القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قَدْ يَكُونُ وَجْهي / الشاعر : العلمي الدريوش - القنيطرة -

 قَدْ يَكُونُ وَجْهي
قالتِ امْرأةٌ لجُنْديٍّ
فَقَدَ وجْهَهُ في الْحَرْبِ
ولَمْ يَنْتَصِرْ..
ها أنتَ في الْعَراءِ تَمْشي كَعرْجونِ نَخْلٍ
وَتطْلُبُ وَجْهي..
قالَ الْجُنْديُّ لِلْمَرْأَةِ الْواقِفَةِ
عِنْدَ آخِرِ رَصيفِ فِي شارِعِ الْعُمْرِ:
وَأَنْتِ حارَبْتِ في الْحانَاتِ لَيْلاً
ورَاقَصْتِ كُلَّ الظِّلالِ مَا عَدَا ظِلَّي..
وَلَمْ تَنْتَصِرِي ..
تَماماً أَنْتِ مِثْلِي..
وَجْهُكِ قَدْ يَكونُ وَجْهِي..
تَحَسَّسَتْ وَجْهدَهَا
وَهيَ تَكادُ تَبْكي..
اَلْأَنْفُ مُتْعَبٌ
بِحَجْمِ حِذاءٍ جِلْدِيٍّ مَثْقوبٍ
أطلت منه عناكب مهزومة
في حروب السنون وارتداد الوقت..
التفت حول شعيرات بلون التبغ والبن..
تريد ان تنسج خيوط حرير
من دخان الثواني وساعات الجمر..
وَفَوْقَ الْخَدِّ
يَنَامٌ جُرْحُ كَأْسِ وِيسْكِي
يُؤَرِّخُ لِمَعْرَكَةٍ
اِمْتَدَّتْ ذَاتَ لَيْلٍ إِلَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ..
وَرَائِحَةُ شَظِيَّةٍ مِنْ سُمْكِهِ تَأْتِي..
كَأَنَّهَا مَا تَزَالُ تَحْكِي وَتَبْكِي..
تَعَالَى أَيُّهَا الْجُنْدِيُّ؛
فُكَّ وَجْهَكَ مِنِّي..
لِأَعْرِفَ حُدُودَ وَجْهِي.
تَعَالَى حَرَّرْنِي
وَحَرِّرْ نفْسَكَ مِنِّي.
ضَحِكَ الْجُندِيُّ..
وَسَارَا مَعاً فِي طَرِيقِ الْبَحْرِ.
أَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ فِي الْحَانَةِ هَارِباً مِنِّي
أُدَارِي بِوَجْهِكِ حُزْنِي..
كُنْتِ تَطْلُبِينَ أَيَّ وَجْهٍ
وَلَوْ كَانَ قَبِبيحاً كَوَجْهِي..
َأنَا الْآخَرُ
كُنْتُ أَبْحَثُ فِي الْكَأْسِ عَنِّي ..
فِي جُيوبِ حُزْنِكِ
أَنْفَقْتَ نِصْفَ عُمْري..
وَقَفَا بِشُرْفَةِ الْبَحْرِ
غَريبَيْنِ يَمُوءَانِ كَهِرَّةٍ وَهِرَّ..
اِمْرَأَةٌ بِوَجْهَينِ
وَجُنْدِيٌٍ فَاقِدُ الْوَجْهِ.
كَانَتِ النًَوارِسُ تَمْضي وَتَأْتِي..
وَالرٌَذاذُ بِالرَّحيلِ يُغْرِي..
وَفِي الْبَعيدِ الْبَعيدِ،
حَيْثُ تُبَدِّل الشَّمْسُ ثَوْبَ نَوْمِهَا
وَتُمْسِي..
لَاحَ مَرْكَبٌ صَغيرٌ بِحَجْمِ الْقْبْرِ
بَيْنَ مَوْجٍ صاعِدٍ
وَبَيْنَ مَوْجٍ هابِطٍ
كَانَ يَشُقُّ الْعُبابَ
وَيَجْرِي وَيَجْري..
وَفَوْقَهُ مَلَّاحٌ يَشُدُّ حِبالَ الْعُمْرِ..
كَانَ مِثْلهُمَا يَبْكي،
وَطَوْرًا كَانَ يُغَنِّي :
أَنَا الْآخَرُ،
أَضَعْتُ فِي الْقَصيدَةِ،
أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمَصْلُوبَةُ
فَوْقَ قِنانِ الْخَمْرِ..
أَضَعْتُ كُلَّ عُمْرِي.
أَنَا الْآخَرُ،
أَيُّها الْجُنْدِيُّ الْمَغْبُونُ
بِطُقُوسِ آلِهَةِ الْحَرْبِ وَالسِّلْمِ،
بِوَجْهِ الْمَجازِ الْحَالِمِ بِالدُّرِّ
أَضَعْتُ وَجْهي.
العلمي الدريوش