحكم العلم الذي تلقيته في حياتي المدنية أرفض الجود في تلك المواضع و ليس علي إزاء ذلك سوى الصبر و انتظار الفرج من الله، حتى إذا كنا ذات يوم بصدد اختبارات اللياقة البدنية التى تجرى مرة في كل عام و كان من بينها ما يسمى [ اختراق ضاحية] و فيها تقلنا الشاحنة لتضعنا على بعد ثلاثة كيلو مترات من الفوج كي نعود إليه سباقا و عدوا، و كان ثمة مكافآت للفائزين الأوائل و هي عبارة عن عشرة أيام إجازة تقضيها بين أهلك و أحبابك
و بالفعل كانت الشاحنات قد أقلت ثلاثمئة عنصر لتضعهم على بعد مسافة السباق بحيث يبدأ الركض عدوا جهة الفوج ، و حين أعطانا قائد الفوج أشارة البدء كان العناصر في عظمهم قد انطلق يعدو بشكل عنيف طلبا للفوز ! حتى إذا قطعنا مسافة مئة متر أو تزيد قليلا إذا بجميع العناصر تقريبا قد سبقوني و غدوت أنا في آخر الركب! و لم أكترث كثيرا لهذا غير أني واصلت العدو برتابة و توازن و تقدير، حتى إذا قطعنا أقل من نصف المسافة المقررة، بدأ قسم من المتسابقين يتساقط و يتلوه قسم آخر ، فيما كنت لا أزال محتفظا بقوتي و لياقتي و سرعتي المنضبطة، و هكذا حتى إذا شارفنا على نهاية السباق عندها انطلقت أعدو بقوة عجيبة متجاوزا العدد القليل جدا ممن سبقني لأكون الثاني في الترتيب! و كانت المفاجأة بالنسبة لي ليست في فوزي و ترتيبي بين المتسابقين بل في مسارعة النقيب قائد الكتيبة إلى احتضاني قبل أن تتلقاني الأرض جراء إنهاكي الشديد جدا ... ياإلهي! متى كان النقيب يكن لي هذه المودة ؟! تراه هل كان ظني به في غير محله ؟! أم أن فوزي هذا يشكل له فخرا بين بقية قادة الكتائب، و أمام السيد قائد الفوج ؟!
لقد كانت هذه الحادثة ذات أهمية بالنسبة إلى حياتي الثقافية! فمن خلالها عرفت كيف أبرمج و أرسم و أخطط لأمري بما يضمن خلوه من هنات و ثغرات و عيوب، و بحيث لا أتسرع في اصدار أحكامي و ما أقرره
ــ يحيى محمد سمونة.حلب ــ