قصيدة المساء للشاعر خليل مطران تمثل نموذجًا للشعر الرومانسي الذي يعكس وجدان الشاعر وتجربته الحياتية. في هذا المقال سنقدم شرحًا مفصلًا للقصيدة، بيتًا بيتًا، مع توضيح المعاني، الأساليب البلاغية، الموسيقى الشعرية، والأفكار الأساسية للطلاب.
غروب الشمس، رمز الحزن والتأمل في الشعر الرومانسي. الغروب كمجاز لمزاج الشاعر الحزين في قصيدة المساء.
نص القصيدة الكامل
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي
مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي
يا للضعيفين استبدّا بي
وما في الظلم مثل تحكّم الضعفاء
قلب أذابته الصبابة والجوى
وغلالة رثّت من الأدواء
والروح بينهما نسيم تنهد
في حالي التصويب والصعداء
والعقل كالمصباح يغشى نوره
كدري ويضعفه نضوب دمائي
هذا الذي أبقيتيه يامنيتي
من أضلعي وحشاشتي وذكائي
عُمريْنِ فِيكِ أَضَعْتُ لَوْ أَنْصَفْتِنِي
لم يَجْدُرَا بِتَأَسُّفِي وَبُكَائِي
عُمُرَ الفتى الفاني وعمر
مُخَلَّدٍ ببيانه لولاك في الأحياء
فغَدَوْتَ لَمْ أَنْعَمْ كَذِي جَهْلٍ
وَلَمْ أغْنَمْ كَذِي عَقْلٍ ضَمَانَ بَقَاءِ
يا كوكباً من يهتدي بضوائه
يهديه طالع ضلّة ورياء
يا مورداً يَسقِي الورود سرابه
ظمأً إلى أن يهلكوا بظماء
يا زهرة تُحيي رَوَاعِي حسنها
وتميت ناشقها بلا إرعاء
هذا عتابك غير أني مخطئ
، أيُرام سعد في هوى حسناء
حاشاك بل كُتِبَ الشقاء على الورى
والحب لم يبرح أحب شقاء
نعم الضلالة حيث تؤنس مقلتي
أنوار تلك الطلعة الزهراء نعم الشفاء
إذا رويت برشفة مكذوبة
من وهم ذاك الماء
نعم الحياة إذا قضيت بنشقة
من طيب تلك الروضة الغناء
إني أقمت على التعل بالمنى
في غربة قالوا تكون دوائي
إن يشفي هذا الجسم طيب هوائها،
أيلطف النيران طيب هواء؟
أو يمسك الحوباء حسن مقامها،
هل مسكة في البعد للحوباء؟
عبث طوافي في البلاد وعلة
في علة منفاي لاستشفائي
متفرد بصبابتي متفرد
بكآبتي متفرد بعنائي
شاكي إلى البحر اضطراب خواطري
فيجيبني برياحه الهوجاء
ثاوي على صخر أصم وليت
لي قلباً كهذه الصخرة الصماء
ينتابها موج كموج مكارهي
ويفتها كسقم في أعضائي
والبحر خفاق الجوانب ضائق
كمداً كصدري ساعة الإمساء
تغشى البرية كدرة وكأنها
صعدت إلى عينَيَّ من أحشائي
والأفق معتكِر قريح جَفنُه
يُغضي على الغمرات والأقذاء
يا للغروب وما به من عبرة
للمستهام وعبرة للرائي
أوليس نزعاً للنَّهار وصرعة
للشمس بين مآتِم الأضواء
أوليس طمسا لليقين ومبعثاً
للشك بين غلايل الظلماء
أوليس محواً للوجود إلى مدى
وإبادةً لمعالم الأشياء
حتى يكون النور تجديداً لها
ويكون شبه البعث عود ذكاء
ولقد ذكرتك والنهار مودع
والقلب بين مهابة ورجاء
وخاطري تبدو تجاه نواصري
كلما كدَامِيَةِ السحاب إزائي
والدمع من جفني يسيل مشعشعاً
بسنى الشعاع الغارب المتراي
والشمس في شفق يسيل نضاره
فوق العقِيق على ذرى سوداء
مرت خلال غمامتين تحدّراً
وتقطرت كالدَّمعة الحمراء
فكأن آخر دمعة للكون
قد مزجت بآخر أدمعي لرثائي
وكأنني آنست يومي زائلاً
فرأيت في المرآة كيف مسائي
القصيدة موجودة نسخة pdf على مجلة النبراس
يمكنك الإطلاع على: قصيدة المساء لخليل مطران: شرح أكاديمي وتحليل شامل (النص الكامل)
1. المعاني والمفردات الصعبة
- داء ألمّ: ألم شديد يختلط بالحزن والمرض النفسي
- الصبابة: الشوق والحب العاطفي العميق
- الغربة: البعد عن الوطن أو الحالة النفسية المعنوية
- الحوباء: الهواء/نسيم المكان، مصدر راحة أو علاج
- الهوجاء: الرياح العاصفة والاضطراب
2. شرح القصيدة بيتًا بيتًا
البيت 1–2
داء ألمّ فخلت فيه شفائي … من صبوتي فتضاعفت بُرحائي
- يعبر الشاعر عن ألم داخلي وجسدي شديد.
- المجاز "داء ألمّ" يرمز للحزن النفسي.
البيت 3–4
يا للضعيفين إستبدا بي وما … في الظلم مثل تحكّم الضعفاء
- الشاعر يشكو ظلم الآخرين الضعفاء.
- استخدام النداء "يا للضعيفين" لإظهار الدهشة والحزن.
البيت 5–6
قلب أذابته الصبابة والجوى … وغلالة رثت من الأدواء
- القلب منهك بسبب الشوق والحزن.
- الصورة البلاغية: "الصبابة" و"غلالة" تعكس الأثر النفسي للألم.
البيت 7–8
والروح بينهما نسيم تنهد … في حالي التصويب والصعداء
- تقلبات النفس بين الألم والراحة.
- النسيم رمز للراحة المؤقتة.
البيت 9–10
والعقل كالمصباح يغشى نوره … كدري ويضعفه نضوب دمائي
- العقل مضاء لكنه مغطى بالحزن.
- التشبيه يظهر ضعف العقل بسبب التعب النفسي والجسدي.
البيت 11–12
هذا الذي أبقيتيه يامنيتي … من أضلعي وحشاشتي وذكائي
- الشاعر يحتفظ بما تبقى من أمانيه وذكائه رغم الألم.
البيت 13–14
إني أقمت على التعل بالمنى … في غربة قالوا تكون دوائي
- الأمل في الشفاء من خلال الأحلام رغم الوحدة والغربة.
البيت 15–16
إن يشفي هذا الجسم طيب هواءها … أيلطف النيران طيب هوائي؟
- يتساءل عن فاعلية الهواء الطيب في شفاء جسده.
البيت 17–18
أو يمسك الحوباء حسن مقامها … هل مسكة في البعد للحوباء؟
- تساؤل عن فاعلية نسيم المكان البعيد.
البيت 19–20
عبث طوى في البلاد وعلة … في علة منفاي لإستشفائي
- الشعور بالغربة وفقدان الراحة والدواء.
البيت 21–22
متفرد بصبابتي متفرد … بكآبتي ومنفرد بعنائي
- الوحدة والانفراد بالحزن، والتكرار لتأكيد الشعور.
البيت 23–24
شاكي الى البحر إضطراب خواطري … فيجيبني برياحه الهوجاء
- البحر والرياح يعكسان اضطراب مشاعر الشاعر.
البيت 25–26
ثاوي على صخر أصم وليت لي … قلباً كهذه الصخرة الصماء
- رغبة في قلب جامد يقاوم الألم.
البيت 27–28
يا للغروب وما به من عبرة … للمستهام وعبرة للرائي
- الغروب رمز لنهاية اليوم أو مرحلة الحياة.
البيت 29–30
ولقد ذكرتك والنهار مودع … والقلب بين مهابة ورجاء
- تأمل الشاعر في الحنين والأمل أثناء وداع النهار.
البيت 31–32
فكأن آخر دمعة للكون قد … مزجت بآخر أدمعي لرثائي
- الحزن ليس شخصيًا فقط بل كوني، جزء من دموع الكون.
البيت 33–34
وكأنني آنست يومي زائلاً … فرأيت في المرآة كيف مسائي
- التأمل في الذات والوعي بنهاية المرحلة أو اليوم.
3. الأساليب البلاغية
- النداء: "يا للغروب" لإظهار الدهشة والحزن.
- الأساليب الخبرية: تقرير المشاعر والتأكيد عليها.
- المحسنات البديعية: الطباق والجناس مثل "متفرد بصبابتي متفرد بكآبتي".
4. الموسيقى الشعرية
- الموسيقى الخارجية: الوزن والقافية تتناسب مع الجو الحزين.
- الموسيقى الداخلية: التكرار والأصوات المتشابهة تعطي نغمة حزينة ممتدة.
5. الأفكار الأساسية لقصيدة المساء
- الصراع النفسي والعاطفي للشاعر.
- تأثير المرض والغربة على النفس.
- ارتباط الشاعر بالطبيعة (البحر والغروب) كمرآة للمشاعر.
- النهاية الرمزية التي تجمع بين الحزن والأمل والوداع.
6. نصائح للطلاب
- ركّز على معاني المفردات الصعبة.
- اربط كل بيت بفكرته الأساسية لتسهيل الحفظ.
- لاحظ الأساليب البلاغية والموسيقى لتفسير الأسلوب عند الامتحان.
إعداد مجلة النبراس الأدبية والثقافية — بإشراف محمد دويدي.
#مجلة_النبراس #خليل_مطران #قصيدة_المساء #شرح_القصيدة #الثانوية_العامة #الأدب_العربي #pdf