القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

مقال في أصول الحوار / الاديب : يحيى محمد سمونة - حلب -

مقال
في أصول الحوار
/ 23 /
أحاور بمنشوراتي عموم القراء، و أخص الطبقة المثقفة منهم - تلك الطبقة التي نشأت و ترعرعت و درجت على مفاهيم سائدة لا يزال الشك يحوم حولها و حول سلامتها و مصداقيتها -
إننا - جميعا - نجهل كيف و متى تم التأصيل لتلك المفاهيم في ربوع ثقافتنا، لكننا - جميعا - على يقين أنها ليست وليدة بيئتنا و ليست من صلب ثقافتنا، و أن مفرداتها ليست من صميم لغتنا، ولا نراها تعبر عن بديع و بلاغة لغتنا، و روعة بيانها و قدرتها على توصيل مراد المتكلم بأقل لفظ ممكن.
حواراتي ربما خلت من مواجهة مع طرف آخر محاور، بل تجدها تشبه رسائل مفتوحة أفصح من خلالها عن وجهة نظري في مسائل لا تزال محل إشكال في ساحتنا الثقافية.
لقد تطرقت في حواراتي إلى مفهوم "العلم" بعد ان تبين لي أن هذا المفهوم كان قد صيغ بطريقة خلت من علم ! بل قد تبين لي أن التأصيل لهذا المفهوم قد تم بعيدا عن الحقيقة اللغوية لمسمى "العلم" ! و بعيدا عن إدراك الدور الذي أنيط بالعلم و أسباب وجوده !
إن الحديث عن المنهج العلمي الذي يفضي إلى حقيقة العلم بالشيء - بحسب ما يقال في الأوساط الأكاديمية - هو حديث لا يستحق الوقوف عنده باعتبار أن مفهوم العلم أصلا بحاجة إلى إعادة النظر فيه.
قلت: إن ما بني على باطل فهو باطل، و كذلك مفهوم العلم و المنهج العلمي كلاهما بني على باطل - و ذلك بحكم أن بناء مفهوم العلم و كذلك المنهج العلمي قد تم و فق جهل بحقيقة العلم.
إنه إذا كانت المعرفة تعني دراسة الأشياء على ما هي عليه من قوام و خصائص و ماهية
فإن العلم يعني دراسة حركة الأشياء من حيث الدوافع و من حيث الآثار الناجمة على تلك الحركة.
فأنا أشاهد و ألحظ إنسانا يتحرك على الأرض، فقوام معرفتي في ذلك شكل هذا الإنسان و ملامحه و طريقته في الحركة ما إذا كانت سليمة؟ أم عفوية؟ أم مريبة؟ أم غير ذلك؛ فتلك هي حدود معرفتي، لكنني لا أعلم، بل أجهل تماما حقيقة دوافع حركته.
طبعا فإن ذلك يفصح تماما و يبين حدود المعرفة و حدود العلم. فالإنسان الذي شاهدته يتحرك، وحده يعلم و جهته و ما كان يضمر من حركته. و هكذا هو حال حركة الأشياء كلها فإننا نجهل حقيقة الدوافع فيها إلا أن يكون ثمة من يخبرنا بحقيقة أمرها فذلك هو العلم.
- و كتب: يحيى محمد سمونة -
 يحيى محمد سمونة - حلب -