القائمة الرئيسية

الصفحات

فيلم الست: نقد شامل ومحترف بعيون الشعب محمد فتحى السباعى

مشهد سينمائي يجسد شخصية أم كلثوم في فيلم الست بإضاءة دافئة وخلفية مسرحية
صورة سينمائية تحاول استعادة هيبة الأسطورة بين الضوء والصوت.

مشاهدة فيلم عن أسطورة بحجم أم كلثوم تجربة حساسة، خاصة بعد كل الجدل المثار حوله قبل العرض. بدأت مشاهدتي بنظرة متفتحة، محاولة إعطاء العمل فرصة، ومراقبة تفاصيله بعين نقدية متخصصة.

الإضاءة والريكور

في البداية، نجح الفيلم في خلق أجواء درامية عبر الإضاءة المتناغمة مع المشهد، خاصة في حفل الأولمبيا وسقوطها على المسرح، حيث استخدم الضوء لتسليط الانتباه على الشخصية، مع خلفية موسيقية تضيف بعدًا شعوريًا. المونتاج السريع في هذه المشاهد أعطى إحساسًا بالحركة والارتباك الذي شعرت به الفنانة، لكنه سرعان ما بدأ يفتقد الانسجام مع الحبكة في المشاهد التالية، حيث أصبحت الانتقالات بين المشاهد حادة وغير سلسة، وهو ما أضعف التوتر الدرامي المطلوب.

الحبكة والدراما

الفيلم حاول تناول حياة أم كلثوم الفنية والشخصية، لكنه وقع في فخ تبسيط الشخصيات والصراعات. عرض البخل والسادية بشكل فجّ، وتحويل علاقاتها مع رامي والحفناوي إلى نوع من الرومانسية المسرحية المبالغ فيها، أضعف مصداقية الحبكة. الحوار أحيانًا ينتمي لعالم لاحق زمنيًا، ويشوه شخصية الفنانة، بدل أن يضيف عمقًا إنسانيًا.

بإمكانك قراءة موضوع شيق عن شهر رجب

التاريخ والدقة الواقعية

الجانب التاريخي يحتوي على العديد من الأخطاء الدقيقة: ترتيب الأحداث، مواقف الصحفيين، مواقع الأغاني، وحضور الشخصيات العامة، كلها أشياء كانت تحتاج بحثًا دقيقًا أو استشارة خبراء. هذه الأخطاء لم تؤثر فقط على المصداقية، بل أضعفت قدرة المشاهد على التفاعل مع الأحداث وفهم سياق حياة أم كلثوم الحقيقي.

الموسيقى والصوت

الموسيقى المختارة، رغم محاولتها الدرامية، جاءت في كثير من الأحيان صاخبة ومشتتة، بعيدًا عن روح أم كلثوم والشرق الموسيقي، ولم تدعم الحالة النفسية أو المشهدية بشكل مؤثر.

نقاط القوة

المشاهد الأولى، خصوصًا الأولمبيا والمطر بلا جمهور، كانت محكمة من ناحية الإخراج والضوء والموهبة التمثيلية.

الأداء التمثيلي أظهر بعض لحظات القوة في الشخصية، مع محاولات جادة لتجسيد الصراع الداخلي للفنانة.

الخلاصة

الفيلم، رغم إمكانياته الإنتاجية الضخمة، افتقد الانسجام بين السيناريو، الدراما، التاريخ، والإخراج الفني. كان من الممكن تقديم تحليل إنساني وفني حقيقي لشخصية أسطورية، لكنه انتهى إلى صورة مبسطة، أحيانًا كاركاتيرية، للأسطورة.

النقد هنا ليس رفضًا للفكرة أو للفيلم بشكل كامل، بل محاولة للتأكيد على أن أي تناول لشخصية بحجم أم كلثوم يحتاج حرفية عالية، دقة تاريخية، وعين نقدية سينمائية قادرة على المزج بين الدراما والفن والتاريخ.

يمكنك الاطلاع على مراجعة شاملة لأقوى أفلام الإثارة النفسية هذا العام

إعداد مجلة النبراس الأدبية والثقافية — بإشراف محمد دويدي.


أسئلة تفتح النقاش

  • هل تستطيع السينما العربية إنصاف الشخصيات الأسطورية دون تشويهها؟
  • أين يقف الحد بين الخيال السينمائي والأمانة التاريخية؟
  • هل فشل هذا الفيلم حالة فردية أم جزء من أزمة أعمق في سينما السيرة الذاتية؟

لمحة النبراس

ترى مجلة النبراس الأدبية والثقافية أن تناول الشخصيات الرمزية في السينما العربية غالبًا ما يقع بين فخّين: التقديس الذي يمنع التحليل، أو التبسيط الذي يفرّغ الرمز من معناه. وبين هذين الحدّين تضيع فرصة تقديم عمل فني يليق بالذاكرة الثقافية.

من هنا، لا يصبح نقد فيلم بعينه فعل هدم، بل محاولة إنقاذ لمسار فني يحتاج إلى مراجعة عميقة في أدواته ورؤيته.

فيلم الست

أم كلثوم في السينما

نقد فيلم الست

السيرة الذاتية في الأفلام العربية

أخطاء فيلم أم كلثوم

السينما المصرية

نقد سينمائي عربي

تعليقات

التنقل السريع