
دمعة على أمي
للشاعر:علي مناصرية
مَكْمُـــودةً رَحلَــتْ عنَّــــا إلـــي الأَبَــــدِ
تَدعُــــو لٍأكـــبادِهـا مَطحُونـــةَ الْكَبـــدِ1
مَحْزُونـةً أَبَـــدًا مِــــنْ فَـــرْط ِمِحْنَتِـــها
والْحـُزنُ يا وَلَـدِي يُفْضـي إلَـى النَّكَـــد2
مُـــذْ عُدْتُـــها باكــــيًا دَمْـعِي يُغالبُــني
أَلْفيتُـها أَسَفِــــي- رُوحًا بِـــلاَ جَسَــــدِ
تَشْكُــو إلى ربِّــها ضُـــــرًّا يُلازِمُـــها
وَالصَّــدْرُ في حَـرَجٍ والْقَلْـبُ في كَمَــدِ4
لمْ يَتْـــرُكِ الـدَّاءُ شيـئا مِـنْ مَلامِحِـها
كَأَنَـها لَم تَكـنْ فــي الْوَجْــهِ والْعَضُــدِ
لمّــــــَا هَـــوَى قَلْبُـها يبْكـي لحالتـــها
تَأَوَّهَـتْ أَسَفًـــا: قَلْـبِـي علـى وَلَـــدِي5
وأَطْلَقـَتْ يَدَهــــا شـــوقا تُطَــوِّقُـــــه
والْقَلْبُ مُسْتَغْـرِقٌ فـي حُبِـهِ الْأبَــدِي6
كأنّـَـــها شَعَـــرَتْ أَلَّا تَـــــرَاهُ غَـــــدًا
فاسْتَأثْـــَرَتْ حُبَّــهَ قبل ارتقاء غَــــدِ
كم كان بـــرًّا بهـا ما عقّهــــا أبـــــدا
أو عقّ والِـــدهُ من قبل أو يحــــــد
كَـمْ أَنْفَقَـتْ يَـدُهُ فـي سِـرِّهَا عَـرَضًــا
وأَهْـلَـكَــتْ لُبَـــدًا مِــنْ مَالِـــهِ اللُّبَـدِي7
يحنو على رحــم حرصا على صلة
فــي جِيـدِ قاطِعِــها حَبْــلٌ مِـنَ الْمَسَد8ِ
ما خـانَ خائِنَـــهُ أو شـان شائئـــه
أوْ أَسْفَلَـتْ يَـــدُهُ من سفلى لمتئــد.
قد تحْسِبَن لِينَــهُ ضَعْــفًـا ومَجْبَنَــةً
لَكِنَّـــهُ كاسِــرٌ فــي صَوْلَــــة الْأَسَـدِ
لَهْفِي على بِكْرِها الْمَصْدُومِ مِنْ جَلَلٍ
فَالصدر مُنْقبضٌ والعين لَــمْ تجُــد10
يَبْكِيـكِ يا أمُّ أمْ يبكــــي فجيعتــــــــه
فالعينُ لم تكتحل بالنــور مـن أَمَـد11
قد يعجبك ايضا
كَـمْ أكرمَـتْ زَوْجُـهُ مَثْـواكِ طائِعَـــةً
تَسْعَى إلَى جَنَّـةٍ في حَضْـرَةِ الصَّمَـدِ
والعَيـــنُ ساهــرةً قُــربى لخــالقـها
تنــأى بِمقلـتِها عِـــنْ لَفْحَــةِ الرَّمَـدِ
أمي فمـا خِلْتُني أو خلتها ابدا
يهزي بــها كَفَــنٌ فـي مُوحِــــشٍ أدد12ِِ
والْخالُ يُمْهِلُني علّي أودعـــــــــهَا
ما كِـدْتُ أشهــدها وَارَيْتُها بِيـَــدِي
عُدْنا عَلى مَضَضٍ والْجَمْعُ يَتْبَعُـنا
والْكَونُ منغمِسٌ في عَيْشِهِ الرّغِدِ
لا يَشْعُـرَنْ أحد قَضُّوا ومَنْ وُلِدُوا
كم نسوة حَبلَـتْ فـي الْغَيْـبِ لمْ تَلِـــــدِ
عُــــدْنا لِنُكْرِمَـهُ والْحَــــــظُ يُشْغِـلُــــهُ
ما خِلْـتُ مِـنْ أَحَـدٍ يَلْوِي على أَحَــــد13ِ
وَلُّـــوا وقــد فَـرَغُـوا يَدعُونَ خالِقـهُمْ
يا ربَّنــا نَقـِـــها بالثَلْـــجِ والَبَـــــــرَدِ
وأكرم منازلــها ما شئت مــن كـــرم
ما شاقَ مستغفــرًا أوْ دار في خلـــد
الزمتني حقها الأوفى بصحبــــــتها
لألزمــنْ برهـــا نهجـي ومعتـقــدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01 ـ مطحونة الكبد: تفتت كبدها ونزفت دما مما أدى إلى وفاتها
02 ـ يفضي إلى النكد: يودي اليه وينتهي
03 ـ ألفيتها روحا بلا جســد: فني جسدها جراء الداء العضال حتى لا تكاد ترى إلا نفسا يتردد
04 ـ في كمد: في هم شديد
5و06 ـ هوى قلبها ـ تطوقه: ابنها الدكتور يوسف مناصريه الذي جثا أمامها على ركبتيه باكيا على حالها وهي تناديه وتتأوه:آه يا يوسف قلبي.ثم طوقته بذراعها مقبلة إياه بلهفة وبحرقة.
07عرضا ـ .المال أللبد: عرض الدنيا حطامها من المال الكثير الذي أنفقه وينفقه على أهله بسخاء دون تردد .
08 ـ يحرص على صلة الرحم لأنه يدرك أنها معلقة بعرش الرحمن وان من قطعها قطعه الله كما فعل مع أبي لهب وزوجه أم جميل اللذين قطعا رحم رسول الله.
09ـ ما إسفلت يده لسافل لمدي: لم تتسول أو تستجدي الرزق من احد ’ خاصة من المنحط الجبان .
10: البكر: كبير الأولاد .
11: لم تكتحل عينه بالنور من أمد : لم يتمكن من الرؤية منذ مدة طويلة.
12: أدد: المرعب المخيف الفظيع.
13:الحظ يشغله : غرض الدنيا
14ـ لا يلوي احد على احد : لا يهتم له ولا يحس بما يعانيه.