القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الجلسه البحثيه التاسعه لنادي ادب الشرقيه المركزي بقصر ثقافه فاقوس

 كتب الشاعر ايهاب محمد عزت وصابر حجازي - مصرصعدنا درجة جديدة على سلم النجاح بانعقاد الجلسة...
اقرأ المزيد

إختتام فعاليات عكاظية الشلف للشعر الثوري والوطني "قاعة المحاضرات بدار الثقافة و الفنون لولاية الشلف"

  إختتام فعاليات عكاظية الشلف للشعر الثوري والوطنيأسدل أمس الستار عن فعاليات عكاظية الشعر ...
اقرأ المزيد

أمسیة توقیع كتاب "المھاھاة والملالاة في زغارید الأفراح" في شفاعمرو

 أمسیة توقیع كتاب "المھاھاة والملالاة في زغارید الأفراح" في شفاعمرو د. روزلاند دعیمفي أمسی...
اقرأ المزيد

الكاتب: سعدي صباح يخص النبراس بمآثر ومحطات من حياة البروفيسور الراحل "كاظم العبودي"

 ويبارح الصّقر العربي ..أوكار الفناء ____________________________الموت بقدر ماهو عنيف ..بق...
اقرأ المزيد

رسالة شكر من الروائي والصحفي عبد العزبز غرمول للشاعرة الدكتورة نادية نواصر وجميلات العرين

أدباء الذاكرة منشورات العرين للابداع والثقافة  #صديقتي #الغالية د. #نادية رسالة ...
اقرأ المزيد

شهادة الاديبة حكيمة جمانة جريبيع في حق الروائي والصحفي عبد العزيز غرمول

 منشورات العرين للابداع والثقافة أدباء الذاكرة أستاذي عبد العزيز غرمولزعيم الساحة الأ...
اقرأ المزيد

شهادة الشاعر الشاذلي كليل في حق الروائي والصحفي عبد العزيز غرمول

 منشورات الغرين للابداع  والثقافة أدباء والذاكرة من طهارة الفرصة الأبهى.. أنني ت...
اقرأ المزيد

رسالة الكبير جمال فوغالي ، الى الكبير الدكتور دريس بوذيبة

منشورات العرين  للإبداع والثقافة رسالة الكبير جمال فغاليالى الكبير دريس بوذيبةمساء الاعترا...
اقرأ المزيد

شهادة الاديب الكبير جمال فوغالي في الروائي عبد العزيز غرمول

 أدباء  الذاكرة منشورات العرين  للابداع  والثقافة  الاديب  ا...
اقرأ المزيد

" الكتابة كفاحي الوحيد ضد الفناء "فتحي عبد العزيز محمد

المحتويات
    لا يوجد عناوين
بورتريه بيت " الكفاية الانتاجية " و النزول تحت الارض ..
" الكتابةكفاحي الوحيد ضد الفناء "
كافكا

-1-
عندما كان منادي عربة الاجرة " التاكس " ينادي بتكأسل وزهد وباعلى صوتة :
ـ بحري نفر .. بحري نفر , ثم يبدل صوتة بآخر جهوري مميز وينادى: ـ عربي .. عربي .. خرطوم .. عربي , خيل لي لحظتها وكمن يؤذن فى مالطا , أذا لم يكن هناك بموقف المحطة الوسطى أى أحد سواء شخصي الضعيف , وأعداد قليلة متفرقة لاتكاد تذكر من منتظري المواصلات العامة , والشبة معدومة الان ومع أقتراب موعد سريان حظر التجول ليلا , وثمة أنفار قرويين حيارة يسالؤن الباعة الجائلين بالحاح عن مساكن بعض أقاربهم ممن يعملون بطبالي السوق , وأعداد متواضعة هنا وهناك ويا لعجبي من الشماسة وبعض ماسحي الاحذية , الذين يتخذون من المحطة كماءوا ليلي دائم لهم , لليوم التالي كانت غالبية المطاعم والدكاكين شبة مغلقة باستثناء صيدلية " أبونخلة " الوحيدة والتى تعمل كعادتها 24 ساعة , أما " تمنة " السوق الكبير أو مركز الشرطة الوحيد فقد تحول فجاءة ذاك اليوم وفى غمضة عين لنقطة أرتكاز هامة وكبري , ولرجال الامن القومي والاستخبارات العسكرية , أو مركز رقابة وقيادة وسيطرة متقدم بوسط أمدرمان , وخلية نحل لاصدار الاوامر والتعليمات بالقبض والتفتيش التعسفي للعربات الخاصة والمارة من المواطنين , وتوجية أتيام البحث الامني والجنائي , وحتى الدوريات الراجلة والحمولة على عربات " الاورال الثقيلة "و عربة 51 المتوسطة الحجم , والمدججة بالقوات المظلية الخاصة والمجوغلة بالكامل , لمواصلة عمليات الدهم والمطاردة والتعقب الجنونية الواسعة , والتى تطول الان كل أعضاء الحزب اليساري العريق وحتى الامين العام ونائبة وكل النقابين المحسوبين على الحزب , ومن حي لحي .. ومن بيت لبيت , وبطول العاصمة وعرضها والتى بداءت ومنذ مساء البارحة وعلى أثر فشل المحاولة الانقلاب التصحيحية المزعومة , والتى أستمرت لمدة ثلاثة أيام , خصوصا على أولئك القادة النقابين المدنيين والذين خرجوا وشاركوا عن بكرة أبيهم وفى موكب التايد الضخم والكاسح والمزلزل , وفى ظهيرة اليوم الثاني للمحاولة الانقلاب وظهروا وهم يهتفون ويهللون ويناصرون الانقلابين الجدد وبلا تحفظ وعلى شاشات التلفزيون وألصحف اليومية ,والمتهمين الان بالتحريض الشديد والمشاركة التضامنية وفى أرتكاب مذبحة بيت الضيافة المجاور للقصر الجمهوري الدموية المرعبة , والتى راح ضحيتها العشرات من الضباط العسكرين المسجونين العزل , بل أن هذة الحملات نفسها كانت من العنف والجراءة والضراوة بحيث أنها لم تستثني أحد كان , ووسط أجواء عدائية مفعمة بالغموض والتشكك والارتباك , لدرجة أن أى أحد منهم لم يكن يعرف حتى الان وبالضبط هو مع من أو ضد من . 
-2-
, صباح هذا اليوم كان يوم أسود مشهود وحزين وكريهة فى تاريخ المدينة الوادعة المسالمة , أذا خرج سكانها وعلى بكرة أبيهم وفى وداع شهداءها الابرار , من أبناءها الضباط وصف الضباط والجنود حيث شيعت النعوش فى جنائز شعبية جماهيرية ضخمة , وعسكرية ضاجة وصارمة ويتقدم الجميع القائد الاعلي للقوات المسلحة ورئيس البلاد " أب عاج " بنفسة , وكبار الوزراء ورجالات الجيش والدولة والشخصيات العامة القومية والشعبية ,وبمقابر "حمد النيل " وأطلقت الرشاشات عشرات الآلاف من الطلقات النارية تحية ووداعا للشهداء الابرار , ولتنطلق بعدها موجة ورغبة عارمة للانتقام غير مسبوقة , وللاقتصاص ومن كل من شارك وفى تلك المجزرة المروعة بحق وحقيقة , والتى لم يعرفها تاريخ السودان الحديث مثيل لها أبدا ,أما الراديو والتلفزيون الرسميين فقد وأصلوا ولليوم التالي وفى ترديد آيات من الذكر الحكيم , والمارشات العسكرية والموسيقة الحذائنية ومقتطفات مكررة تحزيرية غاضبة وشديدة االلهجة والتى اطلقها الرئيس القائد مباشرة , وبعد عودتة المظفرة وعلى آسنة الرماح , والتحزير العلنى والمبطن ولكل من تسول لة نفسة بمساعدة أو أيواء أى من المطلوبين للعدالة , حيث سيلاقي حتما نفس الجزاء او المصير المحتوم , بل أن التحزيرات المتكرر وفى كل المؤتمرات الصحفية للرئيس بعد ذلك , أفزعت حتى كوادر الحزب بالاقاليم حيث بدوا يتحسسون رقابهم بعد ان أوصموا جميعا بالغدر والخيانة والعمالة , والجميع ناغمين عليهم وفى حل من مساعدتهم ومناصرتهم ومن كل هذة الحملات الانتقامية المروعة , والتى أضحت الان حقيقة لاتفرق بين صالح أو طالح , كما أن صواوين وخيام التعازي المنتشرة بالمدينة كانت محروسة ومحاطة عن آخرها وبمصفحات صلاح الدين والعربات الاسكاوت والنصف مجنزرات , أما معسكر سلاح المدرعات بالشجرة فقد تحول الى سكنة دائمة للرئيس القائد , والى ساحة للمحاكمات والدفوع والقصاص العسكري الناجز والفوري . 
وفى مثل ذاك الجو الخانق والمشحون بالتوتر والمعباء بالحزن والغبن والتشفي وطلقات الرصاص فى مجموعات مسموعة وفى كل مكان , كان علي أن أقف الان حائرا تماما ووحيدا ولافاضل سريعا بين الذهاب للاختباء بعيدا , بمدينة "بحري " التى أعرفها تماما , أو أن أذهب مباشرة للخرطوم وللمنازل الامنة والمحدودة لي والتى أعرفها لماما , وأنا فى الحسبة نائب الامين العام للحزب وتقريبا المطلوب الثاني فى قائمة المطلوب القبض عليهم , حيا أو ميتا مع مكافاءة سخية غير معلنة يسيل لها اللعاب , وحظر التجوال الليلي الرسمي متبقي لة حوالي الثلاثة ساعات , لياتيني فجاءة الكمسنجي المنادي نفسة ويعطينى كلمة السر , ويقول لى :
ـ أذهب للخرطوم ولمخبز " باباكوستا " رأسا , وأكرر أنتظر بالبرندة الجانبية للمخبز والمطاة على شارج الجمهورية , .. وأذا لم تتوقف أمامك أى عربة " سهان بيرد " كورية بيضاء بالرقم خ 2345,تقودها فتاة سمراء تتوشح بثوب موظفات توتل أبيض وتشير عليك بالركوب لاخذك الى مكان آخر أكثر أمنا , وحتى الساعة الثامنة والنصف فأن ذلك يعني بأن كل شىء يسير على مايرام ,وعليك أن تتوجة فورا وللبيت رقم 44 المعروف لك تماما , والمجاور لـ "معهد الكفاية الانتاجية " والذي يقع مباشرة شمال طرمبة جكسا وخلف دار الوثائق المركزية , واكرر خلف دار الوثائق المركزية وتبقي بة وحتى ان تاتيك تعليمات أخري , ثم ودعني واختفي فى لمحة بصر وتركنى هكذا محسور ومبهوت بالكامل .
-3-
بالطبع وبعد تردد وأنا فى سباق مع الزمن تقدمت مباشرة وسالت السائق العجوز :
ـ عربي " يا أسطة "؟؟.. 
ـ انشاء الله ولكن زي ماشايف " ياحاج " مافى ركاب ؟؟اا, وحتى المنادي القمسنجي أختفي ؟؟اا , بل وفجاءة ومن حيث ندرى ولا ندرى أنشقت الارض عن ثلاثة أشخاص , أحاطوا بالتاكس بالجانبين , أحاطت السوار للمعصم , كنت على حق وعندما خمنت بأن يكونوا من رجال الامن أو ألاستخبارات وذلك من أسلوبهم المتعالي والمتعجرف , فى التعامل الفظ والغليظ مع الآخريين المدنيين وسلوكهم أو أسلوبهم الاستهزائي القاسي والفج , وفى فتح أبواب التاكس وقفلها بخشونة وعنجهيئة ملاحظة ومرفوضة , مما أطار صوابي وعقلي أنا والسائق ويحملون وراء ظهورهم اسلحاتهم الشخصية الظاهرة للعيان , والجاهزة للاستخدام لادني حركة وليقول فجاءة كبيرهم فى الرتبة كما يبدوا زو " الكاب الازرق " للسائق العجوز : 
ـ خلاص "يا أسطة" مش عربي ـ خرطوم عربي , نحن ثلاثة وعندك رابع .. تمت يلا أطلع سريع .. " , بالطبع سرت داخلي قشعرية ما وهم يحيطونى بي بالجانبين وأنا أبدوا وسطهم وكعصفور صغير لاحول لي ولاقوة , ولكنني تماسكت أعصابي والمبادرة لانني كنت مموه بالكامل وبطريقة مكياج ومكساج شيطانية حازقة ,يصعب علي أفراد الامن والاستخبارات من الشباب المستجدين معرفتها , لهذا كنت مطمئن جدا والعربة الصغيرة تجتاز صينية المجلس البلدى " محلية أمدرمان " , لتستدير باتجاءة دار الرياضة وتأخذ مجراها على طريق الموردة راسا للخرطوم , ليفاجئي أيضا زو " الكاب الازرق " مخاطبا السائق العجوز :
ـ بالله "يا أسطة "وأذا أمكن من هنا طوالى عديل وبسرعة لمعسكر المدرعات بالشجرة , لاتلف يمين ولاشمال ودي تعليمات عسكرية صريحة , وأنا محسوبك الرائد أمن " كمال الجاك " . وليتفت لى ومربتا على كتفى :
ـ ومعليش "يا حاج ".. , وليواصل :
ـ وبعدين كمان ترجع وتوصل " الحاج " ولسوق الخرطوم أو أى حتة يقصدها .. , وبعدين ما تخاف الحساب يجمع .. " وليردعلية سريعا السائق العجوز المغلوب علي أمرة :
ـ عفوا " جنابك" المسالة ما مسالة الحساب يجمع وكدا .. المشكلة أنو ما عندي بنزين كافى لمشوار الشجرة , ساوصلكم عربي الخرطوم وبس ..اا " , هنا هاج وامتعظ كل من كان بالتاكس الا أنا تدخلت وبطريق كيسة مخاطب السائق خالي الذهن :
ـ أطلع "يا أسطة " طوالي وحصل طرمبة باندة بالموردة أو طرمبة مدرسة المؤتمر ..وأذ وجدت بنزين , .. وصل سعاتوا أولا وأنا ما مستعجل .. وبعدين ودينى للسوق العربي " , أستحسنوا جميعا حديثى فنظروا نحوى وأنا وسطهم أبدوا كشيخ وقور ووأسطة خير ووش سعد , .. أرتدي نظارة طبية ثقيلة واحمل مسبحة طويلة غامضة بعض الشىء , فاستحسنوا موقفى الموازر لرجال الامن , ليستمر ذو " الكاب الازرق " فى الدردشة قائلا ومستطردا لبقيةزملاءة الاخريين :
ـ قبل قليل قبضنا عل كبيرهم راس الهوس والمطلوب رقم واحد " ياحاج " ملتفتا لى أنا أيضا , وليواصل وباستهزاء :
ـ وكان متخفي فى بيت ما ولوحدة ..وبالجلابية والعمة وهو فعلا أسم على مسمي كبيرهم الذى علمهم السحر , وأرسلناة مددج بالسلاح والاغلال للشجرة راسا .
-4-
ثم أخذوا يوصفون لبعضهم البعض وبلا تحفظ أو تحرج , وبكل ما دار وفى كل هذا الصباح من عمليات دهم ناجحة واعنقالات طالت الكثيرين , وحتى أخذوا يتذكرون أسماء من قبضوا عليهم من المشاهير وبالاسم الصراح , وليتهم لم يفعلوا أو يتفوهوا بكل ذلك , فقد أحسست حقيقة بانقباض ووجع شديدين , ولكننى تماسكت وليقول الرائد زو "الكاب الازرق" مختتم حديثة :
ـ المشكلة الكبري الان يازملاء بأننا وللاسف الشديد لم نعثر حتى الان على الداهية وكبير الابالسة الآخر النائب الاول لرئيس الحزب رأس الافعي والمخطط الاول المساعد , وهو من أهالي بحر ابيض واسع من جهاز الاسلكي اخطرني اللواء غبد الغفار حمد مديرعمليات الخرطوم الكبري والمفوض الاول , بانوا بحر ابيض كلها مقلوبة علية , ورسلنا لية عناصر من الوحدة 16 الخاصة , وقالوا لو تزحزحت الليلة أرض بحر ابيض لثبتناها بقوائم الخيل ولو تمادت سماءها لثبتها بالبنادق والسونكي فى حاجة تاني أكثر من كدا .. " , فاخذوا يضحكون فى نشوة وليواصل :
ـ الان وهو تقريبا محاصر تماما وبالكامل ومسالة القبض علية أصبحت مسالة وقت ليس الا .. " ليربت على كتفى أيضا قائلا هذة المرة :
ـ الموضوع كلة أستواء خالص " يا حاج " وتحت السيطرة وحنريحكم منهم , وخليهم الليلة ينكربوا يشيلوا شيلتهم ساكت معانا .. , قول آميين .. " , لحسن الحظ كانت الطرمبتين مغلغتين ومغفرتين تماما ولا من انيس ولاجنيس , فقطعنا الكبري بسلام لنمر بعدة طرمبات بأستاد الخرطوم ولكن بدون جدوي , عدنا بعدها عبر طريق الحرية لشارع الجامعة مرة اخرى ولاطلب من السائق العجوز وبكل أحترام انزالي عند تقاطع بنك السودان مع وزارة الزراعة ,عندها فقط قال لى الطويل الممتلئ والذى يرتدى بدلة سفارى كحلية وقبل أن يفتح لى الباب :
ـ شنوا " يا حاج " تنزل كدا ساي وما تعرفنا بشخصكم الكريم .." قلت لة وانا أغادر مقعدى من التاكس :
ـ محسوبك " خضر رضوان ".. , ليقول لى بكل عجرفة :
قد يعجبك ايضا

ـ "خضر مروان " منوا يعنى " المك نمر " عرف نفسك كويس ياراجل ؟؟اا , لاقول لة :
ـ محسوبك الاستاذ "خضر رضوان حسن " أستاذ اللغة العربية بمدرسة الخرطوم الثانوية .. " قال لى بأستخفاف :
ـ على كدا ما حنسالك ونقول ليك بنين ولا بنات ؟؟ اا , ولكن زي مابقول " عادل امام " سلم لي على البدنجان .. ", مع قهقة الجميع قال لى أصغرهم ومن يجلس خلف السائق :
ـ عندك بطاقة .. أو معاك بطاقة " يا حاج " اجبتة :
ـ نعم معاي " يا أبني " دقيقة .. " , وبينما كنت أقوص بيدى داخل الجلباب والقفطان وفى رحلة بحث مزعومة طويلة للعثور على البطاقة , وليقول لى الرائد زو "الكاب الازرق "كبيرهم والذى رجح كفة الخير , وأنا أمددها لة بؤجل :
ـ معليش خليها .. , ونحن عارفنها مزورة " يا حاج " , لكن المرة الجاية طلع واحدة أصلية عشان نقبلها منك ونصدقك ؟, ثم يقول لى بعدها :
ـ أضحك "ياحاج " نحن متاسفين كنا بنهزر معاك ساكت .. أمشى خلاص "يا رجال " رافتك السلامة " , ثم يقفل باب التاكسي بعصبية ويقول باعلي صوتة للسائق :
ـ يالله " ياأسطة " أنت كمان .. " , وسط ضحكات وقهقهت وأستحسان مرؤسية الآخريين , وحتي سائق التاكس العجوز والذي كان فى غاية الاستعجاب والحيرة والاستغراب والضحك .
-5-
عبرت مباشرة الشارع سريعا وأنا مزهول بالكامل وأحمل فعلا البطاقة المزورة أصلا , واحاول أدخلها واخفاها بسرعة داخل جيبي , ربت عليه وأطمئن بانها فعلا هناك ترقد بسلام , وانا أتصبب عرقا وركبي سايحة وارتجف حرفيا كما يقولون , ولا أكاد أصدق بأنني أفلت باعجوبة ومن براثن دهاقنة الذئاب الامنية الجائعة والمعروفين للكافة , ولاعبر وبسرعة البرق للسوق الافرنجى عبر شارع البرلمان شرق والذى كان خاليا من الراجلين سواء اصحاب السيارات والحوانين والبغالات التى بداءت , فى قفل أبوابها وأنحسار روادها من البائعين والمشترين , ومن عمارة ابوالعلا الجديدة وأجزخانة قرنفلي ومع تقلص التواجد الامني بالسوق باستثناء حراسات الشرطة امام البنوك , أعبر يمينا لفندق الاكسليسيور ومن برندات شارع الجمهورية ولمحلات الخواجة " جلدينبرج " للادوات المنزلية الراقية , ومنها أتجهت مباشرة وبعد عدة خطوات لمخبز "باباكوستا " وانا فى سباق مع الزمن لشراء بعض من الخبز التوست الافرنجي والانتظار بالبرندة الجانبية , وعندما مرت الساعة الثامنة والنصف وخمسةدقائق ولم تتوقف امامي أى عربة سهان بيرد بيضاء او الفتاة المعنية او أي شىء من هذا القبيل , عبرت باطمئنان تام للطرف الآخر للشارع وعند صينية شيش كباب وسودان كلب والنادي اليهودي , وسرت بمحازاة شمال الشارع والذى يتجة شرقا ومرورا بمبني السفارة اليونانية وشركةكونت مخلص وفندق الشرق الشهير , وعندما وصلت بمحازة طرمبة جكسا أنعظفت ناحية الشمال أيضا وسلكت الطريق المؤدى للمنزل المعنى والمعروف رقم 44والمجاور لـمبني " معهد الكفاية الانتاجية " الجديد , والوحيد المميز بطوابقة المتعدد وفى كل تلك الانحاء يومها , والتابع لوزارة العمل والاصلاح الاداي والمخصص كسكن حكومي خاص لمدير المعهد المساعد بروفسير كمال دراج , مصمم البرامج التدريبية لقادة الخدمة العامة للمستويات العليا والوسيطة والمنتدب من منظمة العمل الدولية ,والذي يقع نقريبا خلف مبني دار الوثائق المركزية والذى يفضل الحزب الاختباء فية للاسباب عديدة يطيل المجال لذكرها . 
عندما دست على زر الجرس نظرت للساعة فقد كان الزمن المتبقي لحظر التجوال عشرين دقيقة تقريبا , والبروفسير دراج على ما يبدوا على وشك الخروج لشراء ما يحتاجة من خبز , وبعد أن يأس من الانتظار ولقدومنا الميمون أنا والامين العام , وعندما فتح الباب وراني ولوحدي وأحمل الخبز قال لى مرحبا وبالاحضان :
ـ والله فيك الخير وجيت فى الوقت المناسب ومعاك كمان العيش .. , ليواصل قائلا :
ـ زولكم الباشا الكبير هو بتاع امدرمان وبتاع امدرمان لا يسكن ولايشتري ولايبيت فى الخرطوم .. , زي ماقالوا أهلنا سماسرة ـ ميرديان الخرطوم .. , وما تعجبكم الا أمدرمانكم وترابها وعجاجها وكتاحتها , ثم أخذنانضحك سويا ليقول لى :
ـ للاسف ماسمعت بالخبر الخطير , .. الجماعة قالوا أسع لموا فى الباشا الكبير والله يستر ساكت المرة دى .. حتكون ثقيلة علية ؟اا" قلت لة :
ـ قبضوا علية اليوم فى أمدرمان القديمة .. وانا جاي من الثورة "زقلونا " سمعت بالخبر فى التاكسي , والقصة كلها ممكن تكون وشاية من بعض ضعاف النفوس ومن منتسبي كتائب مايو , سمعت بكل ذلك فى تاكسي الخرطوم الان وعلي لسان بعض رجال الامن الذين لم يعرفونى ولحسن الحظ , والذين أحاطوا بي بعد نزولي من التاكس , وأخرجت لهم البطاقة المزورة فلم يدققوا فيها كثيرا وتركوني لسبيل حالي وأنا لا أكاد أصدق أبدا , بأنني أفلت منهم باعجوبة وبمعجزة حقيقية , هنا مدت يدها بالتحية زوجتة الالمانية " يونان " المحاضرة بقسم الاثربلوجيا بالجامعة وقالت لى بصراحتها المعهودة :
ـ العمليةكلها على مايبدوا يا سادتي الافاضل لعبة أستخبارات كبري , أرجوكم أعزروني وخارجوني أنا والصغار منها .. , نريد الرحيل بسرعة وللوصول لمبني السفارة الالمانية , فانا صراحة فى حل من هذا كله , ولن أغامر بالبقاء وفى هذا المنزل على اعصابي وللتكهن بوصول حملة أنتقامية أم لا .. " ’ بالطبع أشار الى للطابق السفلي المجهز تحت الارض بالكامل ولقضاء شهر أو اكثر , وأستاذني لايصلهم لمباني السفارة بالعمارات قلت لة :
ـ مع حظر التجوال سيكون الوقت ضيق جدا للعودة ومع الاشارات العديدة فلاداعي لان تعود مرة أخري الا هنا .. , لانني أعرف البيت جيدا وكل صغيرة وكبيرة وفية .. , وأفضل بان تكون انت بجوار زوجتك والصغار , ..واتركنى هنا لوحدى ولاواجه مصيري المحتوم , وأكون لك من الشاكرين , .. وكمان أن لا تتصل بي مرة أخرى الا وفى اضيق الحدود وللضرورة القصوي .., أرجو ذلك والا أذا كان عندك كنز من دهب مدفون ونحن لانعلمة وتخشى علية من السطو .. " , عندها ضحك وقول لي :
ـ فى الحقيقة أنت الان أصبحت العليك الرك .. والكنز الكبير نفسة.. , لوهم يعلمون ؟؟اا " , 
عندما شعرت بانهم قد غادروا بالفعل بعيدا هو وعائلتة تطمنت وأدركت لحظتها كم كان الحزب صادقا ,وعلى حق وعندما حظر أو حرم علي أعضائية أو منتسبية بعدم الزواج من أجنبيات , وربما تحوطا ولمثل هذة المواقف الحساسة والمصيرية والحاسمة والغير مؤاتية أطلاقا .
-6-
ولكن وعلى هذة الحالة لم أهناء طويلا ففى صبيحة اليوم الثالث وفى حوالي الساعةالثانية ظهرا , سمعت الجرس يرن لافتح الباب ولاجد أمامي البروفيسر وزوجتة واطفالة , وهو يحيني ويقول لي: ـ عاجلا وبسرعة لمخبز بابكوستا مرة أخري , هناك تنتظرك عربة برنسة تايوتا جديدة بالرقم خ 1010لاخذك بعيدا وخارج العاصمة كلها ولمكان اكثر من أمن ولا يخطر على بال أحد take care أنتهي . 
وعندما أعتليت بداخل العربة وأعطيتهم كلمة السر قال لى أحدهم والذى عرف نفسة كطالب نهائى طب بجامعة الخرطوم و النائب المساعد لرئيس اتحاد الطلاب للعلاقات الخارجية وأسمة الحركي " الحردلو " :
ـ أنتظرناك ثلاثة ايام عجاف لقد تأخرت كثيرا يا حضرة الامين العام , الجديد والعليك الرك , ولكننا نحن أهل البطانة "أم هبك " نقول دائما " القدم ليها رافع " , ثم قام بتعريفي ببقية المجموعة , فكان هذا هو النفي ألاول وليس الاخير بالبطانة ولحلفا الجديدة وفى قري3ة ما ومكان ما ولمدة عقد ونيف من الزمان , ولم أظهر مرة آخرى الا بعد أنتفاضة أبريل وفى ندوة عودة الديمقراطية بجامعة الخرطوم , وعلى ما أذكر فى حكومة الجزولى وقبيل أنتخابات الديمقراطية الاخيرة , ومنذ ذلك الوقت لم أقابل أى واحد من أولئك الشباب البررة والذين حملوا رؤوسهم وعلي أكفهم ولايريدون جزاءا ولاشكورا , تبخروا أخوان " فاطمة " وشيالين التقيلة زابوا كفص ملح , ولكنهم حتما قطعا سيظهرون فى الوقت الضرورى والمناسب ولما يطل كما قال الفنان ود اللمين " فى فجرنا ظالم " , وبذات المستوي لم تجمعنى الظروف بالبروفسير والذى يبدوا أنة نسي كل شىء هو الاخر ويعيش الان فى شيخوختة المتاخرة سعيدا وراضيا مرضيا وفى منزل ما وبمدينة ما فى المانيا أو سويسرا , وكبديل موازى لذكري بيت القلاقل الكبري والحدادى مدادى "بيت معهد الكفاية الانتاجية " الاغر .. . 
تمت ,,,
فتحي عبد العزيز محمد
ميدان سامورا ميشيل ـ بريتوريا ـ ج .أفريقيا 
مايو/ 20011م

فتحي عبد العزيز محمد