القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

قراءة أولى فى نص الروائى والقاص عبد العزيز بركة ساكن " فيزياء اللون " بقلم:المبدع:فتحى عبد العزيز محمد

قراءة أولى فى نص الروائى والقاص عبد العزيز بركة ساكن " فيزياء اللون " ـ والذى فاز بجائزة هيئة الاذاعة البريطانية ـ البى بى سى

الجزء الاول :

هذا النص والموسوم بـ " فيزياء اللون " ورغما عن أنة مازؤم ومراوغ منذ البداية الا أنة يستعصى كذلك ليس على الفهم وأنما على التأطير أوالتصنيف أوالاحالة لما قبلة من نمازج وتجارب سابقة مشابهة أومؤثرة بل هو وكغيرة من النصوص المقتحمة والجديدة على المشهد الادبى والثقافي السودانى , يقدم نفسة كأنموزج متفرد ومغائر تماما للعادى ومغامر الى حد ما , ولما هو سائد وتقليدى وبمستويات مختلفة سواء على مستوى الحكى أوالاسلوب أو طرائق و تقنيات السرد المعروفة , أوعلى مستوى آخر مختلف وهو دلالات النص نفسة ومحمولة الائني , أو الثيمة التى يدور حولها العمل أو يقوم عليها والتى يحاول فيها القاص جهد طاقتة أيصالها للمتلقى , والنهوض بالاحداث وتعقداتها المختلفة لما هو مرجوة وأدماغة كمرجع لما هو مامول وكائن , أو كنص يندرج تحت ما يمكن تسميتة بتيار التجريب والتجريب المستمر, وربما ينحازمباشرة لما يعرف بالحساسية الجديدة والكتابات الجديدة التى ربما تستعصى أيضا على التحليل والملاحقة النصية هى الاخرى , أو حتى ومن منظورالفكرة أو التخيل الذى يبنى عليها لفكرة الادلجة وما وراء لغة النص نفسة , من حيث تقديمة كمنجز أدبى متعاقب أو متوالى ذا حضور بارع ومكثف وبرؤى وزواية مختلفة جديدة , تنم عن التأطير المتجزر داخل وحدة النص أومتعدد التناؤل أوالتخاطب أذا جاز التعبير , فالمبدع بركة ساكن أبتدأ ورغما من أنة يقدم نفسة عبرهذا النص تحديدا كقاص مجيد ومتمرس بعملية الكتابة الابداعية نفسها وبما فيها من ويلات ومصاعب وتحديات ومشاق , بل ويقفذ بها للسطح وكرقم مؤثر أو رمز لايمكن أبدا تجاوزة وفى المشهد الادبى الثقافي الابداعى السودانى الحاضر , والماثل لما يجب علية أن يكون شباب القصة والرواية السودانية , الا أنة قد بلغ حقيقة بهذا النص عنفوان اللغة وعنفوان البوح والحكى السردى الابداعى وفى مساحة ضيقة لا تتعدى النهر/ المدرسة / الصومعة , حيث المرسم والسكن وحازبجدارة عبر هذا النص على جائزة البى بى سي وبما فيها من أشهارعام ودامغ ودفعا معنويا , ما كان ليجدة أذا ما نشر هذا النص داخل الساحة السودانية والتى تمور بالمتناقضات وشلليات التحكم والسيطرة والمسبطات بأنواعها وصفاتها وويلاتها , بل وعبدة النصوص النقدية والمسلطة على رقاب كل ما هو جديد ومختلف كما أن الجائزة ومن منظور أخر يمكن ان تضاف الى سلسلة طويلة سابقة من الانجازات والجوائزالتى تزين هامتة , أبرزها على الاطلاق جائزة الطيب صالح فى رائعتة الجونقو مسامير الارض , وللحقيقة والتاريخ فأننى لم التقى بة قبلها الا فى العام 2000م فى أصدارة نادى القصة السودانى دروب جديدة ـ نخب أول مع لفيف من الشبيبة الكتاب أمثال أحمد أبوحازم وعمر الصائم وأستيلا قايتانوا ومحمد خير عبداللة ومحمد اسماعيل الطيب , ولكننى أحسب بأننى التقيتة فى مخيلتى مرارا وقبل أعوام من أن أراءة أوأقرائة وككائن محسوس مرئي , وكباعث لنضال طويل من جهاد الكتابة والتجريب ولحزب الوطن السودان وأنسانة الابى , لافأجئى بة لاحقا كراوئى لايشق لة غبار فى رائعتة ربما الاولى وقبل ذلك كلة الطواحين , ورغم من أننى أشبة بلاعب السرك البارع وبالساحر الذى يلعب على الحبلين , الا أننى أجدة بعد ذلك كلة روائيا مخلصا للرواية التى تتصدر بلا منازع عالم النشر عبر العالم كلة .

الجزء الثانى :

وكما أن غلاة الانجليز والعرب المشرقيين مفتونين ومازالوا وللنخاع بأعمال الطيب صالح الادبية , نجد وفى المقابل تماما بان الالمان والفرنسين وأدباء مصر والمغرب وخصوصا الجزائر, مفتونين هم الاخرين بكتابات وقصص وروايات بركة ساكن ولدرجة العشق والهيام , وأمامنا أحتفائيات عديدة بتدشين أو أطلاق مجموعاتة القصصية أورواياتة بالقاهرة وفى هذا حدث ولا حرج , ولولا الظروف السياسية والتاريخية المعقدة والغير مواتية والتى تمر بها مصرالان , وتشغل بال حركتها الادبية والثقافية لصعدوا نقادها باعمالة شاو بعيدا ولوجد منهم دفعا قويا وحاسما ربما لالحاقة بالقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية بـ "أبوظبى " كمواطنة وصنوة حمور زيادة صاحب شوق الدرويش , والتى جاءت روائتة منسجمة تماما مع أمانى مصر وتطلعاتها لوحدة وأدى النيل الوجدانية والمصيرية وفى هذا الظرف الزمانى الحرج , كما وأن بركة ساكن نفسة كان قد عاش ردحا من الزمن طالب علم بكلياتهم الجامعية بأسيوط , وتطبع تقريبا ببعض عناد ووضوح وتحدى كتاب وأدباء الصعيد والذين يتسيدون ويشكلون الجزء الاكبر من الوجدان والمشهد الثقافى المصرى عموما , وأبتدا من علاء الاسوانى ويحى الطاهر والقعيد وأمل دنقل والابنودى وحيد الطويلة ومرورا بالغيطانى وبهاء طاهر وغيرهم من كتاب وشعراء متجايلين ومن كل أنحاء مصر , بل يكادوا أن يجعلوا منة ألايقونة أو الانموزج السودانى الوحيد والرصين الذى يفرض نفسة بقوة خلال السنوات الاخيرة الماضية وبصورة راتبة لا تخطيها العين فى الصفحات والمجلات والمواقع الثقافية الالكترونية , بل ويحتفى بة أيماء أحتفاءا وخصوصا بعد قيام المصنفات الادبية بالحظر الرسمى لدخول رائعتة الجنقو للسودان وتحت زرائع شتى ومعروفة , بل أن الحظر نفسة غيرما أنة جاء بنتائج عكسية تماما وتصب كلها أن شيئنا أو أبينا فى صالحة أذا زاد من معدلات نشر وطباعة الرواية المحظورة نفسها , وتهريبها خلسة سواء النسخ الاصلية أو الطبعات المزورة وأنتشارها هى وبقية مجموعاتة القصصية ورواياتة كلها داخل السودان وبالاخص داخل المكتبات وفرندات السوق العربى ولايجنى منها هو مليما واحدة , سواء زيادة معدلات التهافت لقراءتة وعلى مستوى طلابى وجماهيرى وأسع ولم يسبق لة مثيل , كما أن حظرالجنقو تحديدا قد عمل خارج السودان كالسحر فى شهرتة وزيوع صيتة ككاتب جديد ومقتحم ومحظور داخل بلادة , وأدت الى مايشبة السباق الاوربى المحموم لترجمتها ولمختلف ربما لغات ولهجات القرية الكونية , وأتساقا بالكامل مع مقولة أن كل ما هو ممنوع بالضرورة مرغوب .
وبذات القدر والمعطيات فأننا نعود ونقول ولكونة وقبل كل شىء يمتطى صهوة المحلية للعالمية لهذا يغرق نصوصة فى لعبة السرديات والكتابات الجديدة والمنفتحة على تأويل الاحداث ومتناقضات الواقع الحياتى الانسانى واليومى البالغ التعقيد والتحور وليقدمة بأسلوب جديد شيق وبلغة وحوار مغايرة وجديدة المنحى وبالمقابل لقراءات نقدية وبأصوات متعددة ومتباينة فلسفيا ووجوديا ولما هو سابق , أذا جاز التعبير والوقف على مبعدة من السائد والتقليدى وتراكماتة الهشة والمهترية وبالتالى مسايرة تماما لما يسمى بلعبة الاشكال والتى أدركها الناقد الحصيف طيب اللة ثراءة أحمد عبد المكرم باكرا وفى حيثيات سابقة ومختلفة وأبان أقامتة بقاهرة المعز , هذا أذا جاز لنا أن نرتكز فى تقيمنا للاعمالة على ذلك النحو أو المنوال أوالارث الطويل والمتعثر للحركة النقدية السودانية عموما والنقد نفسة كمصطلح ومفهوم وواقع تاريخى فلسفى ينم عن مدى جدلية العلاقة بين الكاتب كمبدع وشاهد ذو وعئ خاص والمتلقى الحصيف اللماح والمتفاعل مع المناخ والجو الابداعى ألمحيط والمزاج العام المحلى والكونى للفعل الروائي أو النص القصصى السودانى الصرف والمنفتح على الكونى والمتعدد القراءات ولكن بقالب الحداثة , سواء على مستوى اللغة وأيدلوجيتها أو التقنيات السردية الغالبة أو المسيطرة للمنجز الثقافى والادبى الحالى والمستقبلى , والغارق فى موضوعات الانسنة وكل ما هو كونى وما هو محظور ومسكوت عنة بالضرورة , وبعيدا عن الاخذ بمكانزم أدلجة النص نفسة كمنجز حضارى كونى ذا ملمح خاص ومتفوق على السائد وبذات الفهم والقصد يتناول قضاياة الساعة المعاصرة ويختبى بين ألانساق المختلفة , أو مختلف المسارات التى ينحوها وبتباينات شتى من حيث الخصائص الموجبة والسابقة لوجود النص من عدمة ومحاولة الامساك بالدوافع والاهداف والمنطلقات ولجوانب عديدة سواء أكان فى مجال القصة أو الروائية أو حتى الشعر , بل وأذا ما أستعرضنا المشهد النقدى السودانى وبمنتجاتة وأشكالة المتنوعة سواء فى المجال الشعرى أوالقصصى أو حتى الروائى وفى عجالة والذ ى أجزم بأن المنجز الشعرى التقليدى تحديدا قد وجد حظا لا بأس بة ومنذ بدايات العشرينيات حقبة " المعهد العلمى " وما تلاها من أرهاصات ومحاولات رصينة وجرئية , هنا وهناك من أساتذة وفتيان وشبابة المعهد نفسة وخريجى الكلية عموما , والذين أتجهوا بأفئدتهم وأرواحهم المشريبة للشقيقة الكبرى مصر , للنيل من معينها الادبى والثقافى الثر ومن خلال صحفها ومجلاتها كالاهرام والرسالة واللطائف وروز اليوسف وكتاب الهلال وأدباها الشعراء والنقاد العقاد وطة حسين وتوفيق الحكيم وابراهيم ناجى ومجارات شعراءنا الافذاذ والموازين لهم والذين جاءوابقريض وتشبيهات بزة الاخرين وفيما يشبة الاعجاز الادبى وقتها ومن أمة تنافح الاستعمار وبما عجزبة فرسان لغة الضاد وأزهلتهم وفى عقر دارهم أمثال التجانى يوسف بشير والعباسى وأدريس جماع ومحمد محمد على وعبداللة الطيب وصالح جبريل وكرف والهادى أدم ,والذين كانوا يمارسون النقد فى أخوانيتهم كنقد ذاتى أنطباعى أقرب الى المنهجية الغير منظمة أما محاولات النقد للمنجز الادبى فى مجال النصوص الادبية والمقال والقصة تحديدا فقد مر بمخاض طويل وعسير ومنذ الاسرالسودانية الفرعونية الاولى فى مروى وعلوة ومرورا بالسلطنة الزرقاء فقد كان نقدا بالضرورة شفهيا متناقل عبر الروايات المسموعة والمتناقلة جيل بعض آخر , وأنطباعيا ولكنة يمارس فى القصة والاقصوصة الشعبية والسحرية وداخل الاسطورة الافريقية السودانية نفسها , أما النقد المنهجى تحديدا فقد بدأ بمحاولات معاوية نور فترة جامعة " بيروت "ومحاولاتة التنويرية السابقة والاولى , ومرورا بمحاولات أساتذة وخريجى كلية غردون أحسان عباس وعرفات محمد عبداللة والاخوان محمد وعبداللة عشرى وحسن وحسين الكد, والتى احسبها لم تسلم من محاولات التصنيف والفرز بل والادلجة بين ما هو ثورى /تقليدى أو رجعى / تقدمى / حديث أو من ناحية التيارالادبى كلاسيكى / رومانسى/ واقعى وبمختلف تياراتها أجتماعى / أشتراكى / سحرى وهكذا , بل ولم تحأول أن تخفى محاولات الادلجة التى كانت ثمة بارزة وأحسبها بل أحيلها الى الطليعين المتنافسين بعد ذلك , والتى أسست بعد ذلك لجيل ومرحلة زوى الياقات البيضاء من الاساتذة الكتاب الاكاديميون والدبلوماسيون من أمثال عجوبة وجمال محمد أحمد وعبداللة نور وأبوبكر خالد وملكة الدر ومحد مدنى ونبيل غالى وعلى المك وصلاح احمد أبراهيم وبشرى الفاضل وأبراهيم أسحاق احمد الفضل احمد ومحمد المهدى بشرى وزينب بليل وغيرهم , بل ويمكن للناقد الحصيف أن يحيلة مبأشرة لخليط عجيب من التيارات الادبية السائدة كلاسيكى / رومانسى/ واقعى وبمختلف تياراتها أجتماعى / أشتراكى / سحرى ثم مباشرة لجيل الحداثة واللارواية ولمن سار على منوالهم من النقاد الطليعين المجايلين لهم أمثال عبد القدوس الخاتم وعبد الهادى الصديق وحسن أبشر الطيب ومرورا وبأسهامات وحيد زمانة راهب القصة والنقد عيس الحلو وصنوة القابض على الجمر العيدروس وكلها محاولات أسست لمدرسة نقدية سودانية صرفة أنشغل بكل المنتوجات الثقافية سواء فى مجال القصة أو الرواية ولكنها أنشغلت بالشعروالحداثة وتحديدا لفتية مدرسة الغابة والصحراء وغيرهم ولجيل أخر أساتذة الجامعات والثانويات الملهمين خلال أمثال محمد عبد الحى والنور عثمان أبكر ومحى الدين فارس والمجذوب وجيلى وابوزكرى ومحمد المهدى بشرى يليهم من جيل التسعينيات والذى يحيلنا مباشرة لاسهامات طلاب النقد البنيوين الجدد أمثال الاسباط وطة أمفريب وأحمد محمد ضحية وأحمد عبد المكرم واحمد المبارك وعزالدين ميرغنى والحداثة وما بعد الحداثة واللارواية , بل أننى أحسب لكتابات أحمد محمد ضحية وألاسباط النفدية الذين أبدعوا فى جزوت زمن ثم سكتوا عن الكلام المباح ولحين طويلا من الزمان مثلهم مثل الكثيرين والذين حالفهم الحظ بالفوز بالجوائز كجائزة الطيب صالح ثم سكتوا أيضا عن الكلام المباح فعاشوا بعددت نصوص ولما يغادروا أويبارحوا أماكنهم ولاسباب لا نعلمها أوندركها أمثال أحمد أبوحازم ومحمد خلف اللة وطه جعفر وهشام أدم ويوسف أحمد الشيخ والحسن الرفاعى وكرم اللة ويسن سليمان باستثناء بركة ساكن الذى ما ذال يصول ويجول بالداخل والخارج .
نعود للنص نفسة وبعد هذة الفذلكة المغتضبة والتى كان لابد منها لوصل ما أنقطع من وشائج ثقافية وأدبية غلابة ومهيمنة , ونقول بادى زى بدأ بأن هذا النص مازوم ويبتعد عن المباشرة بل ويعتمد على التكثيف فى وصف الحدث ولاسلوب أقرب ما يكون للقطع أو " الكولاج " والمعروف بفن تقسيم النص القصصى الى مقاطع أو ووحدات حكى أومشاهدات منفصلة ولكنها متتابعة ومندمجة ومتكاملة وتأخذ فيها الاحداث برقاب بعضها البعض فى سلاسة وعدم تعارض , ورقة لايكاد يحس بهاء القارى ولكنها تتؤام ووحدة النص نفسة , بل تتداعى معة وفى رشاقة مصور يتحرك أو يتجول بكاميرا ماهرة دقيقة بين المشاهدات واللقطات المهيمنة ويتقن بالكامل فن الانتقالات بين الاحداث ومختلف متن النص وزوايأة والرؤى والانساق والتى تكمل مع بعضها الثيمة الغالبة والحدث المهيمن أو المسيطرة وهو ما يعرف عند الناقد احمد عبد المكرم بلعبة الاشكال والمتجلية من التجريب والتجريب المستمر والكتابات الجديدة بالضرورة والتى كانت تختبئ خلسة بين ثنأياة وفى نصوص تجريبية شحيحة بعينها لصلاح الزين وعادل القصاص وأميمة عبد اللة , الا أنها كانت تظهر بوضوح وتجلية عند القاص والروائى المتمرس الاستاذ احمد الفضل أحمد فارس الثمانينيات بلا منازع .
وكما أن النص نفسة ومنذ اللحظة الاولى يأخذنا على حين غرة وبعنوانة الخارق للعادة " فيزياء اللون " والجاذب والمهيمن معا وهو ما يعرف بالتحديد عند النقاد المحدثين بعتبة النص والذى يختزل داخلة أوتختبى وراءة أحداث النص كلها , هذا اذا ما افترضنا جدلا بأن هناك مدخل أصلا للنص ثم بابا للولوج لداخل فضاء ة الملحمى السامق أذا ما جاز التعبير, ثم مخرج لنهاية معروفة أو مفتوحة على كل تأويل وأحتمال .
الجزء الثالث :
نعود الى العنوان أو عتبة النص تحديدا والتى يختبئ من وراءها أومن بين ثناياها أومقاطعها السردية الثيمة الغالبة أو الحدث المسيطر بل ومتن النص المتولدة وحتى النهايات المرسومة , وكمدخل أولى وحتمى للولوج تدريجيا لفضاء النص وتفاصيلة الموحية والمعبرة ثم تسلسل الاحداث تباعا وأخذها برقاب بعض , فنجد وبجانب أنة يمثل عنوانا لافتا وصارخا حد الدهشة وموحيا بطغيان وغلبة ما يعرف بتيارالحداثة وربما ما بعد الحداثة عموما , وعلى روح الكاتب أبتدأ ثم على روح النص فيما بعد والترجيح الكامل بأحتمال تأثرالكاتب بكل ذلك فى مرحلة ما سابقة , ومن مراحل ما يقوم بة من تجريب دائم وطويل ومستمر للنص الرؤائى والقصصى بالذات , الا أنة وفى حيثية أخرى مختلفة بعض الشئء لايغفل بتاتا أهمية المحمول الدلالي لعتبة النص أوالعنوان فهو وفى حد ذاتة أختزال أفتراضى معقول لتخيلا معنويا محتملا ووأسعا لمفهوم اللون وطبيعتة وماهيتة وسواء على مستوى اللغة والمصطلح أو المفهوم , أو أختزالا من نوع آخر لكل المقولات الفيزيائية السائدة والمعاصرة , وبمقايس الفهم المجازى والمعرفى وألتصور الجمالى ولما يمكن أن يضمرة العنوان "فيزياء اللون " نفسة , من أوجة آخري عديدة ومختلفة لمفهوم الحداثة الاوربية وما بعد الحداثة والمختلف حولها , وأحالتة بالضرورة الى صميم ما يعرف مجازا بالمواضيع الجديدة , وطريقة تقديمها وعرضها للمتلقى أذا جاز التعبير , والتى تطغى بمستويات مختلفة فيما بعد داخل أستراتيجية توليد النص المعنى وبالتالى تثرى تضاعيف محمولة الدلالية الانئية وقيمتة الجمالية الشفيفة البراقة والملفتة للانظار والانتبأة وبمستويات مختلفة بعيدة الاهداف , بل ولما يمكن كذلك أن تحدثة الفيزياء نفسها كعلم تجريبى لة سطوة وغلبة وبأرادة اللة الواحد الاحد والذى خلق فسوى وبمشيئتة كل شىء , أى كل ما هو حادث وما هو سابق الحدوث وما يحدث الان من عمليات التخلق والتشكل والابداع والتكيف نفسها , سواء فى العلم أوالفن أوالادب أو غيرهما , وما هو منتوج تحديدا من خلط وأضافة منظومات الوان بعينها وبنسب وأوزان ومعادلات غاية فى الدقة والانسجام , يستفاد منها فى توليفة الوان زاهية صارخة محددة بعينها , تساعد الفنان الحازق فى عملية الخلق الابداعى الانسانى ومحمولاتها وأشكالياتها الفنية الجدلية والمختلف حولها أصطلاحيا وفلسفيا , وحيث أن النص نفسة يأخذنا ومنذ اللحظة الاولى فى معيتة وبطرف خفى بتقنيات أو طرائق السرد الموضوعى وتكنيكاتة المختلفة وبعيدا عن الاغراق فى الذاتى المحض وبمعية الشخصية المحورية المازومة " الفنان" نفسة وحيثيات هذا التأزم الطاغية على العمل بمجملة ومنذ اللحظة الاولى للبدايات لانها فى الاصل والاساس تتناول موضوع غاية فى التعقيد والمناورة وهو حياة ونهاية فنان تشكيلى مبدع أساسا , وهذا فى حد ذاتة وبكل المقاييس مدعاة لتعبير شامل وخفى للمدلولات الواقعية على مستويات هذا التأزم الماثل شكلا وموضوعا ,لان التطرق أبتدأ وفى حد ذاتة لحياة وسيرة أى فنان ومهما قل أو علا شأنة فأن الراؤئ وبالضرورة أنما يتطرق لحياة أنسان منسى ومهمل ومقهور وبالتالى مأزوم فعلا وقولا وفى كل شىء تقريبا بعد ذلك , سواء أن كان هذا التأزم فى حد ذاتة على المستوى الشخصى الواقعى أوالوجودى والذى سيمضى بنا رضينا أو أبينا , وهكذا والى نهاية بالضرورة كابوسية كافكائية لا يحمد عقباها أبدا .
بل ويتكامل بالتالى كل ذلك فى خصوصية شديدة ومؤحية وفى أستدراك وجلاْاْ متن وأستلهامات النص نفسة , وتأويل أحداثة بعد ذلك المتعاقبة والمتواترة والمتسارعة ونموها التصاعد ى بعد ذلك فى الزمان / والمكان / والشخوص , بل وأستمرارية أختزال وتماهى الراوى داخل تكنيكات وتقنيات السرد الموضوعى المسيطرة والطاغية والممسكة فعليا بحيثيات النص , بعيدا عن ذاتية الكاتب نفسة المعبرة أوالانا السردية المتشكلة وكل ذلك فى بدايات خاطفة لموسيقا أو لميلوديا النص الداخلية وكما فى بداية أول جملة سردية حيث يقول الراؤى وكمدخل أولى سلس لروح النص نفسة " يلتقط الاصداف بأنامل قلقة لكنها بعين ماهرة " أى بصيغة الفعل المضارع والتى تعنى أستمرارية الفعل مع الحدث أى يلتقط "هو" ذاك الفنان التشكيلى الرسام أو النحات /الخزاف تلك الاصداف بانامل , ولكنها قلقة ومعبرة بالتالى عن أشكالية قلق الفنان نفسة الداخلى والدفينة والتى لاتستقر دائما على حالة وأحدة , وأنها غيرعادية بالضرورة وللفعل المتشكل والمنجز ولكنها أى تلك الانامل أنما تفعل كل ذلك وكانها عين بشرية ثاقبة لاتغفل أبدا بل هى ماهرة وأعية تماما وبما تفعلة وبما يتعين عليها القيام بة وحتى تمتلك كامل أدوات الفعل الابداعى مجتمعة , ويتجثيم كل ذلك على أرض الواقع المحسوس , ثم أنها عالمة وموهوبة بما فية الكفاية ووفقا لما هو محدد ومرسوم لها سلفا , للقيام بة من أعمال بكل دقة وحرص الفنان الملهم نفسة وبكامل وعية وأيمانة ومسئوليتة الانسانية والكونية , وعلى مختلف المستويات وبما يفعل أو ينجز من أعمال هامة ومؤثرة ومحط أنظار الكافة مشاهدين ونقاد متخصصين أو غيرهم , وبالضرورة لاشباع نهمة وزوقة الخاص أولا وأخيرا , بل أن الكاتب يسترسل فى المبالغة فى وصف تلك الانامل بل يصفها عنوة بأنها كانت بالفعل " ماهرة : ترى/ تحس / وتقرأ فى نفس لحظة اللمس أى فى " الزمنلكان " طبقا لميخائيل بأختين نفسة الزمان / المكان المستهدف لامتلاك أدوات الفعل الابداعى , بل أن الراؤي نفسة يصف كل ذلك وبأسلوب السهل الممتنع المشوق والطاغى على المشهد ككل , والشيق والمهيمن فى مجملة ولتقوص بالتالى قدماة ذاك الفنان الباحث عن المغامرة وركوب الصعاب وطبقا لميكانيزم الحدث وأفتراضة الرمزى والمهيمن للتالى المفتعل والمباشر والحتمى وليقول " تقوص قدماة فى مياة النهرالدافئية , يسمع أنين الرمل تحتها " غاية فى الاحساس والحساسية وترقيق السمع والهدوء الثاقب , والانتبأة لكل ماهوقادم ومجهول وفى رحم الزمن , وهذا لعمرى يستدعى مباشرة مأثورات وعيون الادب والنقد الانجليزى الرفيع وتحديدا وربما تشبيهات مقاربة فى رواية ما أو قصة سجين زندة نفسها أو سجين جزيرة الكنز أو روبن أو شيئ من هذا القبيل لا أستحضرها , لنص أنجليزى قديم ومعروف للبعض وفى وأحدة من روائع وعبقريات الاديب و المسرحى الانجليزى ربما شكسبير أو جيمس جويس الاقرب زمنا أو غيرهم , وعندما يقول الراؤى وعلى لسان ذاك السجين المقهور والمعزول فى حبس أنفرادى هادى وبعيدا عن العالم كلة ولعشرات السنين ويصف بشاعة تلك العزلة وذاك الصمت الرهيب والمطبق وذلك حينما يقول بأنة كان لحظتها يسمع العناكب وهى تنسج بيوتها , شيئ غاية فى الوصف الاعجازى والرومانتيكى , بل وكما يقول أستاذنا الحصيف طة بريش والذى كان يتطرق لكل هذة التشبيهات الخفية والتى تندس بين ثنايأة عيون الادب والنقد الانجليزية الرصين والرفيع , والتى أستغاها بكل الفخر والاعزاز من فطاحلت المدارس القديمة نقاد الادب الانجليزى الافذاذ أمثال الاخوان محمد وعبد اللة عشرى الصديق مدرسة " الموردة " ومحمد أحمد المحجوب مدرسة " الهاشماب " والاخوان حسين وحسن الكد مدرسة "أبوروف " وأما من مدارس " الجنوب " وأحقاقا للحق والتى لاتقل عنهم شانا يبرز وبلا منازع يومها " جوزيف قرنق " الاصغر سنا بالطبع , والذى كان لة فضل السبق والريادة والذى حاز يومها على المرتبة ألاولى على كل أفريقيا وعموم دول الكمنولث والمستعمرات البريطانية , وفى أمتحانات كمبردج للغة الانجليزية وعلومها وأدابها للارساليات الانجليزية حول العالم قاطبة , وهذة يومها مدارس أمدرمان والسودان الثقافية والمشعة لكل السودان والعالم , والتى كانت تقارع الاساتذة الانجليز الكبار وفى عقر دارهم , بكلية غردون وبخت الرضا وحنتوب , فمثلا المحجوب ببلاغتة الفذة كان عندما يتحدث بالانجليزية وبمنابر ألامم المتحدة كان الصحفيون الانجليز يلجئون للقواميس وكذلك الحال للصحفيون العرب يلجئون هم الآخرين أجباريا للقوميس والمعاجم العربية , عفوا لهذا الاستدراك ونعود مرة أخرى لروح النص وليقول ذاك الراؤى أنة أى الفنان كان يستهدف التقاط الاصداف الكبيرة وحدها دون غيرها خصوصا " ذات النهايات التى تشبة منقار النسر " وبالتحديد وأنة لن يجدها الا فى المياة الضحلة وبعد جهد جهيد ومضاعف بل ويحتاج لوقت وخبرة وصبر ورغما عن أنة أستاذ على ما يبدوا لمادة التربية الفنية وفنان تشكيلى / نحات / خزاف ماهر وذ و باع طويل , أدى وأجبة بالكامل وهذا يومة الاخير فى كلية التربية نفسها وقد ودع تلاميذة بالامس فقط بالكلية , ويستعد أيضا لانجاز أو وضع اللمسات الاخيرة لعمل فنى آخر يخصة هو وحدة وبمرسمة المنزلى , وبعد ما أدى وأجبة حيالهم بتقديم المساعدة الكبرى لانجازربما مشروع تخرجهم الجماعى وللتوة والذى كان عبارة عن جدارية تعليمية ضخمة وكمعلم بارز للكلية ويطل مباشرة على نهر النيل ذاك الرمز الخالد , بل وتفنن فيها وأبدع وباحترافية ومهنية حازقة وكأنة يحمل لحظتها أزميل الاسطورة " فيداس " نفسة , ولتتجلى عبقريتة وموهبتة وفى ما هو أصعب " رسم حركة الحشرات , السحالى والطيور الشرسة الجارحة " , هنا تكمن عبقريتة فى دقة الرسم والحركة وهنا لاجديد البتة بل هنا بالطبع أحالة فورية وأستدعاء ذوملمح زكى وخاص لتراثنا النيلى الاصيل والعريض , وبالتالى عظمة فنانى الاسر الفرعونية السودانية القديمة الاولى والثانية والمتعاقبة والرسومات والتماثيل التى خلفوها لنا , من تماثيل وجداريات ونقوش ما قبل الميلاد كبش أمون /الجعارين السوداء / زهرة اللوتس /الثعابين / الطيور/ الغزلان / التماسيح وغيرها , أذن هى دراسة للحركة والزمن والسكون معا , بل بعدها ودعوة وتركوة لمصيرة المحتوم يقلب صدفة على بطنها وأخرى يرتبها وهكذا أو ويضعها فى صندوق عملة مستاثرا فرحا بصيدة النهرى السمين , وهو لا يعدوا سواء مجرد أصداف ليس الا لا تغنى و تسمن حقيقة من جوع والتى سيكمل بها وضع اللمسات الاخيرة لعملة الآخرالكبير والمضنى بلا شك والذى يتميز بميزات مضمرة جدا وخاصة , والذى ينتظرة مباشرة فى مرسمة الخاص وبمنزلة الذى لا يعرف فية الراحة , بالطبع أبدا بل كان جائعا / ومرهقا / ولكنة ويا للمفارغة مازؤم وسعيد / ومستاثرا بصيدة النهرى السمين , بل وأرتدى فى الحال " ألابرول " ملابس العمل وأشتغل فى الصندوق بافراغة محتوياتة فى المحترف أوصومعتة , ثم ينشغل بعدها عن العالم كلة ومنكفيا على نفسة لتكملت أو وضع اللمسات الاخيرة والنهائية على مشروعة الذى بداءة الخيالى والمكلف جدا هذة المرة , وهو رسم وتجثيم لبضعة نسوركاسرة خرافية ضخمة , وكيف يستقيم كل هذا عقلا وهو جائع , وهل هذة المعاناة هى دائما قدر المبدعين عموما وفى السودان خاصة , بل وأنهم ولعمرى وفى خضم أنكبابهم على أعمالهم الملهمة الكبرى , هم الوحيدين الذين ينسون أنفسهم خلال أنكبابهم الابداعى لايفكرون كغيرهم فى التصارع والتناطح والتكالب على الحياة المريحة السهلة المسكن / الشقة المريحة / الاكل الصحى الطازج / المراة القنوعة والمتفهمة / وبالطبع الاسرة المترابطة والمرفهة بمعقولية , كل هذا للاسف لا تندرج تحت أولياتهم وأهتماماتهم بل قصب السبق لديهم لانجاز الفكرة / المشروع , بل والمفترض أن يكون ذلك هموم القائمين على المؤسسات الادبية والثقافية وفى شتى ضروب الابداع , وتوفير ملف لكل مبدع ملف وأحد فقط لاغير يهتم بأحوالة الوظيفية والمعيشية والسكنية والصحية والترفيهية لمصداقية قول أحدهم قديما , " روح نفسك بالحنؤ اليها لا تكن أنت والزمان عليها " , كل ذلك يوفر بلا منا ولا أزى للمبدع حتى ينتج ويضعنا فى صدارة الاحساس العالمى , هذا كلة بالطبع ماهيئتة الاقدار والظروف وبطريقة أوما للكاتب الروائى الكبير الطيب صالح ليضع بابداعاتة ألادبية أسم ألسودان عاليا خفاقا بين أمم العالم المتمدين .

الجزء الرابع :

أما وفى المقاطع التالية بعد ذلك مباشرة وللخروج من دروب الحكى وفضاءات النص , وأحقاقا للحق فأن الكاتب قد برع فى أختطاف أهتمام القارئ , أختطافا محكما ولارجعة فية البتة ولنلج معة سويا ولقلب الحدث الماثل أوالمشهد المسرحى والتراجيدى الاخير والموجع بحق وحقيقة , والذى لا يختلف حولة أثنان ويهيئنا بالاحرى بعدها للنهايات أو بلوغ النص الزروة , حين يمزج ولا شعوريا بين اللون ثم المعانة التى يعانى منها الفنان , فى أنة جائع بل وكم مهمل يعانى قسوة الجوع والوحدة وربما المرض المزمن ولا يؤانسة أحد , وفى أحسن الاحوال يقاسمة السكن صديق غير مسئول بتاتا صايع وسكير , أى أنة يعيش خارج دائرة أهتمام الناس والمجتمع الذى يعيش من حولة , بل أن القاص يشحننا وبعمق الانتبأة لضربة النهاية أولقلب التراجيديا الموجعة , عندما يقول وبدون أدنى مؤاربة هذة المرة " حل المساء تدريجيا أضاء الكشافين الكبيرين اللتين توفران أضاءة أفقية " , بالطبع فى حرفية ودرامتيكية وحس مسرحى عالى الوتيرة , ومصحوب بالطبع بحركة ومؤثرات ضوئية لتخيل واقع أفتراضى ماثل الان ومهيمن , وفى حبكة وتداعى محبوك ومؤثر بل ويهيئى القأرى فلسفيا وجماليا وكانة يريد أن يقول بثقة وملئ فية , بأنها بالطبع هى ذات الاضاءة الساطعة وحدها والتى يعرفها حتما كل ذى بال , بانها لا تساعد فى دقة الرؤية وتحديد اللون بل وأن اللون نفسة ليس فى السطح والكتلة , وأنما فى العين نفسها وهى التى تلتمع , بل أن الذى حدث بعد ذلك كلة هل كان بالضرورة مجرد خيال فنان محض صادف الحقيقية ؟, أم هو تحديد لمدى الرؤية نفسها أى دقة الرؤية نفسها فى السطح/ الكتلة وغيرهما .
كما أن العمل المجهد والمضنئ فى حد ذاتة والمتصل ليلا ونهارا ولايام وليالى عدة قد خلت , قد فعلت وبالضرورة فعلها المؤثر والحاسم وعجلت مسرعة بمردودها السلبى على حالتة الصحية الماثلة , وأدراكة الحسى لطبيعة المسلمات والاشيئاء , فبالطبع ومع الجوع والارهاق والجهد المزرى لاعصابة حتما قطعا , عجلت بالاسواء بأيصالة لمرحلة التشويش الذهانى المفرط , والذى قد يذهب بعدها بعقل الانسان ويحولة الى شيئ آخر مختلف , ويعبث بالتالى بتصوراتة الواقعية راسا على عقب , ويأتى بالحمى والهزيان بل وعندما دقت الساعة معلنة الواحدة فجرا , كان النسرألاول قد أكتمل للتوة وتم وضع اللمسات الجمالية بالكامل علية , وكما ينبغى أن تكون أو كما هو مخطط لها أصلا , أذن هذا الفنان ينتظم داخل جدول زمنى وخريطة طريق وحس مهنى وفنى عالى لافكاك منة البتة , بل هنا بالطبع تدور بل تمور وفى زهن القأرى أوالمتلقى العديد من ألاسئلة لحالة الغيبوبة الفجائية التى لربما داهمتة فعليا , هل هى نتيجة لوعكة صحية طارئية مثلا ؟ أم هى نوبة قلبية فجائية قاتلة ؟ أم أرتفاع حاد فى ضغط الدم أوداء السكر؟ أم هى أحدى نوبات أمراض العصر المستشرية الفجائية والغامضة , ولكن وللحقيقة المؤسفة أن لا أحد كان هناك , وبالتالى لا أحدا يعلم أو يجزم يقينا ما الذى حدث بالضبط , حال سقوطة وفى اللحظات الاخيرة على الارض مغشيا علية وهو يواجة وحدة سكرات الموت , مع تصميمة الشديدة قبل ذلك كلة على وضع لمسات جمالية غير عادية لبلوغ عملة الماثل لزروة الانجاز والاعجاز الفنى المطلوب , وبلوغ الهدف مهما كلف ذلك من مصاعب وتضحيات وفى ذهنة تلك العين الناقدة لة صباح الغد تماما , والتى تتصيد أخطاء الكبار والتشهير بهم وللة درك , بل هو نفسة تشكك فى عملية أكتمال والتماع عينى ذاك النسر تحديدا ولدرجة توتر أعصابة , وليخيل الية ومن بديع جمالها الان والتماعها أنها بالفعل حية تسعى , ثم وليقول وبملئ فية ولنفسة وهو يخاطرها ويطمئنها أكثر , وبكلمتة الفصل والاخيرة وهو فى كامل الانتبأة والانبهار " أنة الضوء ..؟ " , ومن ثم أضاء وهو لا يبالى بكشافة صغيرة لترسل ضوء أرق وخفيفا وليذهب بعدها فى هدوء مغشيا علية تماما , فى نهاية تراجيدية مفتوحة على كل تأويل وأحتمال , بل أن الكاتب نفسة هنا يضنئ علينا بما الذى جرئ بالضبط بعدها ليترك كل شيئ بعد ذلك لخيال القارى الحصيف والمتابع , ولتأويل بقية الاحداث التالية وبرمتها تباعا , بل وأن التالى نفسة لكل ذلك ما يحير الكل ويحيل الجميع الى نهاية أخرى مفتوحة أيضا ومماثلة , وذلك حينما يسقط فعليا وتخر قواة وبكاملها على أرض صومعتة أو بالاحري فى عرين مرسمة , ليبدأ ربما رحلة نزفة الاخيرة وحيدا وليسكت بالطبع نهائيا عن الكلام المباح وعن الدنيا بأجمعها , وليتبوا مقعدة الآخرالجديد ولتفتقدة هنا وفى لحظة تجلى ما وبدون سابق موعد , زميلة لة أو قريبة نزرت نفسها كمتطوعة وحيدة وأخيرة على ما يبدوا للاهتمام بشأنة , والسؤال عنة وفى عزلتة المجيدة تلك وهى بالضرورة كانت تعرف عنة كل شيئ , بل وربما أفتقدوة فى لحظة ما أو ربما منذ عدة أيام خلت لم يذرهم , بل وهى ربما كانت على علم تأم بتؤعكة المستمر وأمراضة أيضا المزمنة , والتى قد تقعدة تماما وفى أى لحظة أو فى أى يوما ما حقيقة , لكل ذلك أتفقوا على أن يكون معها دائما نسخة من مفتاح المسكن / المرسم لتتفقدة بعد كل حين وآخر , وربما تلك المرة الاخيرة وبمحض الصدفة توجهت لمنزلة وأدارة القفل فجاة , بل ويا لفظاعة وبشاعة ما راءتة لحظتها من منظر تكومة البشع كجثة هامدة مضرجة فى دماء متيبسة , والتى ربما كانت منذ عدة ساعات أولايام عديدة قد خلت لا أحد يعلم يقينا , بل يتولد هنا وللتوة منظرآخر مختلف ولكنة لا يقل فظاعة وبشاعة ورعبا من المشهد الاول ألا وهو منظرأحاطت تلك النسور الجوارح الكواسر من فوقة وهومسجى هكذا على الارض , وبكابوسية أقرب ما تكون ولمفهوم الموت عند فرانز كافكا نفسة , والذى لم يكتب هو الآخر بصدق أبدا الا عن تراجيديا الموت وفى روايتة الخالدة " المسخ " وبشروطة هو وحدها الفلسفية والدينية والمختلف حولها , بل ولم يشعر حتى بموتة أحد كان أنة يحيلنا لذات المصير والذى ربما ينتظر الكثير من المبدعين المنسين والمشتتين باهمال هنا وهناك , والى نهايات مقاربة ومشابهة ومفتوحة هكذا وعلى كل أحتمال وتأويل , بل أن التالى مباشرة لذلك والذى سيدهش بلا شك القارئ وكل أنسان هوذاك التزامن الغرائبى الفريد , والذى ربط فية الكاتب المتمكن حقا لادواتة تلك الصرخة المدوية التى اطلقتها الفتاة وفجاة ومع سرعة أحتشاد الناس وفتح أبواب المسكن أو المرسم عنوة وعلى مصرعيها , ولتدب الروح وبمعجزة لتلك الرسومات والمجثمات وبمناغيرها الصدفية من النسورالكواسر ولتهب وهى الاخرى فزعة ومزعورة بألاحرى من معاقلها فأردة أجنحتها لتحلق هربا وبعيدا , ولعنان السماء الفسيح لتنجوء بجلدها من تهمة المشاركة فى موتة الخطرة حقا والماثلة للعيان ومألاتها لاحقا , بل تنشد الحرية والانعتاق بعيدا ومن كل هذا الاسرالانسانى الظالم وفى كل شيئ , أنة بلا أدنى شك الفعل الميتافيزيقى والذى لم يحدث أساسا والذى لن يخرج من كونة خزعبلات وشطحات خيال جامح لاغير , ولتنفتح أيضا رؤى النص هو ألآخر وعلى أى تأويل جديد يضاف الى سابقاتة وبحرفية حازقة وليختزل الكاتب هنا بعض لمسات لواقعية سحرية أخري ليست لاتينية أو ماركيزية حصرية وأنما وأقعية سحرية سودانية صرفة مبهرة ومحيرة معا , أذا جاز لنا هنا بالذات هذا الاستخدام وبما يحملة من تنظير وأشكاليات جدلية وأسعة ومختلفة التناول .
وهذا لعمرى النهاية المفتوحة على سوال الهوية والوجود نفسة وعلى أى تأويلات سابقة أولاحقة , أنة أبداع محض وليس من فراغ ليتنا نشد من أزر بركة ساكن وندعمة فى غربتة ووحدتة للتفرغ التام لهموم الكتأبة ولا شيئى غيرها , بل لعل فرضية بعدة عن السودان وغربتة والاقامة بعيدا ستمكنة بلا أدنى شك , ليرئ ومن على البعد كل شيئ وبصورة آخرى مغائيرة ووأضحة ومختلفة , أختم كل ذلك وأقول بأن نصة جاء ضاجا بالحضوروالقوة والعنفوان وقمة ما يعرف عند المحدثين بالمكر الحميد فى الكتابة نفسها , وحيث أن النص مصاغ بعناية فائقة ولمسابقة الاذاعة البريطانية البى بى سى تحديدا , فقد جاء ولعمرى بلغة فصحة سليمة ورصينة وهى ليست للقارئ السودانى فحسب وأنما للعربى والعالمى وعلى حدا سواء , كذلك هناك ميزة أخرى تضاف للكاتب وينفرد بها عن غيرة وهو دابة الشديد على أبهارنا بالجديد والمشوق , من المواضيع الشائكة وأنحيازة للتنقيب الدؤوب داخل الذاتية السودانية المتفردة والشديدة الخصوصية وبكل براعة ومسئولية , بل وكرائد سودانى أول لفن كتابة الحياة السرية للشخوص والاشيئاء المنسية من حولنا , وأستكشاف كنها وأبعادها المؤثرة وتناقضاتها وحضورها الكثيف والذى لم يكتشف حتى الان أو يتشكل وبما فية الكفاية , وكطرح ومنجز حضارى وكونى مسكوت عنة كليا , كما أن السؤال الذى يطرح نفسة مجددا ألان وبكل جراءة أين صراحة ألمنتوج الادبى والثقافى مع قلتة وللسودانين فى دول المهجر عامة ؟ , ولكتاب وشعراء ونقاد كثر ومتمكنين أمثال الشاعر والناقد وأستاذ الاجيال فضيلى جماع والاستاذ الشاملة سلمة الشيخ سلامة , والكاتبة السودانية البارعة السيدة ليلى أبوالعلاء وآخرين لا تسعفنى الذاكرة بذكرهم وليتنا نسمع منهم قريبا جدا , وأخيرا ولان الكاتب عبد العزيزبركة ساكن يعتبرعند معجبية ومحبية بصمة خاصة .. ومن طينة خاصة أيضا , فلنا وبمشية اللة تعالى محاولة أخرى للامساك مجددا بأحدى روائعة , ومن جوانب ومنظور آخر مختلف .
تمت ,,,
فتحى عبد العزيز محمد
ماجستير ـ نظم معلومات
سودانى ـ مقيم بجدة
20/ مارس/2015م