القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

في نفس هذا التاريخ كما اليوم قبل تسع سنوات / الشاعر : ريزان علي حبش - دمشق -

في نفس هذا التاريخ كما اليوم قبل تسع سنوات

كنا نجهّزُ الصحون ونُرتبها من الأكبر للأصغر
حسبَ الترتيبِ العائلي للإحترام
كنا نصُفُّ كاسات المشروب حسب الحرمانية و نسبة الكحول
كنا نرتبُ الشُرفة لنودعَ النجوم في آخر يومٍ من السنه
كُنا نحرقُ كل أوراق الروزنامة القديمة
*** *** ***
في مثل هذا التاريخ كما هو اليوم
كان أبي يحتفظُ بسبع ورقات يانصيب يقامرُ الحظ
ليبكيه في أول يوم في السنه الجديدة
*** *** ***
في نفس هذا اليوم قبل ثمانية أعيادٍ
كنتُ هناك تحت المطر جاثياً في الساحة
أعُدُّ النجوم تحت العلم
والضابط الأعلى منا يكفرُ بالوطن
وبكيتُ أحدَ عشرَ كوكباً والشمسَ والقمرَ بكيا يا أبي
كنتُ أخافُ من أخي أن يقتلني في العُتمة لأنّ رأي ليس من رأيه
هناك خلفَ الساتر جِنٌ يقتلُ الجنود
واليوم أخاف من أخي الآخر لأن رأي خالفَ رايه
خلفَ الحدود ملاكٌ يساعد الخونة
ليقدمهم مُحررين و قديسين لنا
*** *** ***
في نفس هذا اليوم قبل سبع أعياد
قطّعتُ أصبعي الأوسط واختلطت وريقات البقدونس مع الدم
احترقت ست وثلاثون صورةً بالصدفة و بقيت نصف ُصورة سوداء ونصفُ وجه كان نصف وجه أبي
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل ست أعياد
كنا فوق السطح نسرق الدقائق الأخيرة من السنه
طريق (حلب -دمشق ) صوتُ أم كلثوم يترنح ويقول ...يااااحبيبي ...
رائحة الدخان ، صوت المطر يسابق النافذة
آخر خمس دقائق قبل الحادثة
الساعة 23:55 دقيقة ، أنه رأس السنة
تمنى كل واحد منا أمنية
بعدها مات صديقي و بقيت أنا
وتحققت أمنيتي أن أعيش بعدك يا صديقي
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل خمسة أعياد
كنت وحيداً بعيداً عنكم وقريباً مني حد الانفصام
قرأت إسمك وسبحت لك وكفرت بعدها
واحتفلت مع الغرباء بنصرنا
وبقتلنا وسرقة بيتنا
احتفلنا برحيل أهلنا وببيع أرضنا
احتفلنا واحتفلنا..
وقتلنا مرتين
وعشنا مرتين
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل عيدين
قال لي بائع الورود اشتري وردة
وعلِّقها هنا للمارة
لعاشقين افترقا
لشهيدين لم يودعا
والماءُ بارد على جبيني يا أمي
لا يُغسلُ الشهيد يا أمي
يبقى جبينه بارداً
باردٌ كيدك يا أمي
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل عيدين
باعونا بأغلى الأثمان باعونا بالدم يا أمي
واحتفلوا على خيبتنا على أنه نصر
ورفعوا الأعلام و نصبوا الخيام
والتوابيتُ فارغة
شهداءُنا أسماء و صور
أما الجسد غائبا سقى الأرض بلونه
سقى الزهر و النعمان بدمه
قرأت كل الأسماء وبكيت
في كل عيد شهيد
*** *** ***
هكذا في مثل هذا اليوم لا نحتفل بالعيد
نخادع الذكريات نختبئ خلف الكلمات
نهرب من الزمان
نحاول النسيان
فقط لليوم الثاني من العام
الجديد
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل عيدين
كتبتُ في دفتري سطرين
ونسيت اسمين
و زينت شجرتين واحدة للعيد و الأخرى للمدفئة
أتذكر :
أصوات الكنائس و فرح الأطفال الوان السماء
كنا نختبئ خلف الباب و سفرتنا كسرة خبز محمّصة على المدفأة و كأس متة
قال لنا أبي : لا تخرجوا إلى الحي هذا ليس عيدنا إنه عيدهم
شبعنا من الفرح ونمنا وعلى غفلة سمعت صوتا يتحرك
كان يأكل ورق السرو الأخضر
ويقول لأمي :
عندما تنتهي هذه الليلة
سننتقل
وسكت ......
*** *** ***
في مثل هذا اليوم قبل عيدين
غيرتُ اسمي و بطاقتي و عنوان بيتي
والحائطَ القديم الذي كان يحملنا
*** *** ***
أما في هذا العيد
لن أدعوا أحداً للشراب معي
و لن أرتبَ الصحون و الكحول في دمي
لن أجمع ورقات الحظ في جيبي
لن أدخن حتى الموت
لن أجثوا حتى الكفر
لن أتسابق مع الموت والأمنيات
لن أرتبَ شيئا من الكلمات و الدموع
سأترك كل شي عشوائياً هكذا بلا قافية
بلا ترتيب بلا أمر اعتقال بلا أمر اعدام
بلا إيصال دفع
سأترك كل شيء للأيام و الأرقام و الصدف
مادمنا هكذا وإرادتنا هكذا
سأترك كل شيءٍ عشوائياً
بلا تحضيرٍ مسبق
بلا خوف
لأقول لاحقاً: في مثل هذا اليوم قبل عيد واحد
تركتُ كل شيء ليكون عشوائياً كاسمنا وعنواننا و حياتنا و موتنا
تركتُ بندقيتي لكتفِ وطننا
هكذا تكونُ أعيادُنا
هكذا تكونُ سنواتنا
لك الشكوى ربنا واليك وكلنا أمرنا
الشاعر : ريزان علي حبش