القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

اللّيلة الفارقة.. قصة قصيرة. بقلم: سهام شكيوة/ تونس.

اللّيلة الفارقة.. قصة قصيرة. بقلم: سهام شكيوة/ تونس.

اللّيلة الفارقة..

  “مرحبا بجميع الحضور مجددا.. بعد هذا الفاصل الموسيقي البديع، حان الآن موعد الإعلان عن الجائزة الأولى في القصّة القصيرة.. هدوءا من فضلكم.. الجائزة الأولى من نصيب القاصّ (حسن وسام) عن قصّته “فراق”.. والتي اِرتأت اللجنة أن تُغيّر العنوان من “فراق” إلى “اللّيلة الفارقة”.. وهي قصّة سليمة اللّغة، تامة الشروط لخضوعها لكلّ مقومات القصة القصيرة، فألف مبروك لك يا (حسن).. “
 تلك كانت الكلمات التي صعقت الكاتب المبتدئ (حسن) الذي ذُهل أيّما ذهول أمام إصرار رئيسة اللجنة على ذكر اِسمه وإعادة ذكره لثلاث مرّات..
لطالما كان (حسن) يزِن كل خطوة قبل الشروع في كتابة أوّل قصّة له وآثر أن يعزّز أوّلا ثقته بنفسه وقدراته باِرتياد الملتقيات ودور الثقافة والتظاهرات الثقافية.. لطالما كان يؤمن بمقدرته الإبداعية وأنّ عليه أن يتشبّع بمقوّمات الكتابة القصصيّة حتى يتسنّى له شقّ طريقه بتؤدة وتروٍّ.
  -(حسن وسام)، أين هو (حسن)؟ أعيد: الفائز في ملتقى اليوم للقصة القصيرة هو (حسن وسام)..

حينها فقط نبّهته مشارِكة كانت تجلس بجانبه بعدما قرأت اِسمه على بطاقة المشارَكة..
-ألسْت (حسن وسام)؟
-(متلعثما) بلى.. أنا ذاته..
-إنهم ينادونك.. لقد فزت بالمركز الأول.. هنيئا لك.

  قام (حسن) من مكانه على صوتِ تصفيق الحاضرين، ولم يكن يدْرِي هل يضحك أم يبكي.. اِضطربت خطواته وأصابته غشاوة سرعان ما أفاق منها بعدما رأى من بين الحضور السّيّدة (راقية)، الشاعرة التي شجّعته على اِرتياد الملتقيات لصقل موهبته والسيّد (علي)، القاصّ المشهور الذي لطالما كان مؤمنا به كمشروع قاصّ كبير.. ومن بين الحاضرات أيضا كانت السيدة (سلاف)، الناقدة التي شدّت على يديه لكتابة أول قصّة له.. كانت عيناها تشعّان فخرا به ووجهها الباسم يزيده ثقة وقوة.. كانت كعادتها تصوّره لتُنزل له فيديو مباشر يشاهده العالم أجمع.. لوّحت إليه من بعيد متتبّعة إياه حتى وصل إلى منصّة التكريم.. هل يفرح أم يحزن؟ هل يضحك أم يبكي؟

  حالما وصل إلى المنصّة، اِستقبله الجميع باِبتسامة عريضة وعلى وقع التصفيق والمباركة والصور والفيديوهات المباشرة والمسجلة اِستلم الجائزة.. وسمح لقلبه الصّغير بأن يقفز فرحا بهذا الإنجاز العظيم الذي لطالما اِنتظره..

  حان وقتُ اِلتقاط الصورة الجماعيّة، وكعادته، كان السيد (فاروق)، المصور الفوتوغرافيّ لجلّ الملتقيات يحاول أن يقسم الحضور إلى ثلاثة صفوف حتى تكون الصورة التذكارية كاملة..
اِصطفّ الحاضرون ما عدا واحدة كانت تجلس في آخر صفّ بالقاعة.. نادتها المشرفة على الملتقى فلم تستجب.
-يبدو أنّها ليست من عاشقي الصور مثلي.

  أمَرَهم المصوّر بالاِبتسامة فاِستجابوا دون تلكّؤ واِلتُقِطت الصّورة الجماعيّة..
تفرّق الحاضرون وغادر معظمهم فيما اِنشغل (حسن) بالردّ على أسئلة الصحفيّين والاقتصار على شكر لجنة التحكيم على ثقتهم ونزاهتهم دون مجادلة تغيير العنوان، إذ قبل اِقتراحهم بتحويله من (فراق) إلى (الليلة الفارقة).

 عاد (حسن وسام) إلى مكانه منشرح القلب، مرتاح الخاطر وحمل معطفه ليهُمّ بالمغادرة وزفّ الخبر إلى عائلته وخصوصا خطيبته التي لم تدعمه قطّ معتبرة الكتابة إضاعة للوقت.. وحين هزّ رأسه، لاحظ ذاتَ الشابة التي تخلّفت عن أخذ الصورة مع الحاضرين ماتزال جالسة بنفس مكانها آخِر القاعة. طلب منها الحارس بكل لطف إخلاء المكان لأنه سيقوم بإغلاق القاعة لكنّ الشابة لم تُعره اِهتماما.. فتوجّه (حسن) نحوها وسألتها أن تغادر. حينها قامت بحركة عرف معناها جيّدا، ثم أمسكت القلم الذي بحوزتها وكتبتْ على الورقة التي أمامها والتي ناولتها إياه: “أنا لا أستطيع الرد أنا خرساء، لقد عوّلتُ على صديقة فيسبوكية لي وعدتني أن تكون بجانبي يوم الإعلان عن الجوائز حتى أعرف إن كانت قصّتي “فراق” هي التي فازت.. لكن يبدو أنّها نسيتْ موعدنا لهذا اليوم، لا عليك.. سأغادر الآن وأنتظرها خارجا.”
  قامت الفتاة من مكانها فصُعق (حسن) من الاِسم المدوّن ببطاقة المشاركة: (وسام حسن).
  -فقط سؤال لو سمحتَ: مااسم القصة الفائزة؟ هلا كتبتَها لي على الورقة رجاء؟

 

}