القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ذات فجر.. ندى الرفاعي/ سوريّا

ذات فجر.. ندى الرفاعي/ سوريّا

ذات فجر

 بين ظلال أغصان الشجرة العملاقة أمام البيت، يبدو قرصه الدائري الأبيض على الأرض المرمرية في الغرفة، وصوت المؤذن ينادي ” الصلاة خير من النوم “…
تدعك الجفنين وتفتح العينين.. تصحو مبتسمة فرحة تردد: الكرة القمرية في بيتنا، يامرحبا يامرحبا…
  تحلِّق بين النجوم والشهب. تستعيد ماورد من أخبار ليلة الأمس عن رحلة البشر الكونية الأخيرة حول الأرض، وهي تتابع المشهد الحالي، وبعض من النور يخترق زجاج باب الشرفة أمام عينيها، هاهي شجرة جدّها الحيّة مازالت تؤكد المنظر الماثل أمامها، والبدر يبدو على أرض الواقع كخيال للظل وليس كمجرد حلم نوم أو يقظة. تجلس قبالته بانتظار مناداة الإمام لقيام الصلاة …
تتابع المشهد بمنتهى السعادة، عين على سماء الكون تسبِّح بقدرة الخالق، وعين على مرمر الأرض، وبعض من ضياء الكون يتبادل الأدوار مع العتمة بين أرجاء الغرفة…
صوت غريب يخترق صمت الأجواء، طالما تحدَّثت الجدّة في حكاياها عنه، طائر خبيث يتغلغل مسرعا بين أغصان الشجرة و أوراقها ، يداهم أعشاش عصافيرها، طامعا بنهش لحم صغارها، وهي ترتعد خوفا تطير بين هنا وهناك، وظلال الأجنحة ترفرف حول سجادة الصلاة بجوارها ترسم صدمة الخوف، والأرض بوجع ضياع التشرد القسري تئن، مع هسهسة بعيدة لا تلوي على شيء…
تتلاحق وصايا الجدة إلى الذاكرة، وهي تحذّر صغار الأسرة من أشرار المخلوقات بين البشر، تردد التعاويذ برب الفلق من شرِّ ماخلق، والدمع يترقرق في المُقل.

}