القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

خاطرة بعنوان: (المطرقة و السندان)/ من ديوان: من قلب القبطان للكاتب: علاء طبال

#يا_حافي_القلب
.
خاطرة بعنوان: (المطرقة و السندان)/ من ديوان: من قلب القبطان

.
حدث #آرنيس_الدرك_الأسفل حافي القلب فقال: ما لك غضبٌ من الوجود، لم يسلبك يراعك أو ماءك أو كأسك... ما زلت ترتوي منه
أجاب الحافي: لم أسلب كأسي لكن سُلبتُ سدانته، لم أسلب مائي لكن فقدت حلاوته و يراعي لم يعثر على طروسه و كوزه... أرتوي من ماءٍ بلا طعم بلا سكر في كأسٍ دون سدانة معوجة... و يراعي عانق الأوراق دون أن ينزف دمعة مذ كان صغيراً... لقد ألفوه على السكوت فسكت ففاض الحزن على الجدران فغرق الورق فصار أسود و أضاع طروسه و كسر كوزه في سديم السواد.
بعد انصات آرنيس لما قاله الحافي أردف: و ما الكأس ؟، و ما الماء ؟، و ما اليراع ؟.... غيرك يرشف بيديه لا كأس له و غيرك بلا فيه فما جدوى اليراع له ؟.... أسدل الحافي ستائره على نافذته و ارتجفت ذقنه من سكرة نشوة الألم و شهق و تجاهل آرنيس و مضى..... أمسك آرنيس بعضده مقطباً، صاح به بصوتٍ مجنزر: غيرك لا كأس له.. أتسمع ؟ ! لا كأس عنده ! ! 
.
كهنة البكاء المر الأبيض أرسلت جيش نارها على الحافي فبكى فتمزقت ستائره و ارتجف رجفة الخذلان، تنطحت سماء روحه بين جدران جسده كالسكران... ارتعش... اخضرَّ أصفرَّ احمرَّ أزرقَّ أرعد أزبد: صدري أنا زنزانةٌ قضبانها ضلوعي........... ما زلت غضباً من الوجود، سندان أنا و الوجود مطرقة... ارتشف ماءً موشى بالعزلة، بلا حميمية... عيناي صدى ما في نفسي و بنفسي قهرٌ لا يقهر، أذناي تزيد معاناتي هي تسمعني قرقعة الأكواب فنجان و كأس، إبريق و إناء ساذج بلا اسم... أما كأسي أنا بلا سدانة أو بالأحرى كانت بسدانة لكن سُلبتْ بعدما شخت و ما قُبل لها أن تطرقع و تقرقع كسائر الكؤوس و النفوس.... حتى إناء ساذج بلا اسم قُبل و يراعي يتنقل بلا اجتماع بلا تكوين.
...... همست عجوزٌ مجرى عيونها اكتوى بالدمع الذي يزرف للحجر: 

#وحدك_يا_حافي_القلب_لا_تكذب
لجة الأسى أن تجد نفسك في وجودٍ صار دون أي معنى
يا صاح لقد سطونا على الوجود فجردناه من معناه
يا صاح انتبه من كل ما في الوجود, انتبه من الأسود إنه أبيض انتبه من الحكام إنهم أصنام انتبه من الله المزور إنه لاهوت انتبه من السعداء إنهم تعساء, خذ حذرك من المؤمنين و المتدينين إنهم كفار, ابتعد عن المعبد إنه حانة, انتبه من الصلاة إنها بجلباب و لحية و سبحة بدون صلاة يا صاح حولناها إلى رياء و صارت دون موسيقى, لا تقترب من اليقظين إنهم سكارى, اهرب من الآباء و الأبناء إنهم أعداء, لا يخدعنك الغني إنه فقير, لا تنظر إلى الرحى فكر بالهوام
يا صاح لطالما كانت الحقيقة جد قريبةٍ منا و لطالما أبعدناها عنا حتى صارت تضحك علينا لحد البكاء , يا صاح ظلت الحقيقة تجهش بالبكاء لحد الضحك علينا حين ظللنا نخيط الثوب بالمقلوب , يا صاح الحقيقة باسمة ضحاكة لكن من شاهدها بكى لقربها منا 
يا صاح اكفر برجال الدين لقد سرقوا النبي يا صاح أن لم أجد أبداً نقطة شبهٍ بين كهنوت اللاهوت و النبي يا صاح لقد خالفوا شريعة معبد الصحراء الأول يا صاح لطالما حج الأنبياء ببطون الناس و طافوا حول الناس يا صاح قدم الأنبياء الله للإنسان و لم يقدموا الإنسان لله يا صاح قد جعل الأنبياء الدين قرباناً للإنسان و لم يقدموا أضحية الإنسان للدين يا صاح .... لقد سرقوا نبي
يا صاح ابتعد عن جيوشٍ يستحي من وجهها وجه السباب 
يا صاح انظر إلى الدم إنه ماء 
يا صاح انظر إلى الصبح إنه مساء 
يا صاح انظر إلى العمر إنه هباء
يا صاح لجة الأسى أن يحاوطك من يدعي أنه رب الأرباب ومن يدعي أنه مندوب عن صحابة الرسول
يا صاح قُتل سقراط بأيدي من أراد أن يخرجهم من الظلمات للنور, يا صاح صُلب سبارتاكوس بأيدي من أراد أن يحررهم, على أيدي من أراد أن يخرجهم من مستنقع غيهم الآسن, يا صاح اغتالوا الفاروق الذي طالما عزف اللحن على عصاه, يا صاح كسروا عصا أبو ذر التي لطالما فلقت رؤوس كانزي الذهب والفضة الأغنياء, يا صاح قوضوا لحن علي الذي طالما غرد في كوفاه, يا صاح استشهد حسين الله في كربٍ و بلاء يا صاح مات العباس بحسرته من الوجود, يا صاح حشرج حطام نيتشه من الضعف الذي خلفه فيه الوجود و هو الذي طالما ادعى القوة و الشكيمة, يا صاح اختنق جيفارا ببكاه قد سرقوا اسمه و ثورته... يا صاح ما زلت غضباً من الوجود , ما زلت أشعر بالغربة يا صاح لطالما بحثت في غربة روحي عن وطن يا صاح لطالما آويت لموطن غربتي مستنجداً من الوطن
يا صاح ما زلت أبحث عن الوطن اللاسلطوي حيث لا ذل هناك 
يا صاح غربتي غربة جسدٍ و روح غربةٌ فيها الملايين 
يا صاح تنهابتني غربتي حتى صرت أتعثر باسمي..... (توقف "حافي القلب" عن الكلام مع صاحبه و وضع يده على قلبه 
, لمح صاحبه في وميض دمعه البرق , فصاح الحافي بقلبه فسمع صاحبه في عويل ندبه الرعد) : أيها النجس المنكود ألا تعلم أنني فاشلٌ اجتماعياً لحد البراعة, آااااااااااا, آاااااااااااااااااا........
ما زلت غضباً من الوجود 
ما زلت غريباً في الوجود 
قد زعق بها نيتشه مرة : أيتها الغربة أنتِ وطني...
ثم اهتز رأسه و انفجر .
***************************
كان هذا موجز ما قاله الحافي لصاحبه و لقلبه بعدما حدثه "آرنيس" الدرك الأسفل ممثل أصحاب دعوة ليس في الإمكان أفضل مما كان و السعادة منتشرة في الأوكسجين, آرنيس أحد (أنصار التفاؤل المهين الذين يدعون إلى الابتسام الأبله و الرؤية القاصرة)"صلاح عبد الصبور"... لسان الحال يقول : قد كان في الإمكان أفضل مما كان


هوامش:

حافي القلب: إنسان أتى في غير أوانه و غير مكانه
آرنيس: في الميثولوجيا هو أحد آلهة الرومانيين القدماء لكن آرنيس هنا غير آرنيس إنه (آرنيس الدرك الأسفل)


لا يتوفر نص بديل تلقائي.